تراجع كبير في أسعار الحديد اليوم بسوق مواد البناء.. «بكم الطن النهاردة»    وزيرة البيئة: البطل الرئيسي في نجاح منظومة إدارة المخلفات هم عمال النظافة    حادث مروحية الرئيس الإيراني.. متسلقو الجبال يساعدون فرق الإنقاذ في عملية البحث    نداي في هجوم الزمالك أمام نهضة بركان    نشوب حريق في منزل مكون من 5 طوابق بشبرا الخيمة    توافد كبير للزائرين المصريين بمتاحف الآثار في يومها العالمي    الأربعاء.. مراسم دندرة للرسم والتصوير في معرض فني لقصور الثقافة بالهناجر    المنظمات الأهلية الفلسطينية تؤكد أهمية دور مصر الرائد فى دعم الفلسطينيين    فياريال ضد الريال.. خوسيلو يقود هجوم الميرنجى فى ختام الدورى الإسبانى    البحرية الأوكرانية تعلن عن إغراق كاسحة الألغام الروسية كوفروفيتس    ليفربول يحتفل بوصول محمد صلاح ل250 مباراة فى الدورى الإنجليزى    نماذج إجابة امتحان العلوم الصف الثالث الإعدادي محافظة القليوبية 2024 .. اعرف الإجابات    حقوق الإنسان بالبرلمان تناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية بالخطاب الديني    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    سرقة جواهرجي شهير بالهرم على يد 3 سيدات ورجل    تفاصيل تأجير شقق الإسكان الاجتماعي المغلقة 2024    جامعة العريش تشارك في اللقاء السنوي لوحدة مناهضة العنف ضد المرأة ببورسعيد    هشام عبدالخالق يكشف كواليس فيلم «اللعب مع العيال».. تفاصيل بالصور    قصف مدفعي.. مراسل القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسع عملياته العسكرية شمال غزة    وزير الصحة: الإرادة السياسية القوية حققت حلم المصريين في منظومة التغطية الصحية الشاملة    الكشف على 927 مواطنا خلال قافلة جامعة المنصورة المتكاملة بحلايب وشلاتين    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب يوفنتوس بعد نهاية عقده    تحذير ل5 فئات من متحور «flirt» الجديد.. مضاعفات خطيرة    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    ميسرة صلاح الدين: الشعر كائن عنيد ومتمرد    الأربعاء.. عرض فيلمي «فن القلة» و«فن العرايس» بمركز الثقافة السينمائية    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    ما هو الحكم في إدخار لحوم الأضاحي وتوزيعها على مدار العام؟    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    محافظ قنا: تمويل 2144 مشروعا صغيرا ومتناهي الصغر ب102 مليون جنيه    نصائح وزارة الصحة لمواجهة موجة الطقس الحار    محافظ الدقهلية يتابع الموقف التنفيذي لأعمال ممشى السنبلاوين الجديد    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    بعد خصام 8 سنوات.. رسائل متبادلة بين هنا الزاهد وشيماء سيف    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    رئيس هيئة الدواء يشارك في احتفالية إنجازات المرحلة الأولى من التأمين الصحي الشامل    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    بالصور.. كواليس آخر أيام تصوير فيلم "اللعب مع العيال"    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    استاد القاهرة : هناك تجهيزات خاصة لنهائي الكونفدرالية    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت الأحمر.. عمليات اغتيال المصريين بالمواد السرطانية
نشر في البوابة يوم 29 - 04 - 2015

أول أكسيد الكربون ينتج من أفران الحديد والكروم من مكونات الأسمنت وكلاهما قاتل
هانى الناظر: تراب المصانع يصيب العاملين بأكزيما التلامس والسرطان وتحجر الرئة
خبراء: استخدام الفحم بمصانع الأسمنت «قنبلة موقوتة» إذا لم تطبق الاشتراطات الصحية الآمنة
هل تقتصر أسباب موت المصريين على سقوط مساكنهم فوق رءوسهم؟ بالطبع لا.. فهناك أكثر من طريقة للموت بل أكثر من سبب كلها تمت مناقشتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما نشرناه في الحلقة الأولى من هذا التحقيق، الذي استقصينا فيه عن سر خلطة الأسمنت، التي تعتبر البطل فيما نحن بصدده في التحقيق في وجهه الأعم، حيث أسرار موت المصريين وفقدانهم لحيواتهم، سواء اتصلت بالخلطة كلها أو ببعض المواد التي تدخل في صناعتها، وأهمها الحديد والأسمنت، وكلتاهما تحمل الموت السريع للمواطن حيثما كان، بدءا من المشاركة في عملية تصنيعها، وانتهاء بالسكنى بين جدران تصل المواطن بأسباب الموت، خاصة إذا كانت العمارة حديثة البناء.
