ارتفاع طفيف بأسعار الذهب في مصر خلال تعاملات اليوم    وزير التنمية المحلية: 50 ألف طلب تصالح على مخالفات البناء خلال أسبوع    الاتحاد الأوروبي: توسيع العقوبات ضد إيران بسبب أنشطتها بالبحر الأحمر وإرسال أسلحة لروسيا    ضبط تشكيل عصابي بمطروح بتهمة الإتجار بالأسلحة والبضائع المهربة جمركياً    خلال 24 ساعة.. ضبط 4072 قضية سرقة تيار كهربائي    خلافات بين شيرين عبدالوهاب وشركة الإنتاج "الفنانة تتحدث عن الأزمة"    تنطلق الأربعاء 15 مايو.. جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الأزهرية 2024 بالمنيا    بمشاركة 110 شركة.. نقيب الزراعيين يفتتح معرض الوادي لتقنيات الزراعة الحديثة بالأقصر    وزر النقل: لا استيراد لأي مهمات خاصة بالسكك الحديدية، وتصنيعها محليا    توريد 75 ألف طن قمح بالقليوبية    وزيرة الهجرة تبدأ جولة في بني سويف ضمن مبادرة «مراكب النجاة»    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    متحدثة أممية: 450 ألف فلسطيني دون مأوى بسبب النزوح القسري    البنتاجون يرفض التعليق على القصف الأوكراني لمدينة بيلجورود الروسية    كوريا الجنوبية تعزز جاهزية الجيش للرد على جميع التهديدات    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل تجاه وسط رفح    أول تعليق من مبابي حول إعلان انتقاله لفريقه الجديد    وفاة ملاكم بريطاني في أول نزال احترافي له    إبراهيم حسن يوضح حقيقة تصريحات شقيقه الصادمة بخصوص لاعبي المنتخب    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    "وش السعد".. ألقاب الأهلي على ملعب رادس قبل نهائي دوري الأبطال    مجلس الدولة: على الدولة توفير الرعاية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة    وزير الأوقاف: لنقف صفًا وسطيًا حقيقيًا في مواجهة أي محاولة اختراق لمنهج الأزهر الوسطي    درجة الحرارة الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-5-2024 (تفاصيل)    تكثيف أمني أمام جلسة محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    إلغاء العام الدراسي لطالب ورسوبه بسبب الغش واستخدام الهاتف المحمول في الجيزة    «التعليم»: لجان مراقبة داخل لجان امتحانات الثانوية العامة 2024    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    من الكليبات لعضوية لجنة التحكيم بمهرجان كان، نادين لبكي قصة نجاح    بمناسبة يومها العالمي، وزارة الثقافة تفتح أبواب المتاحف مجانا عدة أيام    أنور وجدي.. أبرز صُناع السينما المصرية في تاريخها.. حلم بأن يكون النسخة المحلية من شارلي شابلن.. أول أجر حصل عليه قرشان.. وهذا هو اسمه الحقيقي    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين 25%    تنظيم مقابل الخدمات بالمستشفيات الأبرز، تعرف على توصيات لجنة الصحة بالبرلمان    طريقة عمل وافل الشيكولاتة، لذيذة وسهلة التحضير    جامعة القاهرة تقرر زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين    مصر تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة صلاح الدين بالعراق    الطاهري: مصر تباشر دورها وحرصها الدائم على إيقاف نزيف الدماء الفلسطينية    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى «كايسيد» للحوار العالمي    5 أبراج تتميز بالجمال والجاذبية.. هل برجك من بينها؟    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    يوسف زيدان يهدد: سأنسحب من عضوية "تكوين" حال مناظرة إسلام بحيري ل عبد الله رشدي    الأنبا يواقيم يرأس صلوات قداس عيد استشهاد الأم دولاجي وأولادها الأربعة بالأقصر (صور)    الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانًا بمدينة حدائق أكتوبر    قرار عاجل من «الداخلية» بشأن آخر مهلة لتوفيق أوضاع الأجانب و«ضيوف مصر» (الموعد)    ارتفاع معدل التضخم في إسبانيا إلى 3.3% خلال أبريل الماضي    تعرف على إرشادات الاستخدام الآمن ل «بخاخ الربو»    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الحكومة التايلندية توافق على زيادة الحد الأدنى الأجور إلى 400 باهت يوميا    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    طارق الشناوي: بكاء شيرين في حفل الكويت أقل خروج عن النص فعلته    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخال.. "ربنا ما يوري حد غياب"
نشر في البوابة يوم 11 - 04 - 2015

يُضئ الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي اليوم السبت الحادي عشر من أبريل، الشمعة السابعة والسبعين احتفالًا بعيد ميلاده، وهو الشاعر الذي سجّل بكلماته الكثير من تاريخ مصر، وخط قلمه أبياتًا تحمل العديد من الانتصارات والانكسارات، وسجّلت كلماته تاريخ أمة بكل التفاصيل التي جرت على أبنائها، لتظل قدما الأبنودي راسختين كواحد من آباء شعر العامية في مصر.
