"الشناوي قد يلحق بمباراة الاتحاد".. يلا كورة يكشف حالة المصابين في الأهلي    الجمعة العظيمة: محاكمة وصلب المسيح وختام أسبوع الآلام    وكيل أوقاف الشرقية في خطبة الجمعة: الأوطان تبنى بيد الشرفاء والمخلصين    إعلان الفائزين بالمؤتمر السنوي العلمي الرابع للدراسات العليا بهندسة القناة (صور)    جولد بيليون: البنوك المركزية العالمية تشتري 16 طن ذهب خلال مارس2024.. تفاصيل    الكرتونة ب 80 جنيها، مبادرة جديدة في الشرقية لتخفيض أسعار البيض (فيديو وصور)    الإسكان تطرح أراضى للتخصيص الفوري بالصعيد، تفاصيل    القصير يبحث آفاق التعاون المصري القطري في الزراعة والأمن الغذائي    الشرقية تسترد 7 أفدنة و2317 مترًا من أملاك الدولة والزراعات    نائب وزير التخطيط يفتتح أعمال الدورة الثالثة للجنة تمويل التنمية في الدول الأعضاء بالإسكوا    الدفاعات الجوية الإسرائيلية تعلن اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من لبنان    30 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    السفيرة مشيرة خطاب تشيد بقرار النائب العام بإنشاء مكتب لحماية المسنين    متسابقون من 13 دولة.. وزير الرياضة يطلق شارة بدء ماراثون دهب الرياضي للجري    وحدات سكنية وهمية.. ضبط سيدة استولت على أموال المواطنين ببني سويف    ضبط 299 قضية مخدرات وتنفيذ 63 ألف حكم قضائى خلال 24 ساعة    ب«تفعيل الطوارئ».. «الصحة» بالقليوبية: عيادات متنقلة بمحيط الكنائس خلال احتفالات عيد القيامة    إصابة 6 سيدات في حادث انقلاب "تروسيكل" بالطريق الزراعي ب بني سويف    الثانوية العامة 2024| مواصفات أسئلة الامتحانات    مركز السينما العربية ينظم 5 فعاليات مهمة في مهرجان كان    تعرف على إيرادات فيلم السرب في السينمات خلال 24 ساعة    شاهد.. جدار تعريفى بالمحطات الرئيسة للحج بمعرض أبو ظبى للكتاب    في الذكري السنوية.. قصة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة    فريدة سيف النصر تكشف سبب تسمية سمير غانم لها ب "فريدة سيف الرقص"    دعاء الهداية للصلاة والثبات.. ردده الآن تهزم شيطانك ولن تتركها أبداً    صور الأمانة في المجتمع المسلم.. خطيب الأوقاف يكشفها    ماذا قدمت الصحة المصرية للمصابين الفلسطينيين؟.. علاج 13 ألف من أشقائنا في غزة بالمستشفيات المصرية.. وتقديم 11 ألف جلسة دعم نفسي    أستاذ أمراض القلب: الاكتشاف المبكر لضعف عضلة القلب يسهل العلاج    الصحة: تقديم 10 آلاف و628 جلسة دعم نفسي ل927 مصابا فلسطينيا منذ بداية الحرب    التضامن تكرم إياد نصار عن مسلسل صلة رحم    فرص عمل في 55 شركة.. شروط شغل الوظائف في القطاع الخاص براتب 6000 جنيه    علام يكشف الخطوة المقبلة في أزمة الشحات والشيبي.. موقف شرط فيتوريا الجزائي وهل يترشح للانتخابات مجددا؟    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    تركيا: تعليق التجارة مع الاحتلال حتى وقف إطلاق نار دائم في غزة    توريد 107 آلاف و849 طن قمح لصوامع وشون كفر الشيخ    نقيب المهندسين: الاحتلال الإسرائيلي يستهدف طمس الهوية والذاكرة الفلسطينية في    برشلونة يستهدف التعاقد مع الجوهرة الإفريقية    صحف إيطاليا تبرز قتل ذئاب روما على يد ليفركوزن    رئيس البرلمان العربي: الصحافة لعبت دورا مهما في كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    البنتاجون: نراقب الروس الموجودين في قاعدة يتواجد فيها الجيش الأمريكي في النيجر    قصور الثقافة: إقبال كبير على فيلم السرب في سينما الشعب.. ونشكر «المتحدة»    أيمن سلامة ل«الشاهد»: مرافعة مصر أمام العدل الدولية دحضت كافة الأكاذيب الإسرائيلية    الوزراء: 2679 شكوى من التلاعب في وزن الخبز وتفعيل 3129 كارت تكافل وكرامة    "مضوني وسرقوا العربية".. تفاصيل اختطاف شاب في القاهرة    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    أسعار الفراخ اليوم الجمعة 3-5- 2024 بعد انخفاض الكيلو في بورصة الدواجن    مصر أكتوبر: اتحاد القبائل العربية يعمل على تعزيز أمن واستقرار سيناء    واعظ بالأزهر ل«صباح الخير يا مصر»: علينا استلهام قيم التربية لأطفالنا من السيرة النبوية    وزير التنمية المحلية يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد القيامة المجيد    رئيس اتحاد الكرة: عامر حسين «معذور»    عبد المنصف: "نجاح خالد بيبو جزء منه بسبب مباراة ال6-1"    هل مسموح للأطفال تناول الرنجة والفسيخ؟ استشاري تغذية علاجية تجيب    تشكيل الهلال المتوقع أمام التعاون| ميتروفيتش يقود الهجوم    كيفية إتمام الطواف لمن شك في عدد المرات.. اعرف التصرف الشرعي    الناس لا تجتمع على أحد.. أول تعليق من حسام موافي بعد واقعة تقبيل يد محمد أبو العينين    «تحويشة عمري».. زوج عروس كفر الشيخ ضحية انقلاب سيارة الزفاف في ترعة ينعيها بكلمات مؤثرة (صورة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ننشر تفاصيل أعظم 10 قصص حب في التراث العربي
نشر في البوابة يوم 14 - 02 - 2015

قصص الحب لها باع طويل عند العرب وقد توارثتها الكتب والمؤرخون، وشملتها طيات الزمان كمصادر للدلالة على العشق المبارك أو الممنوع، ورغم أن أغلبها ينتهي نهاية محزنة، إلا أنها تعتبر من أجمل ما حمل لنا التاريخ من عبير الأيام الخوالي.
1-آدم وحواء:
تعتبر قصة آدم وحواء من أعظم القصص وأولها في الحب حيث اجتمعا على الحب معا في الوقت الذي كانت الحياة مقتصرة عليهما فقط وكلنا يعرف قصة آدم وحواء.
2-عنترة وعبلة:
من أجمل هذه القصص وأكثرها تداولا، قصة الشاعر والفارس عنترة العبسي، الذي وقع في حب ابنة عمه عبلة بنت مالك، وصادف أن أحبته هي الأخرى، وكان عنترة قد نشأ من أب عربي هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هي الأمة السوداء الحبشية زبيبة، واكتسب عنترة السواد من أمه.
وبلغ الحب بعنترة وعبلة مبلغه فصارا عاشقين، وتقدم عنترة إلى عمه يخطب ابنته، لكن لون بشرته السوداء ونسبه وقفا في طريقه.
فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجري في عروقه دم غير عربي، وحتى يصرفه عنها ويشعره بقلة الحيلة والعجز عن دفع مهرها، طلب منه أن يدفع لها مهرًا ألف ناقة حمراء من نوق الملك النعمان المعروفة بالعصافير، فسعى عنترة لتحقيق ذلك، وبلغ منه الأمر من المشقة أقساها، إلا أنه لم يستسلم، وجاء بمهر عبلة، إلا أن والدها لم يقبله منه، وبدل ذلك جعل من مهر ابنته رأس عنترة لمن أراد الزواج منها، فرأى من ذلك عنترة الويل، وواجه المستحيل، وفي النهاية قضى الأمر أن تتزوج عبلة من فارس عربي، وتترك عنترة في حزنه، هائما في حبها ينظم الشعر فيها حتى مات.
