قبل الحديث عن التحليل النفسى دعونا نتحدث عن حروب الجيل الرابع حروب الجيل الرابع مصطلح تعودنا على سماعه فى الآونة الأخيرة فى أغلب وسائل الإعلام. مصطلح لا يفهمه جيدّا أو يستوعبه إلا من لهم علاقة بعلوم المخابرات أو علم النفس السياسى لأنه هو فى الأصل المصطلح المتطور والمعدل لحروب النفسية الحرب النفسية لها تاريخ بعيد وجذور قوية وقد ظهرت بوضوح أثناء حروب التتار واجتياحهم بلاد كاملة بدون أى مقاومة تذكر لأنهم كانوا يبثون الرعب فى قلوب خصوهم عن طريق نشر روايات وإشاعات تبث الفزع وتتكلم عن مدى قوتهم وشراستهم بجانب المبالغة فى وصف ارتكباهم للمذابح فكانت النتيجة أن ولى المدينة يسلمهم مفاتيح المدينة ويستسلم دون أدنى مقاومة، أما فى التاريخ الحديث فكانت بداية ظهور مصطلح الحروب النفسية وقد برع فى تطبيقها هتلر ووزيره جلوبز وكان وزير البروبجندا، هذا ما كتبه الفيلسوف الفرنسى جاك إليه فى كتابه البروبجندا وتشكيل أخلاق الرجال، الذى نشر عام 1973 وقد تكلم الكتاب عن البروبجندا والحروب النفسية وكيفية التخلص من الأعداء بدون احتلال أو أسلحة ثقيلة عن طريق الحرب النفسية التى تلعب على المشاعر والدوافع والإدراك وتصيب الخصوم بحالة من الإحباط واليأس والخوف. أثناء الحرب العالمية الثانية ظهر علم حديث وهو علم النفس السياسى الذى يدرس السلوك السياسى للمواطن والزعيم والعوامل النفسية التى تتدخل فى صنع القرار والتأثير النفسى للإعلام على الرأى العام، وسريعّا ما انضم هذا العلم لعلوم المخابرات وأصبح من الصعب أن يكون هناك ضابظ مخابرات محترف غير مدرك لعلم النفس السياسى أو لم يأخذ دورات متقدمة فيه. هذا أيضا مذكور فى كتاب مقدمة عن علم النفس السياسى الذى نشر عام 2009 لكاتبته ماراثا كتوم أستاذة العلوم السياسية بجامعة واشنطن، نأتى هنا إلى مصطلح حروب الجيل الرابع الذى ظهر بقوة وأصبح معروفًا إعلاميًا وانتقل من العالم السرى للمخابرات إلى العامة والرأى العام ولكنه ظل محاطًا بالغموض وعدم الوضوح والمثير عدم وضوح آليات التنفيذ، فالبعض قال إنه التطور لاستخدام الحروب النفسية وآخرون قالوا إنه حرب معلومات وقيل إنها نموذج للحرب الباردة التى تعتمد على نشر الإشاعات واختراق الصحف والإعلام ونشر أكاذيب عن الجيش والمخابرات وفساد رجال السلطة والتشكيك فى قدرة الأمن على حماية المواطنين، هذا كما يقول ضابط فى البحرية الأمريكية برتبة رائد أثناء تقدمه لنيل درجة الماجستير من كلية الدراسات العليا للبحرية الأمريكية عام 2014، وقد لخص حروب الجيل الرابع أنها حروب لا عنف. وأضاف أنها تجعل خصمك يقضى بنفسه على نفسه وعدد آليات كثيرة لتنفيذ وتطبيق حروب الجيل الرابع وأهم هذه الآليات وسائل التواصل الاجتماعى ثم الإعلام المرئى والمكتوب. سوف نتكلم عن آليات التنفيذ بالتفاصيل فى الأيام القادمة لأنها تتغير وتتطور بسرعة رهبية، حيث إنها حرب تكنولوجيا فى المقام الأول، ولتكن البداية عن التسربيات. تعودنا أن تكون الفضائح فى عالم السياسية منصبة ومركزة على الفضائح الجنسية وهنا ظهر مصطلح الجنس السياسى وأصبح مفتاحًا للابتزاز والضغط وتحطيم سمعة أى سياسى عن طريق استغلال نقط ضعفه وشهواته وأصبحت أغلب أجهزة المخابرات تستخدم مجموعة من النساء الساقطات والداعرات وتجندهم من أجل الحصول على المعلومات أو استخدامهم فى الفضائح الجنسية وتصوير وتسجيل لقطات جنسية للسياسين، لكن الوضع فى التسربيات مختلف فالتسربيات ليست جنسية ولكنها تسجيلات لبعض مكالمات وجلسات أكبر قيادات الجيش وبعد ذلك