في قرية أبنود بمحافظة قنا، ولد عبد الرحمن الأبنودي عام 1938 لأب أزهري يعمل بالمأذونية، وفي القرية كان اسم الطفل الشائع هو "رُمّان، وهو الاسم الذي أطلقته عليه العمة يامنة في قصيدته الشهيرة التي تحمل الاسم ذاته، وكأي طفل يحيا في قريته، عمل عبد الرحمن في رعي الأغنام، وفي مهن أخرى مرتبطة بالزراعة، وظهرت مواهبه الأدبية مُبكرًا، ولم يُمانع الشيخ الأزهري في البداية محاولاته ابنه في كتابة الشعر، والتي حاول فيها مُحاكاة الشعراء العرب، فكان يكتب أبيات كلاسيكية بالفصحى.
وبينما اكتفي عبد الرحمن في تعليمه بالمرحلة الثانوية، وعمل بوظيفة حكومية في محكمة قنا، كان في الوقت ذاته يطّور من موهبته، فيتحول إلى الكتابة بالعامية التي أثارت خلاف كبير بينه ووالده الأزهري، ما دفع الشيخ إلى تمزيق أوراق ابنه، فاتخذ عبد الرحمن القرار بالانتقال إلى القاهرة.
ساعد الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين الأبنودي في اتخاذ قراره بتغيير حياته والحياة في العاصمة المُزدحمة عندما قام بتقديمه في بابه الشهير في مجلة صباح الخير، الذي كان يحمل اسم "شاعر جديد يعجبنى"، فكان هذا الحافز الأكبر الذي جعله يترك قنا مُتجهًا إلى القاهرة، ليجتمع مرة أخرى مع رفيقيه الراحلين يحيى الطاهر عبد الله، وأمل دنقل اللذان كانا رفيقا جلساته في الصعيد، فاستقروا سويًا في العاصمة بعد أن كان دنقل قد ذهب إلى الإسكندرية أولًا، ثم جاء يحيى الطاهر من قنا بعد عامين.
بدأ الأبنودي بملامحه الصعيدية ولهجته المُميزة أثناء إلقاء أشعاره في انتزاع مساحة لامعة من التواجد في الوسط الثقافي والمشهد الشعري، ويبرز سريعًا وسط الشاعرين الكبيرين فؤاد حداد وصلاح جاهين، وبدأت شهرة الشاعر الصعيدي في الاتساع وأسهمه في الصعود وسط الوسط الملئ بالأسماء القوية؛ ثم اشترك الأبنودي مع الشعراء صلاح جاهين، سيد حجاب، وسيد خميس في تأسيس دار نشر "ابن عروس"، والتي أصدرت ديوان الأبنودي "الأرض والعيال"، وديوان سيد حجاب "صياد وجنيه"، إضافة إلى رباعيات صلاح جاهين الشهيرة.
عاد الأبنودي لاستئناف دراسته بعد فترة من الإقامة في القاهرة، وأتمها ليحصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة في بداية السبعينيات، وفي الفترة نفسها خاض تجربة زواجه الأولى من الكاتبة ومخرجة الأفلام التسجيلية "عطيات الأبنودي"، وهو الزواج الذي استمر لسنوات، قبل أن يقع الانفصال، ويرتبط الأبنودي في مرحلة لاحقة بمذيعة التليفزيون المصرى "نهال كمال"، وتستمر أسرته حتى الآن بوجود ابنتيه آية، ونور.