3-قيس وليلى:
أحب" قيس بن الملوح" إبنة عمه "ليلى بنت المهدى" وهما صغيران يرعيان ابل أهلهما، ولما كبرا حجبت عنه ليلى، وظل قيس على حبه وبادلته ليلى الحب، ولما شاعت بين الناس قصة حبهما غضب والد ليلى ورفض زواجه منها فحزن "قيس" واعتلت صحته بسبب حرمانه من ليلى فذهب والده إلى أخيه والد ليلى وقال له: إن ابن أخيك على وشك الهلاك أو الجنون فاعدل عن عنادك وإصرارك، إلا أنه رفض وعاند وأصر على أن يزوجها، فلما علم بحبها لقيس هددها إن لم تقبل بزوج آخر ليمثلن بها، فوافقت على مضض، ولم تمض إلا عدة أيام حتى زوج "المهدى" ابنته من "ورد بن محمد" فاعتزل قيس الناس وهام في الوديان، ذاهلا لا يفيق من ذهوله إلا على ذكرى ليلى. وأصبح قيس يزور آثار ديارها ويستعبر ويبكي وينظم الشعر في حبها، حتى لقب بالمجنون.
وبادلته ليلى ذلك الحب العظيم حتى مرضت وألم بها الداء والهزال، فماتت قبله، وعلم بموتها فما كان منه إلا أن داوم على قبرها راثيا لها ولحبها، حتى مات.
4-عروة وعفراء:
كان عروة يعيش في بيت عمه والد عفراء بعد وفاة أبيه، وتربيا مع بعضهما فأحبا بعضهما وهما صبيان.
فلما شب عروة تمنى أن يتوج الزواج قصة حبهما الطاهرة، فأرسل إلى عمه يخطب إليه عفراء، ووقف المال عقبة في طريق العاشقين، فقد غالت أسرة عفراء في المهر، وعجز عروة عن القيام به. وألح عروة على عمه، وصارحه بحب عفراء، ولأنه كان فقيرا راح والدها يماطله ويمنيه الوعود، ثم طلب إليه أن يضرب في الأرض لعل الحياة تقبل عليه فيعود بمهر عفراء، فما كان منه إلا أن إنطلق طلبا لمهر محبوبته.
وعاد بعدما جمع مهرها ليخبره عمه أن عفراء قد ماتت، ويريه قبرًا جديدًا ويقول له إنه قبرها، فانهار عروة وندب حظه وبكى محبوبته طويلا، حتى جاءته المفاجأة، فقد ترامت إليه أنباء بأن عفراء لم تمت، ولكنها تزوجت، فقد قدم أموي غني من الشام في أثناء غيبته، فنزل بحي عفراء، ورآها فأعجبته، فخطبها من أبيها، ثم تم الزواج رغم معارضتها، ورحل بها إلى الشام حيث يقيم.
ولما علم بذلك انطلق إلى الشام، ونزل ضيفًا على زوج عفراء والزوج يعرف أنه ابن عم زوجته ولا يعلم بحبهما بطبيعة الحال، ولأنه لم يلتق بها بل بزوجها فقد راح هذا الأخير يماطل في إخبار زوجته بنبأ وصول ابن عمها.
فألقى عروة بخاتمه في إناء اللبن وبعث بالإناء إلى عفراء مع إحدى الجواري، وأدركت عفراء على الفور أن ضيف زوجها هو حبيبها القديم فالتقاها، وحرصا منه على سمعة عفراء وكرامتها، وإحتراما لزوجها الذي أحسن وفادته وأكرم مثواه، غادر تاركا حبه خلفه.
