تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول ما إذا كان قرار التسعيرة الجبرية الذي اتخذته الحكومة من الصعب تطبيقه، فضلًا عن أنه سيؤدي إلى نتائج عكسية نتيجة تحدي التجار بانتشار السوق السوداء؛ لأن الدولة لا تمتلك كل وسائل الإنتاج، وعلى الجانب الآخر يتساءل التجار عن أسباب فرض تسعيرة جبرية دون بحث من قبل الدولة عن الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الأسعار والتي على رأسها ارتفاع تكاليف النقل. وأكد هلال عفيفي، مسئول التسعير بجهاز سوق العبور، أن اقتراح وزير التموين والتجارة الداخلية اللواء “,” “,” محمد أبوشادي، بفرض تسعيرة جبرية على الخضراوات والفاكهة أمر صعب تطبيقه وكان الأولى أن يتم ذلك من خلال بورصة للأسعار كما كان الاتحاد العام للغرف التجارية مقترحًا منذ عام بإنشاء بورصة سلعية بكل محافظة. وأضاف عفيفي، أن عملية فرض تسعيرة جبرية تتبع النظام الاشتراكي وليس اقتصاد السوق الحر الذي يعتمد على عملية حرية التداول وحرية العرض والطلب، بالإضافة الى أن الخضراوات والفاكهة لها طبيعة خاصة من ناحية عملية الزراعة التي يقوم بها الفلاحون، فمن الجائز أن يكون هناك نقص في زراعة سلعة معينة، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة أسعارها. واقترح عفيفي، أن يكون هناك قرار بتحديد هامش الربح لتجار التجزئة والجملة بدلا من التسعيرة الجبرية، الأمر الذي لا يعد مخالفًا للقوانين الاقتصادية الدولية الخاصة باقتصاديات السوق الحر، بالإضافة الى الحد من عملية زيادة الأسعار. “,” “,” وقال الخبير الاقتصادي مختار الشريف، إن هناك تحديات عديدة ستواجه الحكومة إزاء تطبيق قرار فرض التسعيرة الجبرية على الخضراوات والفاكهة والتي على رأسها احتكار التجار للسلع ومحاولة إخفائها مما قد يخلق سوقًا سوداء في وقت عجزت الحكومة عن ضخ المزيد من السلع في الأسواق لأنها لا تملك ذلك. وأضاف أنه على الحكومة محاولة دراسة الأسباب الحقيقية وراء ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وعليها عرض بدائل في حالة فشل محاولاتها تطبيق فرض تسعيرة جبرية. ويستكمل علي شاكر، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قائلا: إن القرار جاء موفقًا من قبل الحكومة خاصة مع قدوم عيد الأضحى ومحاولة فرض التجار أسعار جنونية على السلع، مشيرًا إلى أن الحكومة استهدفت بذلك تحقيق العدالة الاجتماعية التي نادت بها ثورة يناير إلا أنه يخشى من فشل التجربة. “,” “,” وأشار الدكتور عبدالحليم عمر، رئيس مركز الاقتصاد الإسلامي، إلى أنه كان يجب على الحكومة دراسة أسباب ارتفاع الأسعار مع التجار حتى لا يكونوا عائقًا أمامها في تنفيذ القرار بدلا من تجاهل مشاكلهم، مضيفًا: كان لابد من طرح سلع مدعمة من قبل الحكومة في منافذ المجمعات الاستهلاكية كجزء من تحقيق الهدف بدلا من الاعتماد على السوق في توفير السلع بالسعر التي تفرضه، ويتساءل: ما هي الضمانات التي تضعها الدولة في اعتبارها بأن التجار سوف ينصاعون لذلك، مؤكدًا أنها مخاطرة على المستهلك في وقت قدوم عيد الأضحى. ويقول الخبير الاقتصادي سيد رجب، إن فرض التسعيرة الجبرية ليس الحل الأمثل لخفض الأسعار في ظل نظام قائم على العرض والطلب، لأن الدولة لا تملك كل وسائل الإنتاج حتى تتحكم في السوق ولذا عليها بالمصالحة مع التجار وأيضًا مع أماكن الإنتاج وتفهم مشاكلهم حتى لا نتعرض إلى سوق سوداء، وبعد اتفاق كل الأطراف يُحدد السعر مع مراعاة البعد الاجتماعي. “,” “,” ومن جانبه، يرى د. صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، أن فرض التسعيرة الجبرية، أمر مقبول ومفيد للمواطن ولتوازن السوق خلال الفترة الحالية على أن يتم تطبيقه لفترة مؤقتة، ثم العودة بعد ذلك لنظام السوق الحر. وأضاف أن الحكومة اضطرت لاتخاذ قرار فرض التسعيرة الجبرية كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل جنوني خلال الفترة الأخيرة، خاصة أسعار الفاكهة والخضراوات، مما يشكل عبئًا على المستهلك المصري، لافتًا إلى أن الحكومة استهدفت من هذا القرار التخفيف عن كاهل محدودي الدخل، كخطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، التي استهدفتها حكومة الببلاوي الحالية. وأكد جودة، على ضرورة أن توقف الحكومة العمل بهذا القرار، فور توافر السلع بالأسواق، وترك معيار تحديد الأسعار وفقًا لقانون العرض والطلب. وأوضح احمد عباس، رئيس قطاع التجارة الداخلية، ان التسعيرة الجبرية لاقت اهتمامًا كبيرًا في محافظات الأقاليم بينما سيتم ضبطها في القاهرة الكبرى من خلال الحملات المكثفة لمفتشي الرقابة، مشيرا الى ان فرض التسعيرة الجبرية لا يتعارض مع آلية السوق، كما ادعى التجار، بينما تقوم على احترام العرض والطلب والهدف منها تنظيم عملية الربح، ومنع استغلال بعض التجار، مؤكدًا أن التسعير سيكون على أجود الأصناف في السلعة وأن الوزارة لاحظت ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار دون أسباب خلال الاسابيع الماضية، مما أدى لفرض التسعيرة وأن السوق المصرية بحاجة ماسة لهذا القرار في الوقت الحالي شريطة أن يكون لأجل قصير.