ومع انتشار كلماته، بدأت مسيرة الأبنودي الذي كان واحدًا من أبناء ثورة يوليو، التي آمن بتوجّهاتها وبالقومية العربية، فكان واحدًا من الأصوات التي عملت وفق إيقاع الثورة، ورغم أنه لم يكن يساريًا كعادة الشعراءَ والمبدعين في عصره، إلا أنه كان متوحّدًا مع الناس في هذا المسار، وكان الجميع يسعون ويحلمون مع حلم يوليو وواقعه، ورغم هذا فقد عاش الأبنودي في سجون نظام يوليو لفترات قصيرة، رغم أنه تغنّى بالزعيم جمال عبد الناصر، وكانت أغنيته الشهيرة "عدّى النهار" بمثابة خاتمة شعرية حزينة لنهاية أحلام الثورة.
https://www.youtube.com/watch?v=n9BlvDQ6PcU
وكان إنتاجه الشعري قد بدأ يصل إلى الناس، واشتهرت دواوينه التي يتداولها الناس مقرؤة ومسموعة بصوته، ومنها "أحزان عادية".
"أنا آسف
بلدى بربيع وصباح
ولسه في صوتى هديل الينابيع
لسه في قلبي صهيل المصباح
لسه العالم حي رايح جي
بيفرق بين الدكنه وبين الضي
بلدي مهما تتضيع مش حتضيع
ما ضايع إلا ميدان وسيع
يساع خيول الجميع
يقدم المقدام
ويفرسن الفارس
ويترك الشجاعه للشجيع
ولا باعرف أبكي صحابى غير في الليل"..
https://www.youtube.com/watch?v=bH0UUy59DKc
و "جوابات حراجى القط".
"أما بعد.. لو كنت هاودت كسوفي ع التأخير
سامحيني يا فطنة في طول الغيبة عليكم
وأنا خجلان.. خجلان.. وأقولك يا زوجتنا أنا خجلان منكم..
من هنا للصبح..
شهرين دلوقت..
من يوم ما عنيكي يا فاطنة.. بلت شباك القطر..
لسوعتي بدمعك ضهر يديَ
لحظتها قلت لك:
قبل ما عوصل عتلاقي جوابي جي
نهنهتي.. وقلتي لي بعتاب:
النبي عارفاك كداب.. نساي
وعتنسى أول ما عتنزل في أسوان..
حسيت واليد بتخطفها يد الجدعان
بالقلب ف جوفي ما عارف أن كان بردان.. دفيان"..
https://www.youtube.com/watch?v=vQf7HYLJ1PM
و"الموت على الأسفلت".
دمعي
نزل ع الطل
زي البلل
والسيل
فتت حيطاني وجرفني
في مجاري الليل
ظنتني فارس
أسد
صنديد
شديد الحيل
يوم اللقا اتقدموا الفرسان لبحر الموت
https://www.youtube.com/watch?v=gEnmPGYz0Ys
كذلك قام الأبنودي بجهد كبير في الحفاظ على التُراث الفلكلوري، فعمل ما يقرب من ربع القرن على جمع وتدوين "السيرة الهلالية" من رواتها في صعيد مصر، تونس، ومدن المغرب العربي، حتى صدرت كاملة في خمسة أجزاء تتناول سيرة قبيلة بني هلال ورحلتها من جنوب شبه الجزيرة العربية إلى الأراضى التونسية شمال القارة الأفريقية.
https://www.youtube.com/watch?v=xu0r_z7M6L8&list=PL22B49D2D16BD3613
كما أصدر سيرته الذاتية في عدّة مجلّدات حملت عنوان "أيامي الحلوة"، والتي نُشرت متفرقة في الأهرام، قبل أن تصدر في كتاب، ويتمّ تسجيلها في حلقات للتليفزيون.
https://www.youtube.com/watch?v=rcqTHspGO5E
كانت السيرة والنغمات المُصاحبة للقول والحكي لها تأثير كبير في دفع "الأبنودي" إلى عالم الأغنية، فسمع الناس كلمات الأبنودي للمرة الأولى بصوت المطرب الشعبى محمد رشدى.
https://www.youtube.com/watch?v=7sNxQ84vArI
هذا النجاح دفع نجوم الطرب والساحة الغنائية إلى السعى للعمل معه، فكان اللقاء بين الأبنودي والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.