ومضى الزمان عليهما، ومرض عروة مرضا شديدا، وأصابه السل حتى فتك به، وأسدل الموت على العاشقين ستار الختام بموت عروة، بلغ النبأ عفراء، فاشتد جزعها عليه، وذابت نفسها حسرات وراءه، وظلت تندبه حتى لحقت به بعد فترة وجيزة، ودفنت في قبر بجواره.
5-تاجوج والمحلق:
ومن قصص الحب التي تتخذ منحا آخر لم نعتده في قصص العرب، قصة تاجوج والمحلق، فهي لم تحرم من حبه ولم يحرم من الزواج بها إلا أنه فرط بها دون قصد فخسرها.
كانت تاجوج بنت الشيخ محمد بن على بن محلق بن محمد بن على التي دوت أخبارها في أكثر الافاق وتناقل الناس حديث جمالها. فتقدم المحلق إلى والدته يطلب منها أن تخطبها له من خاله. فامتثلت الأم وطلبت من أخيها ابنته " تاجوج " لأبنها المحلق، فرضي الخال ولكن بعد أن طلب مهرًا غاليًا من ابن أخيه فأستعان المحلق بوالده وأوجده لأصهاره، وكل عاشق لا يعوقه غلاء المهر وتم القران.
عاشت تاجوج تحت سقف الزوجية يرفرف فوقهما ملاك الحب المتبادل، وكانا أسعد زوجين عرفتهما أرض القبيلة، لكن حبه المتقد لها كان عثرة لحياتهما، فأكثر من المدح فيها وتناقل الشعر في محاسنها، حتى أشعل غيرة الفتيان، فما كان من أحد أبناء عمومته، يقال له النور بن اللمم إلا أن جاءه ونهره في ذكره زوجته في أشعاره حتى صارت غناء الفرد والجماعة ومضغة لأفواه تلوكها الألسن وعرف اسمها ووصفها القاصي والداني.
وهنا وقعت الطامة، فقد ذهب حبها بعقله حتى لم يعد يدرك ما يفعل، فدعا ابن اللمم ليراها قائلا: "تعال معي إلى الخباء كي أريك إياها في غفلة منها"، وكانت هذه الدعوة كافية لأن تظهر اللوثة التي أصابت المحلق من جنون حبه وأنه أصبح لا يعرف ما يصح وما لا يصح.
ورافقه إلى موقع لا تراه فيه، وشق له ثقبا في خبائها ظنا منه أنها لم تشعر به، ثم دخل عليها وطلب منها أن ترقص له، فتعجبت من طلبه ولكنها صبرت وتجلدت وقالت سمعًا وطاعة، إلا أنها استحلفته أن ينفذ لها طلبا بعد ذلك لا يردها أبدا، فوعدها ظنا منه أن طلبها لن يتعدى ما تطلبه النساء من ترف.
فلما ضمنت منه تنفيذه لطلبها نفذت مطلبه، ولما انتهت من رقصاتها كان الفرح قد تملكه والهيام أسكره فشكرها وطلب منها أن تذكر مطالبها، فنظرت إليه طويلًا وقالت له "طلبي واحد وهو الطلاق والفراق الأبدي"، فصعق حين سمع طلبها وانزعج ابن اللمم وولى هاربًا من وراء الخباء بعد أن دمر عامرًا حلالًا، إلا أن الأمر كان قد انتهى ووقع الطلاق، فلا رجعة فيه. وبذلك خسر المحلق زوجته التي هام بها، رغم كل محاولاته لاستردادها، فما كان منه إلا أن قضى نحبه كغيره من المحبين، إلا أن فرقه هو أن محبوبته غادرته بخطأ منه.
