ما زال مسلسل الإهمال مستمرًا في حياة المواطن المصري، وهنا نتحدث بالتحديد عن الإهمال الطبى المُعتاد في مجتمعنا، الذي قد يودى بحياة شخص ما أو بتر أحد أطرافه، وهو ما تعرض له شاب لم يبلغ عقده الثانى من عمره، وتناثرت أحلامه وأحلام عائلته بأبسط حقوقه في الحياة وهو أن يحيا بجسد كامل. الشاب «حسين محمد منصور» البالغ من العمر 19 عاما، تعرض إلى حادث مُفجِع نتيجة للإهمال الجسيم في نادي الكشافة بالإسكندرية، وذلك يوم 19 أكتوبر 2014. حدث ذلك عندما ذهب لتلقى دورات في الغوص، وبعد أن أتم المستويين الأول والثانى وأوشك أن يكمل حلمه بالمستوى الثالث والأخير ليتأهل بالعمل ليعين أسرته على متطلبات الحياة، ولكن لم يمهله القدر لإتمام حلمه ولم يخش عليه الإهمال من نتائجه الجسيمة، ففى صباح اليوم المشئوم دخل حسين إلى غرفة الأسطوانات الهوائية بصحبة المدرب الخاص به للتأكد من العبوات الفارغة والممتلئة وحصر عددها. وهنا شاء القدر أن يخرج المدرب من الغرفة الخاصة بالأسطوانات لنسيانه الكمبيوتر الخاص به، وذهب ليأتى به تاركا «حسين» في الغرفة المشئومة، وفى تلك الأثناء حدث انفجار هائل أطاح بالرجل اليسرى لحسين وتناثرت في الهواء، ولطخت دماؤه جدران الغرفة، وفى تلك اللحظة حاول «حسين» ضحية الإهمال الزحف والهرب من الانفجار لينقذ ما تبقى من جسده الممزق، ولكن سرعان ما هاجمه الغاز السام السائل من الأسطوانات المُنفجرة ليفقد وعيه تمامًا. بعد ذلك اتجه زملاؤه في دورات الغوص فورا للغرفة بعد سماعهم الانفجار، حيث قاموا بالاتصال بسيارة الإسعاف لنقل ما تبقى من جسد زميلهم المبتور. في تلك الأثناء لم يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء لزميلهم حتى وصول سيارة الإسعاف، ما عدا التقاط صور لآثار الانفجار بهواتفهم المحمولة لذلك الحادث الأليم. عندما نقلت سيارة الإسعاف الشاب إلى المستشفى الميرى بالإسكندرية، قام الطاقم الطبى بتنظيف جروح الرجل التي فقدها حسين في الانفجار الذي تعرض له، وذلك على أمل أن تكون رجله اليمنى ما زالت بخير، ولكن بعد الأشعة فوجئ الأطباء أن الرجل اليمنى ممزقة بالكامل ولابد من بترها حتى يحافظوا على حياة الشاب، وقاموا بإجراء جراحة عاجلة للتخلص من الرجل اليمنى، ليبقى حسين بلا أرجل ضحية للإهمال، لتتحطم أحلامه وأحلام أسرته. لم تتوقف مهزلة الإهمال عند هذا الحد، فقد تعرض جرح حسين المبتور إلى التلوث بسبب عدم نظافة الأدوات التي أجريت بها عملية البتر، وتم نقله إلى المنزل دون أن تدرى عائلته أن ابنهم الذي تم بتر نصف جسده قد تعرض للتلوث وظل حسين في منزله أربعة أيام. فوجئت والدته بصديد يطفو على الأربطة الطبية الموضوعة على جسد ابنها المبتور، وقامت عائلة الضحية بتقديم مذكرة شكوى إلى المهندس خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة، الذي استجاب لهم على الفور، وتم نقل حسين إلى مستشفى خاص ليتم علاجه على نفقه الدولة، حيث مكث في المستشفى الأخير طيلة شهر ونصف الشهر. شعر الشاب بالملل من المكوث في المستشفى، وحينها طلب من عائلته اصطحابه إلى منزله ليتلقى بعد ذلك الكشف الطبى في منزله على يد طبيب خاص كل يومين على نفقة والده الذي يعمل سائق مركبة في الشركة القابضة لمصر للطيران بالإسكندرية، وأصدر الرئيس السيسى قرارا بسفر الشاب حسين ضحية الإهمال إلى ألمانيا لتركيب جهاز تعويضى لجسده المبتور، وفى الوقت الحالى ينتظر حسين وعائلته تنفيذ القرار الذي أمر به الرئيس. والد الشاب حسين قال ل«البوابة» إن الجهاز الخاص الذي وعدهم به الرئيس السيسى ستتكلف نفقته مليونا وستمائة ألف جنيه مصرى، ويطلب حسين الآن المساعدة هو وعائلته لعمل مشروع له يرزق منه، من بعد ما فقد أرجله، وينتظر من الحكومة تصريحا لكى لا يغلق مشروعه تحت أي ظرف من الظروف ليضمن بعض الاستقرار المادى والمعنوى له ولعائلته. من النسخة الورقية