سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أخيرًا.. ورقة مقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين في يد الفلسطينيين... توقعات بتحريك قضايا تتعلق الأنشطة الاستيطانية والانتهاكات الصهيونية... وترسيم الحدود يمثل عقبة في إتمام الإجراءات
تدخل فلسطين اليوم فصلا جديدا من صراعها مع إسرائيل بانضمامها اليوم بصورة رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية، إذ تحولت من دولة مغلوبة على أمرها لا تستطيع القصاص ممن اعتدي عليها، وتسبب في مجازر جماعية لأبنائها إلى دولة لها الحق في محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين والمطالبة بمعاقبتهم بصورة دولية تكفلها محكمة محايدة بعيدا عن النفوذ الأمريكي والإسرائيلي. ومن المتوقع أن يرفع الجانب الفلسطيني قضيتين ضد إسرائيل، تتعلق إحداهما بالأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، فيما تستهدف الثانية إجراء تحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة على غزة، إلا أن مثل هذه التحقيقات قد تواجهها عدة عقبات في مقدمتها عدم ترسيم الحدود الدقيقة لدولة فلسطين ووجود قضايا جنائية يجري النظر فيها داخل إسرائيل؛ لملاحقة مرتكبي "التجاوزات" خلال العمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. وجاء هذا القرار بعد سعي الجانب الفلسطيني على مدي سنوات للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية بهدف التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من قبل إسرائيل في الأراضي المحتلة، ففي عام 2009 طلب الفلسطينيون من المحكمة توسيع نطاق قضائها، ليشمل الأراضي الفلسطينية، وذلك لإجراء تحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء عملية "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية في قطاع غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009، إلا أن المحكمة رفضت وقتها لأنها اعتبرت أن الوضع القانوني للسلطة الفلسطينية لا يسمح لها بتقديم مثل هذا الطلب. وبنيل فلسطين وضع دولة مراقب غير عضو لدى الأممالمتحدة عام 2012 تغير الوضع، مما اضطر الفلسطينيون للامتناع عن تقديم طلب الانضمام إلى المحكمة آنذاك تحت ضغوطات إسرائيلية وأمريكية، إلا أن فشل الفلسطينيين في دفع مجلس الأمن لتمرير مشروع قرار دولي يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي 1967 في أعقاب إخفاق مفاوضات السلام في أبريل عام 2014، واندلاع النزاع المسلح الأخير في قطاع غزة الذي استمر 50 يوما، أجبرهم على الانضمام في 1 يناير إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية على أن تدخل الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة بعد ثلاثة أشهر، أي في الأول من أبريل. والمحكمة الجنائية الدولية هي منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في الإفلات من العقوبة، فالمحكمة الجنائية الدولية هي أول هيئة قضائية دولية تحظى بولاية عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشري. وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تأسست سنة 2002 كأول محكمة قادرة على محاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء، وبلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة حتى الذكرى السنوية العاشرة لتأسيس المحكمة في 1 يوليو 2012، وقد تعرضت المحكمة لانتقادات من عدد من الدول منها الصين والهند وأمريكا وروسيا، وهي من الدول التي تمتنع عن التوقيع على ميثاق المحكمة. وقد فتحت المحكمة الجنائية تحقيقات في أربع قضايا: أوغندة الشمالية وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى ودارفور. كما أنها أصدرت 9 مذكرات اعتقال وتحتجز اثنين مشبه بهما ينتظران المحاكمة. ومن بين الجرائم التي تخضع لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية هي الإبادة الجماعية والتي تعني أي فعل من الأفعال المحددة في نظام روما (مثل القتل أو التسبب بأذى شديد) ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية، بصفتها هذه، إهلاكا كليا أو جزئيا. إضافة إلى الجرائم ضد الإنسانية والتي تعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المحضورة والمحددة في نظام روما متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها، والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية عرضة للعقاب بصرف النظر عن ارتكابها وقت "السلامِ" أَو الحرب. كما تختص المحكمة كذلك بجرائم الحرب والتي تعني الخروقات الخطيرة لاتفاقيات جنيف 1949 وانتهاكات خطيرة أخرى لقوانين الحرب، متى ارتكبت على نطاق واسع في إطار نزاع مسلح دولي أو داخلي. أما بالنسبة لجرائم العدوان، فإنها لم يتم تحديد مضمون وأركان جريمة العدوان في النظام الأساسي للمحكمة كباقي الجرائم الأخرى، لذلك فان المحكمة الجنائية الدولية تمارس اختصاصها على هذه الجريمة وقتما يتم إقرار تعريف العدوان، والشروط اللازمة لممارسة المحكمة لهذا الاختصاص. أما فيما يتعلق بالاختصاص الإقليمي للمحكمة، فأنها تعمل وفقا لظروف محددة من بينها إذا كان المتهم بارتكاب الجرم مواطنا لإحدى الدول الأعضاء أو إذا قبلت دولة المتهم بمحاكمته، أو إذا وقع الجرم في أراضي دولة عضو في المحكمة، أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية أو إذا أحيلت القضية للمحكمة من قبل مجلس الأمن.