إذاعتها فى قنوات فضائية ومواقع إلكترونية معادية للنظام الحالى. فى مدراس علم النفس هناك عدة مدراس للتحليل الشخصيات والسلوكيات والدوافع وكيفية استخدام الحواس لتلقى وإدراك وتحليل المعلومة فلدينا فى التسربيات أشخاص وهم قيادات الجيش والأشخاص الذين سربوا التسجيلات والذين أذعوا التسجيلات وهم القنوات الفضائية ومواقع إلكترونية ممولة من الإخوان. حتى الآن ليس معلومًا بالضبط الجهة التى سجلت وسربت، فهناك عدة أقاوييل وعدة شكوك وهذا هو أخطر ما فى الموضوع أنك لا تدرى من هو خصمك ويجعلك تشك فى كل من حولك، طبيعة رجل المخابرات الشك والحذر ولكن يوجد لديه أشخاص مصدر ثقة لا يشك فيهم مطلقّا ويعلم ولاءهم المطلق له. الذى سجل يعلم ذلك ويعلم أن ذلك يعد حربًا نفسية فى منتهى القوة وبأسلوب يستخدم أعلى وسائل التكنولجيا ومنها برامج السوفت وير التى تقلد الأصوات أو برامج التواصل الشهيرة الموجودة على الهواتف المحمولة الحديثة كالواتس آب والفيبر التى تسجل المكالمات دون دراية مستخدميها وبعد ذلك يتم اختراق هذه الهواتف عن طريق تقنيات عالية لا يملكها إلا أجهزة مخابرات أو منظمات إرهابية دولية. بعد إذاعة كل تسجيل يتساءل الناس هل هى حقيقة أم مفبركة بغض النظر عن المحتوى، بعض السياسيين والإعلاميين أكدوا أنها مفبركة والبعض الآخر أكد أنها حقيقة، فمثلا هناك صحفى مخضرم وأسطورة مثل محمد حسنين هيكل (الأستاذ) أكد أن التسجيلات حقيقة وقد ذكر هذا الكلام فى إحدى الحلقات التى سجلها مع الإعلامية لميس الحديدى وفسر ذلك بأن العالم أصبح كله يسجل لبعضه وذكر على سبيل فضحية اكتشاف تسجيل وتنصت إدارة أوباما لمكالمات المستشارة الألمانية ميركل. وهناك رأى سمعته أخيرّا من الإعلامى الكبير المثقف القدير الواعى جورج قرداحى وذلك عندما حل ضيفّا على الإعلامى وائل الإبراشى فى برنامج العاشرة مساءً ولكنها ليست على قدر من الأهمية وأن الإخوان ليسوا بقدر كبير من الذكاء ولم يحسنوا استغلال التسجيلات، أما المستشار مرتضى منصور فذهب إلى أنها مفبركة وأكد أن هناك برامج يتم إنزالها على الهواتف المحمولة تجيد تقليد الأصوات وذلك خلال حلقة مع الإعلامى وائل الإبراشى بعد تحليل الأشخاص. نأتى إلى الدوافع وهى خطيرة فالذى سجل وسرب يريد أن يوجه رسالة إلى القيادة السياسية وإلى الرأى العام وهى باختصار أنه قادر على الوصول واختراق أقوى تحصين أمنى فى البلد وهى التحديث والتعديل لموضوع أمراء وملوك أوروبا والأندلس والقرون الوسطى عندما كانوا يجدون رسائل تهديد فى غرف نومهم أو خناجر فى وسائدهم، هذه التسجيلات نجحت فى إثارة البلبلة والضجة والبروبجندا وهذا جزء من الحرب النفسية والهدف منها أيضا إشغال الرأى العام وإلهاء القيادة عن أعمال أكبر وإشعار المواطن بالخطر، ولحسن الحظ أن الإخوان أغبياء والذى اختار التسربيات غبى وغير محترف، مثله كحرامى وضعت له خطة للسرقة خزنة بنك بها 10 مليارات دولار ولكنه ترك ذلك وانشغل بسرقة شنطة أحد عملاء البنك والتى يوجد بها 10 آلاف جنيه، وذهب ليحتفل ويسكر بعد السرقة فانكشف أمره. فكل التسربيات محتوها ضعيف ولا يوجد بها شىء يعيب من تم التسجيل له. الإخوان اشتروا الوهم من أجهزة المخابرات المعادية وابتلعوا الطعم وأنفقوا الملايين فى إذاعة تسربيات ساذجة مل المواطنون من متابعتها.. الخلاصة التسربيات ليس لها قيمة ومحتواها ضعيف وتكمن أهميتها من خلال أهمية الأشخاص الموجودين فى التسريب والحل هو التجاهل والتركيز على الإنتاج والاستثمار حتى لا نسقط فى فخ الحروب النفسية.