كان الخبر صادما، خمسة وأربعون شهيدا سقطوا من ساحة الشرف، كانوا يدافعون عن الأمة وأمنها القومي، استشهدوا فى قصف لمخزن الأسلحة على أرض اليمن، اهتزت الضمائر، ساد الحزن قيادة وشعب الإمارات، لكن العزيمة كانت أقوي، والإيمان بالرسالة خفف من حجم الألم والمعاناة. لم يكن هؤلاء فقط هم شهداء الإمارات ضمن التحالف العربى لإعادة الأمل، بل سبقهم قبل ذلك عدد من المقاتلين الذين سالت دماؤهم وهم يحررون الأرض اليمنية الطاهرة ممن حاولوا اختطافها وارتهانها لصالح قوى تريد فرض الهيمنة والسيطرة على الأمة ومقدراتها. لم يكن الموقف القومى لدولة الإمارات جديدا، فالشيخ زايد رحمة الله عليه هو صاحب مقولة «النفط العربى ليس أغلى من الدم العربي». كثيرة هى مواقف الإمارات العروبية وكان موقفها فى مواجهة الإرهاب والسعى إلى مقاومته بكل السبل خارج الأرض الإماراتية هو من أهم أهداف الدولة وقواتها المسلحة، ونخبتها الفكرية والقيادية. وكان التزام الإمارات بالموقف القومى والتبعات الناجمة عن ذلك يجعلها دوما تدفع الثمن وهى على يقين أن دفاعها عن الأمة هو دفاع عن الإمارات شعبا ودولة، وأن مواجهة الهيمنة الإيرانية والاستعمارية هو من صميم مفردات الأمن القومى وضروراته. وقد أكد الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال تلقى واجب العزاء فى شهداء الدولة مؤخرا «أن الإمارات ماضية فى مقدمة التحالف العربى بجانب السعودية فى الدفاع عن اليمن والمنطقة العربية حتى يعود الأمن والاستقرار». وقال «إن بلاده ثابتة فى نهجها الأصيل بمد يد العون والمساعدة لنصرة القضايا العربية وصون الأمن القومى والخليجى وشدد على أن مثل هذه الأحداث لن تثنى الإمارات عن القيام بواجبها بل ستزيدها إصرارا وعزيمة وقوة لتحقيق الأهداف الأمنية والإنسانية فى المنطقة». «لم يكن هذا العزم والإصرار قاصرا على خطاب القيادة وإيمانها ولكنه كان أيضا لغة الشارع بكافة طوائفه المختلفة». صحيح أن الجرح غائر لكن الإيمان أقوى والعزيمة أشد وسوف يخلد التاريخ أن أبناء الشيخ زايد وهم جميع حكام الإمارات وشعبها ضربوا وسيضربون المثل والفداء وأنهم قدموا خيرة أبنائهم فدائا للأمن وأمنها واستقرارها بكل شجاعة وإيمان.