6-عبد الله وهند:
وعلى نحو من نفس الصورة السابقة تقريبا كانت مأساة عبد الله بن العجلان وهند، وكلاهما من نهد من قضاعة، وهي أقرب مأساة جاهلية إلى مأساة قيس بن ذريح ولبنى، وأشدها شبهًا بها.
رأى عبد الله هندا على بعض المياه فأحبها، ثم مضى إلى أبيها فخطبها، وتحقق له أمله فتزوجها وعاش معها بضع سنين كأسعد ما يكون، حبيبان ربط بينهما رباط الزوجية المقدس.
ولكن القدر أبى عليهما السعادة التي ينعمان بها، فقد كانت هند عاقرا، وكان عبد الله وحيد أبويه، وكان أبوه سيدا من سادات قومه المعدودين، ومن أكثرهم مالًا وأوسعهم ثراء، فطلب إليه أن يطلقها ويتزوج غيرها عسى أن ينجب منها من يحفظ على الأسرة مالها وكيانها.
وأبى عبد الله، وتحرجت الأمور بينه وبين أبيه الذي أقسم أن لا يكلمه حتى يطلقها، وتمسك عبد الله بزوجه الحبيبة، ولكن أباه جمع عليه أعمامه وأبناء أعمامه، وما زالوا به حتى ضعف أمامهم فانفصل عنها. وما إن نفذ السهم حتى أسف عليها، وندم على فراقها، واشتد حزنه وجزعه من أجلها.
ثم تزوجت هند من شخص اسمه نمير، فضاقت السبل في وجه عبد الله، وانهارت أعصابه، واصطلحت على جسده العلل والأدواء. وعرض عليه أهله فتيات الحي لعل إحداهن تعجبه فتنسيه صاحبته الأولى، ولكنه رفض الزواج. وقضى عبد الله بعد ذلك حياته يبكي حبه القديم، وفردوسه المفقود، وسعادته الضائعة، حتى مات حزنا عليها، وأسفا على أمل كان بين يديه ثم فرط فيه فضاع منه إلى الأبد.
7-قيس ولبنى:
من هذه القصص الشهيرة حكاية قيس آخر، هو قيس بن ذريح الذي عشق لبنى في زمن معاوية، في نفس الوقت الذي شهدت نجد فيه مأساة مجنون ليلى شهد الحجاز مأساة أخرى من مآسي الحب العذري بطلاها قيس بن ذريح وصاحبته لبنى.
كان قيس ابن أحد أثرياء البادية، وذات يوم حار كان قيس في إحدى زياراته لأخواله الخزاعيين وهو يسير في الصحراء شعر بالعطش الشديد، فاقترب من إحدى الخيام طالبا ماء للشرب، فخرجت له فتاة طويلة القامة رائعة الجمال ذات حديث حلو هي لبنى بنت الحباب، استسقاها فسقته، فلما استدار ليمضي إلى حال سبيله دعته لأن يرتاح في خيمتهم قليلًا ويستبرد، فقبل دعوتها وهو يتأملها بإعجاب شديد. وتقول الحكاية أن أباها الحباب جاء فوجد قيسا يستريح عندهم فرحب به وأمر بنحر الذبائح من أجله واستبقاه يوما كاملًا.
ثم تردد عليها وشكا لها حبه فأحبته. وعندما عاد قيس، مضى إلى أبيه يسأله أن يخطبها له فأبى. فالأب ذا الثراء العريض كان يريد أن يزوجه واحدة من بنات أعمامه ليحفظ ثروة العائلة، فقد كان قيس وحيده، فأحب أن لا يخرج ماله إلى غريبة، وقال له: بنات عمك أحق بك. فمضى إلى أمه يسألها أن تذلل له العقبة عند أبيه، فوجد عندها ما وجد عنده. لم يجد قيس أذنا صاغية، ومع ذلك لم ييأس ولجأ إلى أحد أقاربه، ووسطه في الأمر. وشاء الله أن تكلل وساطته بالنجاح.