https://www.youtube.com/watch?v=-Onu2pgIA2E
وهكذا انطلق الأبنودي في عالم الأغنية، لتُغني الحناجر الشهيرة أكثر من ستمائة أغنية من كلماته، فتعاون مع نجاة، فايزة أحمد، شادية، صباح، وردة، ماجدة الرومى، على الحجار، ومحمد منير؛ وكذلك شارك بكتابة الحوار في العديد من الأعمال الدرامية، منها فيلم "شىء من الخوف" عن رواية ثروت أباظة التي تحمل الاسم نفسه، وفيلم "الطوق والإسورة"، الذي كتب السيناريو والحوار له بمُشاركة الدكتور يحيى عزمي، عن قصة قصيرة لصديقه يحيى الطاهر عبد الله، ومسلسل "وادى الملوك"، عن رواية "يوم غائم في البر الغربي" للروائى محمد المنسى قنديل، إضافة إلى كتابة أشعار وأغنيات العديد من المسلسلات والأفلام، ومنها "عبد الله النديم"، "ذئاب الجبل"، "الرحايا"، وفيلم "البرىء" الذي قام ببطولته الفنان الراحل أحمد زكي.
بدأت علاقة الأبنودي بنظام الحكم في التحسُن عقب حرب أكتوبر، ومع الانفتاح الذي بدأه الرئيس الراحل أنور السادات، فكتب للحرب وللسادات الكثير من الأغنيات، وصولًا إلى نظام مبارك الذي تمتع معه الأبنودي بعلاقات جيدة ودافئة، كتب من خلالها أغلب أوبريتات وأغنيات الاحتفال السنوى بذكرى نصر أكتوبر، ولكنه كتب في الوقت ذاته ديوانه "المشروع والممنوع"، والذي مثّل صرخة انحياز للناس ضدّ القمع والسلطة، ورفض الدولة المركزية ومشروعات الزعامة، رغم أن نظام مبارك كان يستخدم شعبية الأبنودي في محاولات تجميل صورته.
دعم الأبنودي منذ اللحظة الأولى ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 مع انطلاق أولى شراراتها، فكتب عنها العدي من القصائد، وصدر له ديوان "الميدان".
https://www.youtube.com/watch?v=xq3tTCjMZ60
كذلك غنّى الفنان على الحجار من كلمات الأبنودي أكثر من أغنية للثورة منها ضحكة المساجين.
https://www.youtube.com/watch?v=-Gp_TLXxdqk
و أيضًا كان الأبنودي مُعارضًا لحكم جماعة الإخوان طوال العام الذي تواجدت فيه في سُدّة الحكم، وانتقد سياساتها وممارساتها بشكل علني، وانحاز إلى ثورة الثلاثين من يونيو وأعلن دعمه للرئيس عبد الفتاح السيسي مع إعلان ترشّحه لانتخابات الرئاسة الأخيرة، وكتب فيه أكثر من رباعية في ديوانه الأخير "الرباعيات".
حاز الأبنودي العديد من الجوائز، منها جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 2001، ثمّ جائزة مبارك "النيل حاليًا" عام 2010، لُيصبح شاعر العامية الأول الذي يحصل على الجائزتين، وجائزة محمود درويش للإبداع العربى في دورتها الأولى.
https://www.youtube.com/watch?v=08LthFi4ddY
https://www.youtube.com/watch?v=rcqTHspGO5E
"الضباب كان بات ليلتها ع القزاز
كانت القرية اللي مات فيها الخواجة لامبو
نايمة ع الجليد
في الصباح"..
ودراسة عبد الحميد كمال تكشف أسرار حب الأبنودي للسوايسة..
اختص الكاتب عبد الحميد كمال "البوابة نيوز" بنشر بجزء من دراسته التي يستعد لإصدارها خلال العام الجاري عن أسرار حب الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي لمدينة السويس، وجاءت كالتالي:
لم تكن أغنيه "يا بيوت السويس يا بيوت مدنيتي.. أستشهد تحتك وتعيشي أنت" التي خص بها الشاعر السويس هي الوحيدة التي عبر فيها عن حبه للسوايسه، لكن هذه الأغنية التي شارك في بنائها ثلاثي من المبدعين عبد الرحمن الأبنودي شاعرًا صاحب الكلمات، والثاني الملحن الرقيق إبراهيم رجب، ويكفي أن يكون المبدع الثالث هو المغني الجميل الفنان محمد حمام لتصبح أغنية يا بيوت السويس هي أيقونة الأبنودي لحبه للسوايسه..