لا تزال حركة التمازج الكيماوى بين عناصر الخلطة في أشد مراحلها قبيل الخمود التام، الذي لا يحدث إلا إذا اقتحم السرطان، وما هو على شاكلته من أمراض فتاكة لأجساد السكان، إلا أننا اكتشفنا أيضًا عبر الدراسات العلمية وآراء الخبراء، أن ما يتسبب في تلك الأمراض، تحصل عليه الشركات المنتجة للموت مدعومًا من الحكومات المتعاقبة، التي كان مفترضا عليها الحفاظ على أرواح رعاياها، بدلا من الاستدانة أو طلب التبرع لعلاجهم بعد أن أمرضهم من ترعاهم الحكومة ذاتها!.
مع تزايد حالات الإصابة بهذا المرض الفتاك ووصولها في بعض الإحصائيات إلى ما يقرب من 150 ألف مصاب سنويا، طبقًا لإحصائيات السجل القومى للأورام، وكذلك اعتراف وزير الصحة د. عادل العدوى باحتياج الدولة لنحو 3 مليارات جنيه سنويا لعلاج مرضى السرطان، تكشف «البوابة» واحدا من مسببات المرض التي تستقر داخل مصانع الأسمنت، وهى مادة الكروم، التي تجعل ببساطة هذه الصناعة ضمن مسببات المرض الخبيث، وخطرًا يهدد حياة المصريين، وفقًا لما أكدته الدراسات العلمية التي أجريت بتوصيات من وكالة حماية البيئة الأمريكية، التي ذكرت أن مادة الكروم الموجودة في «تراب» أفران مصانع الأسمنت مادة سرطانية، إذا ما وجدت بكميات أكثر من الحد المعيارى، المطلوب عالميا أو محليا، واعتبرت معدن الكروم وبعض المواد الثقيلة سرطانية، كذلك يأتى ناتج احتراق الفحم كمسبب لما يسمى بالموت الأحمر، ففى حالة عدم اتباع اشتراطات الأمان المطلوبة، والتدخل البشرى بأي صورة، تبرز أعراض المرض الناتج من تشبع جسم المصاب من غاز أول أكسيد الكربون.
ثم تأتى كارثة عدم مطابقة إنتاج مصانع الأسمنت للمواصفات القياسية المصرية أو العالمية، باتباعها طريقة زيادة نسبة الكروم، المصنوع من الحجر الجيرى والطفلة لأكثر من 7٪، لتصبح سببًا للأمراض الخطيرة التي تصيب العمال، التي قد تصل للإصابة بالسرطان، وفقًا لما ذكره الدكتور سلمان الحملى، الأستاذ بقسم الأسمنت بالمركز القومى للبحوث، رغم امتلاك الشركات نفسها لمصانع في أوربا، وهى لا تجرؤ على مخالفة الأنظمة الأوربية بمواصفتها القياسية، فيما لا تتبع المصانع البالغ عددها 23 مصنعا في مصر الاشتراطات الأمنية التي تؤمن سلامة العاملين أو سكان المناطق المجاورة لها.
