"الخيامية".. قد لا يعرف الكثيرون معنى تلك الكلمة أو مدلولها، رغم أن المصريين من رواد هذا الفن، ومصر واحدة من أبرز الدول في تلك الصناعة التي تفنن فيها الصانع المصري ليبهر العالم أجمع بفن تطريز القماش بالقماش، وأمام باب زويلة بالقرب من منطقة "تحت الربع" يقع شارع الخيامية وهو أحد أشهر أسواق القاهرة المسقوفة والذي يقع على امتداد شارع المعز وقد سمى بهذا الاسم نسبة لتلك الحرفة، فما أن تدخل ذلك الشارع حتى تجد على جانبيه مجموعة من الورش التي تخصصت في هذا النوع من التراث الفني العريق. قديمًا كانت هناك طقوس خاصة لاعتماد أي حرفي خيامي جديد ينضم لتلك الطائفة، حيث كان يتم اجتماع الخيامية وشيخهم لرؤية وفحص أعمال الخيامي الجديد، فإذا كانت على المستوى المطلوب يقيم الحرفي مأدبة اعتماد لجميع الخيامية للاحتفال بانضمامه للمهنة، أما حاليًا فدخول المهنة يتم بشكل تلقائي بعد تعلمها. ومنذ نحو 10 سنوات، بدأ امتزاج تلك الحرفة الأصيلة بتقاليد رمضان، حيث شرع أهل هذا الفن بإدخال فوانيس مكسية بأقمشة الخيامية. "البوابة نيوز" تجولت داخل شارع الخيامية بالحسين للتعرف من الباعة والجمهور عن "فانوس الخيامية 2015". في جو مليء بروائح الزمن الجميل لقاهرة المعز، يتحدث الحاج واصف عبدالنبي، 72 سنة، أحد أصحاب ورش الخيامية، والذي يقول: أمارس تلك المهنة منذ أن كنت في الرابعة عشرة من عمري، حيث كان هذا الشارع أشبه ب "المتحف" وليس مجرد شارع للخيامية، فكنا نمزج الأقمشة ويجلس الصنايعي يعيد ويزيد حتى يخرج لوحة فنية متقنة، وكان شهر رمضان يأتي إلينا لنبدأ في صناعة الزينة الرمضانية والفوانيس، ولكننا لم نكن نهتم بالفوانيس، لأن الناس كانت تفضل الفوانيس "الصاج" التي تحوي الشمعة بداخلها، ولكن بعد التطور الفظيع في التكنولوجيا ودخول الماكينات والكمبيوتر أصبح كل شيء ممكن، وأصبح الفانوس للزينة فقط، وليس للعب العيال كما كان في السابق، وبالتالي كل شيء أصبح ممكنا. وعلى الجانب الآخر من الشارع نفسه، تجد الأسطى رفاعي الزين، 55 سنة، والذي يقول: فانوس الخيامية بدأ ينتشر بشكل كبير في السنوات الماضية، خصوصا بعد أن أقرت الحكومة منع استيراد الفوانيس، فالأسعار هنا تبدأ من 20 جنيها، وهو سعر مناسب لأسعار السوق، كما أن فانوس الخيامية لا يموت بعد رمضان، ولا يحتاج إلى بطاريات، ولكنه قيمة جمالية تضيفها إلى بيتك قبل أن تكون أي شيء آخر. وعن التطور في تصميم فانوس الخيامية يقول محمود عارف، 35 سنة، الفانوس منتج أول وأخير، وكل المنتجات تخضع للتطوير والتحديث وإلا اندثرت وأصبحت طي النسيان، ولذلك نحن الآن نطور كل عام التصميمات، وهذا العام مثلًا حاولنا إدخال الأواني النارية بجانب بعض الرتوش الزرقاء، بدلًا من التصميمات العادية، بخلاف أننا بدأنا في استخدام خامات لا تتأثر بالحرارة لتركيب لمبة صغيرة داخل الفانوس، وبدأنا أيضًا باستخدام البوص المقوى حتى نخفف من وزن الفوانيس الكبيرة التي تعلق على الحبال في الشوارع، وكل شيء من أجل الفرحة ولكنها فرحة فنية مصرية أصيلة.