ولكن الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الذي أحب أبناء السويس من خلال معايشه كاملة على ترابها خلال فترات هامة في تاريخ الوطن، بعد هزيمة 67، وفترة حرب الاستنزاف للعدو الإسرائيلي، ثم حرب الانتصار والمقاومة 1973، وهي فترات كافية لمعرفة معادن السوايسه، وهي الفترة التي كشفت فيها إرادة الشعب المصري للعبور من هزيمة نكسة 67 إلى انتصار أكتوبر.
"جبلاية الفار"
بدأ الأبنودي حبه وشغفه للسويس عقب خروجه من السجن بعد أن قضى قرابة العام في السجن بسبب اتهامه بالانضمام لأحد التنظيمات اليسارية الشيوعية.. وقد خرج الأبنودي من السجن قوي لم ينكسر، وسافر إلى السويس لينضم إلى المقاومة الشعبية شاعرًا قويًا، ليُشارك مع فرقة أولاد الأرض التي غنت للمقاومة معلنه رفضها للهزيمة بقيادة الكابتن غزالي؛ خلال تلك الفترة تعرف الأبنودي على أبناء السويس في القطاع الريفي بالجناين الذي عاش فيه وسط الفلاحين والبسطاء من العمال ومن خلال معايشة أبناء السويس.
انخرط الأبنودي بأشعاره الوطنية وكتابة الأغاني الرومانسية والوطنية، وإنتاج للشعر المقاوم لكل ما هو سلبي؛ من خلال المعايشة الواقعية كتب "الأبنودي" أو "الخال " كما كان يحب أن يناديه السوايسه في ذلك الوقت حين أحس بدفء مشاعرهم وحبهم للوطن فكانت إشعار الأبنودي الأكثر صدقًا والأوسع انتشارًا..
وكان ديوان "جوابات الأوسطي حراجي القط العامل في السد العالي إلى زوجته فاطنة أحمد عبد الغفار في "جبلاية الفار" تلك القرية الصغيرة في السويس والتي كان لا يعرفها أحد.
يقول عبد الرحمن الابنودى في مقدمة إصدار الديوان في طبعته الثالثة الصادرة عن المركز المصري العربي للنشر، والذي كانت تُديره الكاتبة الصحفية ابنة السويس كاميليا عتريس ومن الإخراج الفني وتصميم الغلاف للكاتب الصحفي ابن السويس أيضا محمد بغدادى..
يقول الأبنودى..
"عشت النكسة وحرب الاستنزاف في السويس بين فلاحين وصعايدة لا يختلفون عن "فاطنة وحراجى"
وفى ضحى يوم شتائي مشمس هتف لى "حراجى" اصطحبت أوراقا وأقلاما وفرشت لى "سيدة ابنة عم إبراهيم أبو العيون" حصيرا تحت شجرة مشمش خلف بيتهم على شاطئ قناة السويس لتندلع الرسائل متتابعة.. وفي الليل كانوا يشعلون لى لمبة الجاز لأنكفئ على الطبلية حتى اكتمل كتابة الديوان في أسبوع ودفعته للمطبعة دون مراجعة".
وينشر الديوان وينفذ، ويعاد طبعه والمثقفين والشباب يتحدثون عن الأبنودى لصدق ما في الديوان من خطابات متبادلة بين "حراجى" و"فاطنة" الجوهرة المصونة والدرة المكنونة.. زوجتنا فاطنة أحمد عبد الغفار يوصل ويسلم لها في منزلنا الكاين في جبلاية الفار في "السويس".
والرد الذي يأتي من "أسوان" حيث السد العالي الذي يعمل فيه حراجى القط.."زوجي الغالي الاسطى حراجى القط العامل في السد العالى.. كاشفا في لغه جميلة جديدة معانى عميقة عن الاشتقاق بين الزوجين وما يحدث لهم من تطورات اجتماعية وإنسانية".