ما سبق يتطابق مع الدراسات العلمية الحديثة، الصادرة عن المركز القومى للبحوث، التي ذكرت بأن ما ينتج عن ال23 مصنعا للأسمنت، يعد أخطر الملوثات البيئية مثل «الكروم والزنك والنيكل والرصاص والزرنيخ والكادميوم»، الناتجة من تراب الأفران، كما ذكرت بأن عنصر الكروم هو الأكثر خطورة والأعلى تركيزا في أفران المصانع الثلاثة، التي جرت عليها الدراسة وهى «مصانع بورتلاند حلوان والقومية وأسمنت طرة» وكلها تسبب الإصابة بالسرطان، ذلك ما أكده الدكتور ياسر حسن إبراهيم، رئيس قسم تلوث بحوث الهواء بالمركز القومى للبحوث ذاكرًا خطورة الكروم الذي يتسبب في حالات الإصابة بالسرطان، إذا كان غير متحد مع عناصر أخرى، أو غير مشبع لأنه في حالة اتحاده مع عناصر أخرى تعمل على وقف نشاطه، لكن تكمن الخطورة في الكروم الثلاثى والسداسى، الذي يتفاعل مع العناصر المغايرة ويصيب بحالات التسمم، وإصابة العاملين بالمصانع بالالتهابات الجلدية، التي تبدأ بظهور فقاعات مائية مع حرقان وهرش شديد، قد يصل لتقرحات جلدية، في حالة زيادة بكتيريا الأسمنت، خاصة في الخلطات الخرسانية، التي تصيب الجلد ويكون لها تأثير حارق قد يصل للسرطان، وفقًا لما ذكرة الدكتور هانى الناظر، أستاذ الأمراض الجلدية، رئيس المركز القومى للبحوث سابقا، مضيفا: «يتسبب الأسمنت في حدوث أكزيما التلامس الحادة والمزمنة، خاصة أن العاملين في مصر لا يستخدمون أي عوامل أمان صناعى من بدل أو قفازات، رغم تسبب تراب مصانع الأسمنت الذي تزيد فيه نسبة الكروم، والملوثات العالقة في تحجر وسرطان الرئة».
ويقول أيضا: «أما مسألة استخدام الفحم كطاقة بديلة لمصانع الأسمنت، فتمثل «قنبلة موقوتة» إذا ما لم تتبع وسائل التحكم الآمنة والتكنولوجيا المناسبة، على حسب الفحم المستورد سواء «الصينى والألمانى»، ويحذر من تدخل العنصر البشرى لأن احتراق الفحم ينتج عنه أول أكسيد الكربون، الذي يصيب ب«الموت الأحمر»، لأنه يتفاعل مباشرة مع الدم ويصيب بحالة تشبع تام للجسم، بهذا الغاز الذي يؤدى لموت الشخص فورًا، وقد يسبب «الرصاص» لين عظام للأطفال وتكثر حالات الإصابة في الصناعات الثقيلة المتربة «حديد وصلب وأسمنت وسيراميك».
فيما يقول الدكتور خالد يسرى، نائب رئيس المركز القومى لبحوث الإسكان ردًا على تساؤلنا عن جودة الأسمنت المصرى: «إن الهيئة العامة للمواصفات والجودة تشرف على معايير ومواصفات الأسمنت المنتج من المصانع ولكن تختلف نوعية التربة بما فيها من الكبريتات والكلوريدات، التي تختلف من تربة لأخرى عن طريق تحديد كمية الخلطة الخرسانية، لعمل القواعد والأساسات ويتم أخذ العينات للإشراف عليها، كما أكد بأنه تمت مخاطبة كليات الطب بالجامعات للوصول إلى النسبة التي لا تؤثر بالسلب على حياة العاملين دون أن يذكرها أو الإدلاء بتصريح حول الوصول للحل المناسب، حاليا يتم عمل كود مصرى تراعى فيه هذه النسبة.
