يكتفي فلورينتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد بالرد على منتقدي سياسته القائمة على شراء نجوم كرة القدم المتميزين بأرقام فلكية يقترب ثمنها من ثمن الطائرات المدنية العملاقة بالقول بأن اللاعبين متوسطي المستوى هم الذين يمثلون عبئا على ميزانيات الأندية في حين أن اللاعبين المتميزين “,”السوبر ستار “,” هم الذين يكتبون تاريخ الأندية و يرتقون بقامتها و يؤمنون شهرتها و ثراءها الاقتصادي . فمنذ أن تولى فلورينتينو رئاسة ريال مدريد في عام 2000 فإنه لم يتوقف عن توجيه الصدمات للعالم من خلال عقد صفقات خيالية بدأها بشراء زين الدين زيدان نجم فرنسا الأسطوري بنحو ( 75 مليون يورو ) مرورا بالبرتغالي كريستيانو رونالدو ( 80 مليون يورو ) و أخيرا بلاعب ويلز جاريث بال (100 مليون يورو ( وفي واقع الأمر فأن فلورينتينو لم يبتدع سياسة غريبة على نادي ريال مدريد الملقب بالنادي الملكي بل أنه ينتهج نفس استراتيجية رئيس النادي الأسطوري سانتياجو برنابيو الذي رفع من قامة ريال مدريد في الخمسينات من القرن الماضي ليجعله أشهر و أغنى نادي في العالم بفضل شراء مجموعة منتقاة من النجوم العالميين من أمثال دي ستفانو الأرجنتيني و بوشكاش المجري و كوبا الفرنسي . فالتاريخ يقول أن سانتياجو بيرنابيو (1895-1978 ) سبق عصره بالفعل فلم تثمر سياسته عن فوز الريال بأول خمس بطولات لدوري الأبطال الأوروبي “,” التشامبيونز ليج “,” فضلا عن 16 بطولة دوري عام فحسب بل أنه كان أول من استغل شهرة وشعبية نجوم النادي في تعظيم عائداته فبادر بتلبية رغبة عشاق كرة القدم حول العالم في التمتع بفن نجوم الريال من خلال جولات استعراضية وصلت إلى أقصى أمريكاالجنوبية في بيونيس أيرس مرورا بنيويورك و القاهرة و معظم العواصم الأوروبية . فبفضل استغلال شهرة و نجومية هؤلاء اللاعبين المتميزين تمكن بيرنابيو خلال فترة رئاسته التي استمرت 35 عاما من بناء استاد عظيم يحمل اليوم اسمه “,” سانتياجو بيرنابيو “,” لينال هذا الإستاد شرف استضافة العديد من البطولات العالمية أشهرها المباراة النهائية للتشامبيونز ليج أعوام (1957 -1969 -1980 -2010)و نهائي يورو 1964 و نهائي كأس العالم 1982 . وبعيدا عن الجدل المثار حاليا بشأن ما إذا كان جاريث بال يساوي المئة مليون يورو التي دفعت فيه أم لا فإن فلورينتينو استهدف من وراء شراء جاريث بال تحقيق المزيد من “,” فائض القيمة الرياضية “,” لريال مدريد فضلا عن تحفيز السياسة التسويقية للعلامة التجارية للنادي في بريطانيا على وجه الخصوص . فعندما اشترى فلورينتينو النجم الإنجليزي ديفيد بيكهام في عام 2003 بنحو 38 مليون يورو رد فلورينتينو على منتقديه بالقول بأن صفقة بيكهام ستصدر العلامة التجارية للريال إلى مناطق يتمتع فيها بيكهام بشعبية جارفة لا سيما في منطقة جنوب شرق آسيا . و يندرج شراء جاريث بال في إطار نفس الاستراتيجية فجاريث بال البريطاني الذي يتحدث اللغة الإنجليزية سيرفع من قيمة العلامة التجارية للنادي الملكي في منطقة تعشق كرة القدم ويشاهد معظم سكانها البطولات العالمية ولا أدل على ذلك من أن بطولة “,” البريمير ليج “,” أو الدوري البريطاني أصبح اليوم أغنى بطولة دوري في العالم بأرباح بلغت نحو 9ر2 مليار يورو . ويدافع فلورينتينو عن صفقة جاريث بال قائلا “,” صفقة بال سيكون لها مردود إيجابي في مجال النهوض بتسويق العلامة التجارية للنادي و التجارب السابقة أثبتت نجاح هذه السياسة “,”. وفي واقع الأمر فإن لائحة ريال مدريد التي تمنعه من قبول الاستثمارات الخارجية و تجبره بالاكتفاء باستثمارات ملاكه المحليين و البالغ عددهم نحو 80 ألف عضو هي التي دفعته لسياسته القائمة على الترويج لعلامته التجارية من خلال ضم النجوم المتميزين بغض النظر عن جنسياتهم .فالأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل تقول أن الجانب الأكبر من عائدات النادي التي تخطت عام 2012 حاجز ال 500 مليون يورو بنحو 20 مليون يورو تمولها أساسا عمليات بيع التذاكر و حقوق البث التلفزيوني و التسويق لا سيما بيع فانلات اللاعبين و جميعها عوامل مرتبطة بشكل مباشر بشهرة النجوم و شعبيتهم في إسبانيا و العالم . وبفضل هذه السياسة أصبح ريال مدريد أغنى نادي في العالم و تراجعت ديونه إلى أقل نسبة ممكنة فيما لم تعد تمثل رواتب العاملين بالنادي إلا نسبة 50 في المائة فقط من إجمالي عائداته وهو ما يضعه بملاذ عن أي عقوبة ينص عليها قانون “,” اللعب المالي النظيف “,” الذي يتبعه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “,” يويفا “,” و الذي يحظر على أي نادي شراء لاعبين من خارج ميزانيته . ولذلك فقد علق ميشيل بلاتيني رئيس اليويفا على صفقة جاريث بال قائلا “,”طالما يمتلك النادي الملكي إمكانية شراء اللاعب من ميزانيته الخاصة فلا غضاضة في ذلك فالشراء من العائدات الخاصة هو قمة احترام قانون اللعب المالي النظيف “,” . / أ ش أ /