وجوه ع الشط
هكذا كانت السويس مُلهمة للأبنودي الذي أحبها حين كتب ديوانه "وجوه على الشط" حيث يكتب الخال عن مواطنين بسطاء ومن أبناء السويس لا يعرف عنهم الشهرة أو النجومية فنجد قصائد تحمل أسماء أبناء الجناين في السويس تتصدر قصائد الديوان عناوين للشعر الجميل عميق المعني، فنجد شخوص عادية أمثال نحمل أسماء قصائدة الشعرية في ديوان وجوه ع الشط منهم إبراهيم أبو العيون، سيد طلب، براهيم أبو زعزوع، أب سلمى، أم على، فتحية أب زعزوع، سيدة، البت جمالات، محمد عبد المولى، الحاج على، وسيد طه؛ كلها وجوه وشخوص من دم ولحم عايش معهم عشرة حب وتميز، وعبر عنهم بلغة مصرية معجونة بطين الأرض، وبملح الأرض من الفلاحين والعمال الغلابة البسطاء.
وكان لديوان "وجوه على الشط" الذي كان يُذاع عبر إذاعة صوت العرب بقيادة المرحوم محمد عروق ابن السويس مدير الإذاعة في ذلك الوقت وكان لإذاعة الديون فعل السحر على أبناء السويس المهاجرين الذين كان يسمعون الراديو بافتخار عن حكايات أبناء السويس بشكل يومي كل يوم قصيدة.
جغرافيا السويس
وينتقل الابنودى في حب الناس إلى ذكر الأماكن وما يسمى جغرافيا السويس وذلك من خلال أشعاره فنجد الأبنودى يتكلم شعرًا عن "مسجد سيدى الغريب" و"المبيع" سوق الجملة للخضار والفاكهة حيث يقول الأبنودى
"وبعدين لما جمع القرشين م المينا نزل المبيع..
جتلك يا غريب هون عنى الغربة
وخفف تقل الحمل"..
ثم ينتقل بشعره إلى"مقهى الشيخ شعبان" القريبة من سوق الخضار والفاكهة بالجملة "بالليل يتلموا كل الولد في قهوة حدا المبيع.. قهوة شعبان.. ويتذكر الابنودى في إشعاره قرية "كبريت"... "عيد وعلى طلعو كبريت" حتى منطقة الزيتية منطقة معامل البترول".
كما يكتب عن قرية "منشية الرجولة" حين يذكر الخال في قصيدة "محمد عبد المولى "
قوله...
" وإنا أول ما عرفتك يا "رجولة / إنا أول من داق أيام الغلب الأولة "
كما يتحدث الأبنودى عن حوض إصلاح السفن في ترسانة السويس البحرية ببورتوفيق
فعلى لسان "محمد عبد المولى" في ديوان وجوه على الشط.
"ووقعنا خلاص وسط الشوالات.. في "الحوض" في الملح وفي الفحم الأسود.. "ولا ينسى الأبنودى في صور شعرية جميلة وهو يتحدث عن البت جمالات على لسان إبراهيم أبو العيون
حين تكلم عن "الوشنه" وهى الكلمة السوايسة الأصيله التي يطلقونها على الآيس كريم – الدندرمه أو الجيلاتى...
حين يتحدث الخال على لسان إبراهيم أبو العيون...
" بياع الوشنة اللى العصرية بيزمر ويفوت.. م اليوم مش حيفوت ولا هينادى على المنجة ولا التوت
زى ما كل الناس بتموت بياع الوشنة يا جمالات مات "
وهكذا يستمر الأبنودي تتذكر كل ما هو سويسي فالحديث مستمر عن قرية " جبلاية السيد هاشم " حتى هاجر الفلاحين من السويس إلى الإسكندرية في قرية " أبيس " لم ينس الأبنودي ذلك في إشعاره .
(حي زرب )
كما كتب الشاعر عن حي "زرب" العريق.. حيث البيوت التي كان بها فرندات خشب يقول الأبنودي في قصيدة عن "حي زرب" بالسويس
"أنا شفت تجار الخشب.. بينهشوا لحم السويس.. بيمصمصوا ضلوع السويس.. ام فرندات الخشب
وشفت في زرب حرب اليهود
بور توفيق
وعن منطقة بورتوفيق الجميلة يكتب الأبنودي
"بكره حار حي هيضلي من تاني في بورتوفيق على موج يا كنال" وهكذا يأتى الحديث عن حى زرب ومنطقة بورتوفيق في ديوان " بعد التحية والسلام " والذي لم ينسى فيه الابنودى رسالة ( الرجل اللى مات في فحت الكنال ) والرد من " الكنال إلى الراجل الذي مات في حفر الكنال... في تفاصيل لها دلالات كبيرة عن الكفاح والعرق وجهد المصريين في حفر قناة السويس.