مفارقات حكومية
الغريب أن دعم الدولة لهذه الصناعات، يأتى كأنها تدعم بنفسها ما يُمرض رعاياها، دون أن تراقب أو تعلى من شأن الثروة التي تبيعها، فلا هي حصلت على مكافئ رقمى من المال، يوفر لها القدرة على تلافى الآثار الجانبية لهذه الصناعة، ولا هي راقبت معايير الأمان التي يمكنها تقليل العائد الأسود للمتعاملين معها داخل المصانع أو البيوت، لذا فإن عرض المفارقة التي تحدث في كواليس هذه الصناعة يصبح واجبًا لتبيان الجانب الحكومى في هذه المسألة بدءًا من المادة الخام من الحجر الجيرى، وصولا لإذعانها بالموافقة على استخدام الفحم.
وهنا يقول الدكتور يحيى القزاز، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان: «صناعة الأسمنت في مصر يجب أن تكون أرخص المنتجات، حيث يدخل في مكوناتها الحجر الجيرى بنسبة 76٪ وتحصل عليه الشركات بسعر 15 مليما للطن طبقا لقانون 86 لعام 1956م، كما أن مكوناته هي «الطفلة - الجبس - الرملة - الدولمايت» تدخل في صناعة الأسمنت بنسبة 3 أطنان حجر جيرى لإنتاج طن واحد أسمنت، بتكلفة 4.5 قرش، وبقية ال24٪ لاستكمال الإنتاج في حدود 20 قرشا، ونستنتج أن الكمية المطلوبة لخامات صناعة الأسمنت لا تتجاوز طبقا للقانون 50 قرشا، إضافة للطاقة المدعومة، رغم إمكانية استخدام الطاقة البديلة أو إعادة تدوير المخلفات، ومن هنا نكتشف أن صناعة طن الأسمنت في مصر لا تتجاوز ال180 جنيهًا رغم أنه متداول في سوقنا ب800 جنيه».
ويضيف القزاز: «كان لزاما على الدولة طالما هناك أزمة طاقة، بدلا من استخدام الفحم أن تفتح باب الاستيراد الذي يوفر طن الأسمنت بأقل من 400 جنيه، وطن الحديد بأقل من 5 آلاف جنيه، لتيسير صناعة البناء وتقليل تكلفة السكن للشباب، كما حدث في السودان عندما رفض التجار الجشعون خفض أسعار هذه الصناعات، فقامت الدولة بالاستيراد حفاظًا على المواطنين»، وأضاف: «القانون رقم 86 يهدر مليارات الجنيهات على الدولة، ويؤجر المناجم بأسعار عام 1956، وينهب الثروات المعدنية للبلاد بالقانون، الذي يفترض أنه يحمى الثروات ويوقف عمليات النهب، لا أن يسهم في إهدار مليارات الدولة لصالح قلة من المنتفعين، ليكون الناتج غير إهدار المال العام إهدارًا من نوع آخر هو إهدار الصحة العامة أيضا، دون أن يفكر مسئول واحد في الحكومة، أو في الحكومات السابقة، في السعى لتغييره إلا في الفترة الأخيرة، رغم مطالبات هيئة الثروة المعدنية العديدة بضرورة ذلك، والآن يُعرض القانون على مجلس الوزراء في محاولة للتغلب على بنوده المجحفة، نظرًا لأن مصر تمتلك 254 منجمًا لا تزيد قيمتها الإيجارية على نصف مليون جنيه فقط لا غير، في الوقت الذي يجنى فيه المستأجرون من وراء هذه المناجم نحو 6 مليارات جنيه سنويا حسب تقدير الخبراء.
