عمله الأدبى الأخير «ساق البامبو» لم يكن عملاً روائيًّا فحسب، بل تجاوز كل هذه الحدود ليأخذ القارئ إلى رحلة البحث عن الهوية، واكتشاف الذات، والرغبة بالانتماء، فالرجل استطاع أن يتحدى القلم، ويجذب الفكرة إلى أرض الواقع، وفوق هذا وذاك تجاوزه حائط العادات والتقاليد فى المجتمع الخليجى، لتلقى بعشرات الأسئلة فى فضاء الواقع المرير؛ لعلها تجد طريقها نحو المكاشفة والإنصاف.. إنه الروائى الكويتى الشاب سعود السنعوسى، الأخير وبسبب ما حققته أعماله من نجاح حاز على اهتمام الأوساط الثقافية مجتمعة، وكذا لم يفت إدارة معرض القاهرة الدولى للكتاب استضافته فى دورته ال46. صاحب رواية «سجين المرايا» من مواليد 1981 عضو رابطة الأدباء فى الكويت وجمعية الصحفيين الكويتيين، نُشر له قصة «البونساى والرجل العجوز» التى حصلت على المركز الأول فى مسابقة القصص القصيرة التى تجريها مجلة العربي الكويتية بالتعاون مع بى بى سى العربية، أصدر روايته الأولى «سجين المرايا» عام 2010 والتى فازت بجائزة ليلى العثمان لإبداع الشباب فى القصة والرواية فى دورتها الرابعة، كما فاز بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» عام 2013 عن روايته «ساق البامبو» التى حصدت أيضا جائزة الدولة التشجيعية فى الكويت عام 2012، والتى قدم من خلالها ثورة على عادات وتقاليد الطبقة الغنية فى مجتمعه –الكويت- من خلال عرض المآسى التى تتعرض لها العمالة الخارجية فى دول الخليج فكانت البوكر من نصيبها اعترافا بمدى قيمة وأهمية الضوء الذى سلطه الكاتب على قضايا مجتمعية معاصرة من خلال بساطة الطرح وعمق المعالجة، دون تحليل للظواهر أو البحث عن حلول لها. تدور أحداث «ساق البامبو» بين الكويتوالفلبين وتقارن طوال الوقت بين حياة الفقراء فى الفلبين وتعرض لأقصى طموحاتهم وأحلامهم، مقارنة بهموم الأغنياء فى الكويت الذين لا يشغلهم سوى صورة العائلة أمام المجتمع والذى يسعون للحفاظ عليها مهما كانت الخسائر والتضحيات. تحكى الرواية قصة «هوزية» كما تنطق فى الفلبين أو عيسى كما ينطق الاسم فى الكويت وهو الراوى الذى يتحدث عن معاناته منذ لقاء والده راشد الطاروف الروائى الشاب نجل عائلة الطاروف إحدى أكبر وأهم العائلات فى الكويت، بوالدته جوزافين الخادمة الفلبينية التى يتزوجها والده سرًا خشية أن يعنف من قبل والدته، ربة المنزل وكبيرة العائلة ذات الشخصية القوية، والتى ما إن عرفت بخبر حلول عيسى، الذى سماه راشد على اسم والده عيسى الطاروف، حتى قررت إما الاستغناء عن الابن والزوجة أو الخروج من «رحمتها»، فما كان من راشد إلا أن أرسل زوجته لتعود إلى الفلبين مرة أخرى حاملة صغيرها بين يديها، لينشأ فى منزل والدها «ميندوزا»، أحد مخلفات حرب فيتنام، حالمًا بالعودة يومًا إلى جنة الكويت التى وصفتها أمه له والتى هوّنت عليه مشقة الحياة، فى سبيل العودة إلى الجنة الموعودة، الكويت. من النسخة الورقية