ولد "فرانشيسكو دي جويا" الرسام الإسباني الشهير في قرية فوينديتودوس بإسبانيا في 30 مارس 1746؛ كان أبواه من الفلاحين، فعمل معهما في الحقل، وظهرت مواهبه الفنية في وقت مبكر، فكان يرسم بالفحم المُتبقي من فروع الأشجار المحُترقة على الحوائط والأحجار؛ وفي عام 1760 بدأ يتَدرب على يد الرسام " خوسيه لوثان" وهو لم يزل في الرابعة عشرة؛ فتعلم معه أساسيات الرسم، وساعده على نسخ أفضل النقوش التي قام بتنفيذها، وبَقى معه لمدة أربع سنوات، وظلّت رسوماته متأثرة بأسلوب أستاذه حتى ذهب إلى روما. حاول جويا الإلتحاق بالاكاديمية الملكية الإسبانية مرتين، الأولى عام 1763، والثانية بعدها بثلاث سنوات، ولكن لم يوفّق، فذهب إلى إيطاليا التي كان يرتادها الكثير من الفنانين ومكث لمدة عامين قام فيهما بربح جائزة لمهارته في الرسم من أكاديمية برما. عام 1775 تزوج جويا من جوزيفا بايو، واستُدعيَّ بعدها بعام إلى مدريد عن طريق رسام البلاط الملكي، حيث تم اختياره للعمل في مصنع الأقمشة الملكي؛ وعلى الرغم من السماح له بالاحتفاظ بالرسومات الأصلية التي صممها للأقمشة أثناء عمله، ولكن مجموعة الرسومات الكرتونية-كما كان يُطلق عليها- التي تبلغ 60 رسمة كاملة، والتي لم تُكتشف حتى أواخر القرن التاسع عشر أصبحت ملكًا للملك، وتم حفظها بالطابق السفلى من القصر الملكي في مدريد على هيئة لفائف؛ وفي عام 1778 سمح له مِنجس أن يأتى للقصر، حيث بدأ دراسة لوحات الفنان الإسبانى فيلاثكيث. من خلال صِهره فرانشيسكو تمكن جويا من الإلتحاق بالأكاديمية الملكية بمدريد، وكانت اللوحة التي تقدم بها إلى الأكاديمية هي لوحة "الصِلْب" وفي عام 1781 عاد إلى مدريد ليتولى مهمة ملكية لنقش مذبح كنيسة القديس سان فرانشيسكو الكبير؛ وفي عام 1783 تم تكليف جويا برسم لوحة لدوق "فلوريدابلانكا"، والتي تعتبر أول مهامه ذات الشأن، ما فتح له أبواب كثيرة، ليُصبح في نهاية المطاف الرسام الأول للملك عام 1786. أُصيب جويا بالصمم عام 1795 نتيجة مرضه، ولكنه تجاهل الأمر ورسم لوحات بالحجم الطبيعى لدوق ودوقة "ألبا"، وكان يتخلل وقته هناك رسومات عديدة، بعضها يُظهر الدوقة بأوضاع حميمية، وظهرت كلك بعض الصور الساخرة أو المريرة في مجموعة المطبوعات؛ وبعد قيامه برسم مجموعة جديدة للدوقة بدأ جويا رسومات تتناول ممارسات السحر في إسبانيا، ولكن بعد خمسة عشر يومًا من إطلاق مجموعته تم سحبها من البيع للعامة، وكان أمر رسمي من الملك لحماية جويا من الاستعداء من قِبَل محاكم التفتيش. وفي عام 1808 تخلى الملك تشارلز الرابع عن العرش لابنه، وأعقب ذلك تندلع حرب أهلية أدت إلى اتخاذ القوات الفرنسية المحتلة إجراءات كثيرة، ظهرت فيما بعد في عدة أعمال مثل "الثانى من مايو"، ثم استولى جوزيف بونابارت شقيق نابليون بونابرت على عرش إسبانيا مُدعمًا بقوة عسكرية فرنسية ضخمة؛ ليأمر جويا وبعض الرسامين الإسبان باختيار 50 لوحة لمتحف نابليون في باريس فرسم جويا مجموعته "فظائع الحرب" مُتأثرًا بالأحداث. بعد عودة الملك الإسبانى لعرشه جددت محاكم التفتيش ممُارساتها، وكانت لوحتان لجويا تسببتا في استدعاء محاكم التفتيش له، ولكنه نجا واختار الابتعاد، فاشترى منزله المعروف ب"منزل الرجل الأصم"؛ وبدأ رسم مجموعته الشهيرة اللوحات السوداء على حوائط المنزل، ولكن محاكم التفتيش استمرت في مُضايقته، فغادر إلى فرنسا. عام 1828 تدهورت صحة جويا، واصبح جانبه الأيمن مشلولًا تماما نتيجة إصابته بسكتة دماغية؛ وبقي في حالة ثُبات لمدة أسبوعين مُقتربًا ببطء من حافة الموت؛ حتى توفيَّ في السادس عشر من أبريل، وأقيم قُدّاس خاص على شرفه في كاتدرائية نوتردام القريبة من منزله، وعقب بناء كنيسته عام 1901 تم إخراج بقايا جويا بُناءً على طلب الحكومة الإسبانية ليتم نقله إلى مقبرة أسفلها؛ وعندما تم إخراج جسده من قبره بفرنسا، وجدوا أن جمجمته مفقودة، ولم يتم تحديد موقعها منذ ذلك الحين.