ويواصل «القزاز» بأن القانون 86 هو المنظم لعمليات استغلال وتأجير المناجم، وتم وضعه بشكل دقيق جدا، لتنظيم العلاقة بين الدولة والمستأجرين، وضمان حقوق الطرفين، إلا أن استمرار تطبيقه حتى الوقت الحالى، فيما يتعلق بالحقوق المالية للدولة يعد ظلما فادحا، حيث يتم حساب القيمة الإيجارية للمناجم طبقا لأسعار عام 1956، وهو عام صدور القانون، بل وعند تقديم طلب استئجار منجم، يقوم صاحب الطلب بدفع رسوم الطلب بتكلفة لا تزيد على جنيهين، وتتم دراسة الطلب في المساحة الجيولوجية وتحديد مساحة المنجم، التي تبلغ نحو 16 كيلو مترا مربعا للمنجم الواحد، وبعد ذلك يتم تحديد القيمة الإيجارية السنوية للمنجم على أساس المساحة، وتُحتسب القيمة الإيجارية للكيلو متر المربع بسعر 500 جنيه، بمعدل 5 جنيهات للهكتار، أي 10 كيلو مترات.
كما أن القيمة الإيجارية المحددة تشمل كل المناجم على اختلاف إنتاجها، وهو ما يعد تقييما ظالما بالمقارنة بتراخيص المحاجر التابعة للمحليات، مثل محاجر الرمل والزلط والرخام، والحجر الجيرى والجبس الخاص بمصانع الأسمنت، وبالمقارنة بالقيمة الكبيرة للخامات التي يتم استخراجها من هذه المناجم، حيث نجد أن إيجار الكيلو متر المربع من المحليات يبلغ نحو مليون جنيه سنويا، ووصل الأمر إلى أن تكلفة إيجار 10000 متر لمحجر رخام تبلغ مليون جنيه، وبالمقارنة أيضا بسعر الرمل الكولينى، الذي تبلغ تكلفته 140 ألف جنيه، في الوقت الذي تحتسب فيه القيمة الإيجارية للرمل الأبيض على أساس سعر الهكتار، وهو 5 جنيهات فقط.! وبالرغم من المحاولات المستمرة لتغيير القانون إلا أن ما تسرب منه هو تقنين إشراف المحليات على المحاجر وهو الأمر الخطير الذي يهدر موارد الدولة كما كان سابقا، وللأسف أعطى القانون الجديد المزمع إصداره حق إصدار التراخيص للمحافظ، وكنا نطالب بأن تكون الولاية على الثروة المعدنية لهيئة الثروة المعدنية على أن يكون بكل محافظة مكتب للثروة المعدنية لتيسير إجراءات الترخيص.
وفى دراسة علمية حديثة ووفقا لأحدث التقارير الصادرة عن المحليات وهيئة الثروة المعدنية ووزارة البترول عن صناعة الأسمنت، التي يدخل فيها الحجر الجيرى المكون من الطفلة والدولمايت والجبس كمكون أساسى لها، وحتى نعلم الكارثة التي تصيب المصريين في أموالهم وصحتهم، يجب أن نعلم أن المحاجر التي يخرج منها هذا المكون الرهيب، تنتج ما يقرب من 300 طن سنويا، تحصل المحليات على مبلغ 12 جنيها للطن الواحد، فيما لا يزيد ما يصل لخزينة الدولة على مليم ونصف عن كل طن، وهو ما يعنى إهدارا للمال العام، تكون نتيجته إهدارا للصحة العامة أيضا، تؤدى في النهاية لحالة التسول التي تمارسها الدولة بحثا عن المال الذي تعالج به ضحايا هذه الصناعة.
محاجر الطفلة أيضا تساهم في كل ما سبق، فإنتاجها يصل إلى 50 مليون طن في العام، تحصل المحليات عنها ما مقداره 4 جنيهات للطن الواحد، في مقابل 50 مليما تدخل لخزانة الدولة، ومن ثم تحصل المحليات على 200 مليون مقابل 46 ألفًا و550 جنيها.
أما المكون الثالث ويأتى من محاجر «الجبس» التي يصل إنتاجها ل35 مليون طن، و5 ملايين طن من الأسمنت و30 مليونا صناعات أخرى تُحصل المحليات على جنيه إتاوة للطن لتدخل خزانتها 35 مليون جنيه في مقابل يدخل خزانة الدولة 50 مليما لتحصل على مليون و75 ألفًا وما يدخل بالفعل 9450.
