سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
معالم شارع المعز"7".. حضارتنا المنسية خلف "أكوام" الإهمال.. مجمع قلاوون وسبيل خسرو باشا ومسجد السلطان برقوق.. الجدران تتآكل والشروخ تهدد بالانهيار.. ومسئولو الأوقاف "غياب"
تتوالى الأيام والعقود، والإهمال يزداد بالآثار المصرية، التي رممها الاحتلال الانجليزي والفرنسي على الرغم من انتهاكاتهم ضد المصريين، ولكن توالت الحكومات التي تهدر تلك الثروات التراثية التي لا يوجد مثيل لها في العالم. وينطبق قول ابن بطوطة حينما زار مصر: "يصنعون الدرر ثم يزيلونها"، فلقد ضايقته أكوام القمامة حول مساجد وأبنية لا يوجد مثلها، فما هو الحال لو أن ابن بطوطة زار مصر الآن؟ ماذا كان سيقول؟ وأثناء جولة " البوابة نيوز" في سبيل وكتاب "خسرو باشا" ولعل الكلمات مبتورة عند تلك النقطة، فالأبواب مغلقة وهناك لافتة معلقة أمامه مكتوب عليها "مغلق للترميم"، لترتفع الآمال برؤية واقع يختلف وصورة أفضل لآثار مصر الفاطمية التي تستحق التقدير من قبل المسئولين والمواطنين أنفسهم، ويحكى أن الوالي العثماني أمر بإنشاء هذا السبيل لاغتنام الثواب والأجور في أيام مولانا السلطان سليمان خان ابن السلطان بايزيد حامد بن عثمان. وأنشئ عام 1535 ميلادي بأمر من الوالي العثماني خسرو باشا ليكون بذلك أول سبيل أنشئ في العصر العثماني، ويقع أمام مجموعة السلطان قلاوون وبالقرب من ضريح الصالح نجم الدين أيوب في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وأحيط بعد ذلك بمعالم أثرية عظيمة تجمع عبق التاريخ بين طياتها. ويتكون السبيل من حجرة مستطيلة تطل على الخارج بشباك السبيل يقابلها في الضلع الجنوبي الشرقي ثلاث مداخل، وفى مقدمة كل شباك من الخارج رف من الرخام يرتكز على ثلاثة كوابيل من الحجر، كان مخصص لوضع "كيزان" الشرب يتوج الواجهتين من أعلى شريط يحتوى على نصّ كتابي، ونقشت على السبيل نصوص تؤرخ تاريخ السبيل. وأثناء الجولة قامت "البوابة نيوز" باختراق مجمع قلاوون والذي زخر القاهرة بالعديد من الآثار الإسلامية التي تحكي عن عظمة تاريخ المسلمين، الذين تقف آثارهم شامخة حيث يقف أمامه المرء مشدوهًا من عظمته، وقد تمثل ذلك في قبابه ومآذنه في أجمل صورة.. تلك الصورة التي أبدعها الفنان المسلم باقتدار وتميز وفاق كل تصور، وبقيت آثارهم علامات بارزة وضاءة وسجلت أسماؤهم بأحرف من نور في تاريخنا الإسلامي وأبلغ مثال على ذلك مجموعة السلطان قلاوون وتعد أعظم المنشآت المملوكية الباقية والتي تضم مدرسة ومدفنًا وسبيلًا وبيمارستان وألحق بها ثلاثة حمامات، كل هذا مجمع حول عصب رئيسي واحد عبارة عن ممر مسقوف بسقف خشبي، وتم بناؤها في أقل من عامين فقط، وتنسب هذه المجموعة إلى السلطان منصور سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي، واستغرق بناء هذه المجموعة أربعة عشر شهرًا فقط، لكن من هو السلطان قلاوون صاحب هذه المجموعة المعمارية ذات الفن الإسلامي. ولكن الإهمال لم يترك هذه المدارس دون أن يفترش في جزء منها، فاستطاعت الرطوبة وغياب عمليات الترميم عنها إلى تآكل الجدران وتعريتها من الطلاء، فضلا عن أن بعض البلاطات الرخامية سقطت والجدران زحفت عليها خيوط العنكبوت في مشهد يندى له الجبين ولا يناسب عراقة الفاطمية. وبدخول "البوابة نيوز" إلى مسجد السلطان برقوق ليقف بنا التاريخ امام هذا المسجد، فالسلطان إذا عاد ورأى ما لحقته الحضارة الحديثة من "بلاطات" رخامية مكسورة وملقاة عند أحد أركان الجامع فضلا عن الجدران الخشبية التي لا تناسب تلك الصورة هذا بخلاف السلالم التي اكتنفها العطب ودهست تحت أقدام الواقع لن يرتضيه الوضع إطلاقا. ويروي التاريخ أن المسجد بني على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، فهو مكون من صحن مربع مكشوف تحيط به أربعة أيونات أكبرها إيوان القبلة، وتقع مئذنة المسجد في الجانب البحري من الواجهة كما يضم المسجد غرفتي دفن الأولى دفن بها جثماني السلطان برقوق وولده السلطان الناصر فرج بن برقوق، بينما تضم غرفة الدفن الأخرى رفات ثلاث نساء من أسرة الظاهر برقوق، وبه سبيلان: واحد عند الحافة الشمالية، والآخر عند الحافة الجنوبية، وبمجرد خروجك من المسجد ستجد برك من المياه، ورطوبة التهمت الجداران من الخارج لتتركها عارية تماما من أي طلاء. قال سمارات حافظ، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار سابقا، إنه يحمل وزارة الأوقاف المسئولية كاملة عن هذا الإهمال، مشيرا إلى أن مسئولي الوزارة لا يقومون بدورهم على أكمل وجه، وأنهم اختاروا الصمت كبديل لما يحدث من سرقات في المساجد التاريخية وإهمال لتلك الكنوز الأثرية. وفجر "حافظ" مفاجأة بتأكيده على أن موظفي وزارة الأوقاف يسلمون مفاتيح الأماكن الأثرية لأشخاص غير مسئولين من السكان الذين يسكنون بالقرب من تلك المساجد ليفتحوها في أوقات الإجازات التي يغيب فيها الموظفون، لافتا أن مثل هذه التصرفات أمور تحتاج إلى التحقيق الفوري. كما حمل رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بهيئة الآثار، المسئولية عن ذلك أيضا لوزارة الآثار لأنها لم تقم بواجبها كما ينبغي، فالتفتيش والمراقبة غائبان في كثير من الأحيان، مرجعا السبب في هذا الوضع الذي تتعرض فيه هذه الآثار للنهب والسرقة إلى عدم التنسيق بين الوزارتين حيث تتولي الآثار ترميم وتنظيف الأماكن بينما تتحمل الأوقاف الرواتب. وشدد على ضرورة إيجاد صيغة يتم الاتفاق عليها بين المؤسسات المعنية تهدف لتوعية المواطنين وتعريفهم بقيمة الأثر، وعدم تركها عرضة للإتلاف أو السرقة. ومن جانبه أوضح حسام ماضي الأمين العام لاتحاد الأثريين المصريين والباحث في شئون الآثار الإسلامية والقبطية، أن الانتهاكات التي تتعرض لها الآثار الإسلامية بسبب مشكلة تشتت الإشراف على المساجد الأثرية ما بين وزارتي الآثار والأوقاف، مشددا على ضرورة العمل على حلها فورا، محذرا أن المتضرر الوحيد في ذلك الوضع هو الكنوز الأثرية الإسلامية.