وتحقق لقيس أمله وتزوج من لبناه، لكن القدر أبى عليهما سعادتهما ولم يشأ للعاشقين أن يتحولا إلى زوجين عاديين ممن يقتلهما السأم. وظل الزوجان معا، لعدة سنوات دون أن ينجبا، ودون تردد أشاعت الأسرة أن لبنى عاقر، وخشي أبواه أن يصير مالهما إلى غير ابنهما، فأرادا له أن يتزوج غيرها لعلها تنجب له من يحفظ عليهما مالهما. ولما كان أبو قيس تواقا لذرية تتوارث ثروته الطائلة، فقد ألح على ابنه أن يتزوج من أخرى لتنجب له البنين والبنات.
لكن قيسا أبى، كما رفض أيضا أن يطلق زوجه الحبيبة، وتحرجت الأمور بينه وبين أبويه، فهما مصممان على طلاقها، وهو مصمم على إمساكها. وظل الأب يلح ويسوق عليه كبار القوم، دون جدوى وإمعانا في الضغط عليه أقسم الأب ألا يظله سقف بيت طالما ظل ابنه مبقيا على زواجه من لبنى، فكان يخرج فيقف في حر الشمس، ويأتي قيس فيقف إلى جانبه ويظله بردائه ويصلي هو بالحر حتى يفيء الظل فينصرف عنه، ويدخل إلى لبنى ويبكى وتبكى معه، ويتعاهدان على الوفاء.
وتأزمت المشكلة، وساءت العلاقات بين طرفيها، واجتمع على قيس قومه يلومونه ويحذرونه غضب الله في الوالدين، وما زالوا به حتى طلق زوجه. كان قيس شديد البر بوالده فلم يشأ أن يتركه يتعذب في الهجير، واضطر اضطرارا لأن يطلق لبنى.
رحلت لبنى إلى قومها بمكة، وجزع قيس جزعًا شديدًا، وبلغ به الندم أقصى مداه، ومع ذلك فقد كانت تتاح للعاشقين من حين إلى حين فرصة لقاء يائس حزين. وتزوج قيس كارها زواجًا لا سعادة فيه، وبلغ الخبر لبنى فتزوجت هي أيضًا زواجا لا سعادة فيه. واختلف الرواة حولها، فمن قائل إن زوجها طلقها فأعادها قيس إلى عصمته ولم تزل معه حتى ماتا، ومن قائل إنهما ماتا على افتراقهما.
8-جميل بثينة:
حدثت قصة جميل بثينة في العصر الأموي، أحب جميل بن معمر العذري بثينة بنت الحباب وبدأت القصة، رأى بثينة وهو يرعى إبل أهله، وجاءت بثينة بإبل لها لترد بها الماء، فنفرت إبل جميل، فسبها، ولم تسكت بثينة وإنما ردت عليه، وبدلا من أن يغضب أعجب بها، واستملح سبابها فأحبها وأحبته، وبدأت السطور الأولى في قصة هذا الحب، فراحا يتواعدان سرا.
لقد اشتد هيام جميل ببثينة، واشتد هيامها به، وبدلًا من أن يقبل قومها يد جميل التي امتدت تطلب القرب منهم في ابنتهم رفضوها، ولكي يزيدوا النار اشتعالًا سارعوا بتزويج ابنتهم من فتى منهم، هو نبيه بن الأسود العذري.
ولم يغير هذا الزواج من الحب الجارف الذي كان يملأ على العاشقين قلبيهما، فقد كان جميل يجد السبل إلى لقائها سرًا في غفلة من الزوج. وكان الزوج يعلم باستمرار علاقة بثينة بجميل ولقاءاتهما السرية، فيلجأ إلى أهلها ويشكوها لهم، ويشكو أهلها إلى أهل جميل، فنذروا قتله، ففر جميل إلى اليمن حيث أخواله، وظل مقيما بها زمنا، ثم عاد إلى وطنه ليجد قوم بثينة قد رحلوا إلى الشام، فرحل وراءهم.