أما المكون الرابع «محاجر الدولمايت، التي تنتج 150 مليون طن تحصل المحليات 8 جنيهات إتاوة للطن لتصل مكاسبها 1.2 مليار جنيه في مقابل لا يدخل خزانة الدولة سوى 75 مليما للطن فيصل قيمة ما يدخل الخزانة ل8 ملايين و55 ألف جنيه فقط، وما يدخل خزانة الدولة أقل بكثير حسب بيان وزارة البترول لا يزيد على 12332 جنيها.
أما محاجر الرمل التي يصل إنتاجها ل232 مليون طن تحصل المحليات إتاوة تصل ل50 قرشا لتحقق أرباحا تصل ل116 مليون جنيه، أما خزانة الدولة التي تحصل 20 مليما للطن فلا تحصل سوى على 464 مليونا في حين أن ما يورد فعليا فقط هو 2 مليون و200 ألف، ليصل إجمالى إيرادات المحليات من صناعة الأسمنت ل6 مليارات جنيه و491 مليون جنيه، في مقابل 21 مليونا و94 ألفا تدخل خزانة الدولة.
وفى نفس السياق يقول الدكتور عمرو طعيمة رئيس هيئة الثروة المعدنية: «من المفروض أن تتبع المحاجر بما فيها من ثروات معدنية، تبعية مباشرة لهيئة الثروة المعدنية، ويكون لها مكتب في كل محافظة، لكن قد تكون هناك رؤية أخرى وبعد اقتصادى أو سياسي لا نعلمه، حال بين هذا الأمر الذي طالبنا به مرارا وتكرارا، وأضاف «طعيمة»: «ما يهمنا كهيئة هو الإشراف الفنى للمناجم والمحاجر حتى لا تهدر الخامة، وتباع رملة الزجاج مثلا على أنها رمال بناء، وليس إصدار التراخيص وتوريد الأموال ولا يهمنا من يوردها».
حاولنا الوصول لرئيس الشعبة العامة لمواد البناء، المهندس أحمد الزينى، لنتفاجأ بأن الشعبة شكلت من 7 شهور مضت، وتم تشكيل مجلس إدارتها، ولم تعقد اجتماعا واحدا وغير معلوم أي قناة اتصال معه!.
ويضيف الدكتور ممدوح حمزة «أستاذ الهندسة المدنية ورئيس المجلس الوطنى» بأن ارتفاع سعر طن الأسمنت يتجاوز الضعف والذي لا يتعدى من 180 إلى 220 جنيها تتوقف على سعر الكهرباء والغاز، وأضاف «حمزة» يمكننا القول بأن مصانع الأسمنت «حرامية» فإذا كانت شركات العالم تربح 7٪ ففى مصر تتجاوز الأرباح ال50٪ فهى تأخذ المادة الخام مدعومة من الدولة وتبيع المنتج وفقا للأسعار العالمية، ومن المفروض على الدولة أن تتولى تسليم المادة الخام للمصانع، وتتسلم منها المنتج مقابل 120 جنيهًا للطن، خصوصًا بعد إقبال الدولة على مشروعات الطرق في الفترة القادمة وبناء الحوائط من الخرسانات.
هذا ما تدفعه الدولة إما برغبتها أو برغبة الآخرين، الذين يسعون في الأرض فسادا استغلالا لتغفيل الحكومات في مصر، وحرصها على دعم صناعة تأثيراتها الجانبية على المواطن البسيط سواء كان عاملا بها أو مستفيدا ومستخدما لها، ليس سوى مرض يجر الموت في أذياله، فيما هي تبحث عمن يرد يدها الممدودة تسولا بما تعالج به أمراضا نتجت عن الصناعات التي تدعمها.
من النسخة الورقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.