وهيبه وشجر السويس
أما أفضل ما كتبه الأبنودي من أغاني عاطفية فقد كتبها متأثرًا بالسويس وأرضها وحدائقها وتحت أشجارها.. فحين كتب الأبنودي أغنية " تحت الشجر يا وهيبة " كان متأثرا ً بالممرضة "وهيبة " الجميلة صاحبة الاسم التي كانت تعمل ممرضه بالوحدة الصحية في قرية عامر بالسويس فكتب..
" تحت الشجر يا وهيبه يا ما اكلنا برتقال.. ضحكة عنيك يا وهيبه دبحه عيون الجدعان" ليقوم بغنائها الفنان الشعبى محمد رشدى الذي كان يزور السويس للترفيه عن الجنود على الجبهة وحين حضر للسويس قال الابنودى له.. هؤلاء أبناء عمي من السويس يقصد "أبناء القطاع الريفى في الجناين"
كما كتب الأبنودى أغنية " مال عليه مال فرع الرمان " التي غنتها الفنانة فايزة أحمد كتبها الابنودى في جنينه " الشعراوية " وبجوار جنينه مبارك طايع حيث أشجار الرمان الأحمر وأغنية " والله إن ما اسمريت يا عنب بلدنا لا أجرى واندهلك عيال بلدنا والله " التي غنتها شادية تحت تكعيبه العنب في أرض " سعد جلال "المعروف باسم" أبو مازن " كما كتب الابنودى اغنية موال النهار....تلك الاغنية الوطنية التي كان يتحدث فيها عن هزيمة يونيو والهوا هوايا " لعبد الحليم حافظ "... واسمر يا اسمرانى اللون " لشادية " كلها كانت تحت أشجار وحدائق السويس بالجناين.
أيقونة السويس
يكفى أن الابنودى قد خلد اسم السويس وكتب أفضل أغانية " يا بيوت السويس " التي أحبها حيث كتب يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. استشهد تحتك وتعيشي انتى.. هيلا هيلا يالله يابلدية شمر درعاتك الدنيا أهيه وإن باعو العمر في سوق المنتية.. ورفاقه نروح السوق نجيبه ونعدى على نفس المعدية ونقول يا دنيا والله وصدقتى يا بيوت السويس "
هذه الأغنية التي خلدت اسم السويس في لحن جميل للملحن إبراهيم رجب وغناء شجي للفنان محمد حمام وأحبها المصريين تقديرا ً للسوايسه تقديرا للسوايسه وأصحب أيقونة السويس.
لقد عاش الابنودى في السويس مع أبنائها وكان محبا لأبناء السويس متواصلا مع " الكابتن غزالى - محمد الراوى " والشعراء " على الخطيب – محمود الخطيب – عطية عليان – كامل عيد وأبناء السويس المثقفين منهم د. سيد نصير ود. سمير غطاس وعادل درديري حسين العشي مصطفى عبد السلام عبد الحميد كمال محمد الجمل الحاج خليل بدرة والمهندس عادل وصلاح وضياء والأستاذ محمد "عائلة بدرة" في حب وود وتواضع إنسانى جميل متواصلا مع المعلم " يحى عارف " وشهدت مكتبة الكابتن غزالى " ودكانه القديم " ونادي النصر للبترول وندوة الكلمة الجديده في النادي الاجتماعى أمسيات ثقافية ساخنة في الحديث عن حب الوطن والفنان العزيز الجميل "عربى بوف" الخال الذي غنى للأبنودي.
" والله لبكره يطلع النهار يا خال وتبقى الدنيا عال والشمس تيجى من ورا الجبال يا خال.. بحلم يا خال بيوم معدول يفرش ضياه على الفلاحين يملا صوامعهم غلال ويبيض العجين ".... وحين كان يتذكر الأبنودى عربى بوف في أعماله الجميلة في عيد الشرطة ونصر أكتوبر وصمود السويس كان يتحدث بحب عن العربي بوف بل عن السويس كلها.
وختاما ً نقول للأبنودي كل سنة وأنت طيب بمناسبة عيد ميلاده وتحية لمسيرتك الجميلة وأعمالك الخالدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.