وأخذ النور يخبو، ثم ينطفئ السراج، وتودع بثينة الحياة بعيدة عن جميل الذي وهبته حبها وإخلاصها، وودع العاشق حياته على أمل في أن يجمع الله بينه وبين صاحبته بعد الموت.
9-كثير عزة:
تأتي قصة كثير عزة لتنضم لغيرها من قصص العشاق من الشعراء الذين آلمهم عشقهم فجعلهم يبدعون أروع القصائد في وصف الحبيب والشوق إليه، وكان كثير هو أحد أبطال العشق الذين نسبت أسمائهم إلى أسماء معشوقاتهم، وكثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن مليح من خزاعة، هو شاعر متيم من شعراء العصر الأموي، من أهل المدينة، توفى والده وهو لا يزال صغيرًا فكفله عمه، وأوكل له مهمة رعاية قطيع من الإبل.
أما الحبيبة فهي عزة بنت حُميل بن حفص من بني حاجب بن غفار كنانية النسب، كناها كثير في شعره بأم عمرو ويسميها تارة الضميريّة وابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة.
ويقال عن قصة حبه مع عزة أنه في إحدى المرات التي كان يرعى فيها كثير إبله وغنمه وجد بعض النسوة من بني ضمرة، فسألهن عن أقرب ماء يورد إليه غنمه، فقامت إحدى الفتيات بإرشاده إلى مكان الماء وكانت هذه الفتاة التي دلته على مكان الماء هي عزة والتي اشتعل حبها في قلبه منذ هذه اللحظة وانطلق ينشد بها الشعر، وكتب بها أجمل ما قال من غزل.
عرفت عزة بجمالها وفصاحتها فهام بها كثير عشقًا ونظم الأشعار في حبه لها مما أغضب أهلها وسارعوا بتزويجها من آخر ورحلت مع زوجها إلى مصر، فانفطر قلب كثير وانطلقت مشاعره ملتهبة متأججة ولم يجد سوى الشعر ليفرغ به آلامه وأحزانه في فراق الحبيب.
سافر كثير إلى مصر حيث دار عزة بعد زواجها وفيها صديقه عبد العزيز بن مروان الذي وجد عنده المكانة ويسر العيش، وجاءت وفاته في الحجاز هو وعكرمة مولى ابن عباس في نفس اليوم فقيل: مات اليوم أفقه الناس وأشعر الناس.
10-عمرو وعقيلة:
قصة أخرى من قصص الحب انتهت بمأساة كانت بين عمرو بن كعب بن النعمان الملك وابنة عمه عقيلة.
نشأ عمرو معها في بيت أبيها بعد وفاة أبيه، وربط الحب بين القلبين الصغيرين، حتى إذا ما كبرا تقدم إلى أبيها يطلب عونه لما كان بين أسرتيهما من صلة. ثم يبلغه أن عمه زوج عقيلة لأحد من بني فزارة، فكانت صدمة له لم تقوى على احتمالها أعصابه فانهار، وانطلق إلى الصحراء ذاهلا عن كل شيء هائما على وجهه في إقليم اليمامة، وقد شد بصره إلى السماء، حتى أدركته منيته في تيه لم يعرف مكانه فيه.
وفى بيت الفزارة، تعيش عقيلة كما يذكر الرواة عذراء، وتنهار أعصاب زوجها، فيخرج هو أيضا إلى الصحراء هائما على وجهه فلا يدري أين مذهبه. وتعود عقيلة إلى بيت أبيها تندب حظها، وتبكي مأساتها، وتدب الأدواء والأسقام في جسدها حتى تذويه وتضنيه، ثم يضمها الموت إليه لتلحق بحبيبها.
وغيرها الكثير من القصص التي ملأت جعبات التاريخ، إلا أن بابها لو فتح فلا مجال لإغلاقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.