"لا خوف من جيش يقذفه شعبه بالحجارة"..المقولة ليست لي، بل لصحف إسرائيلية، وهي ليست عن شعب فلسطين الذي ابتدع حرب الحجارة ضد العدو الإسرائيلي المدجج بأحدث الأسلحة، فيما عرف بعد ذلك بمسمى" الانتفاضة"، بل المعني به الشعب المصري الذي بات يقذف جيشه- الجيش المصري- بالحجارة.. في الأحداث الأخيرة. والغريب أن إسرائيل التي ذهبت لهذا الكلام ممثلا في صحفها، هي نفسها إسرائيل التي قالت إذاعتها في مارس الماضي بعد الثورة نفسها وفي ظل سيطرة الجيش على الأمور وحمايته للثورة وللشعب ولممتلكات مصر "ان جيش مصر هو أقوى الجيوش العربية والإفريقية قاطبة.. والظاهر أننا نكمل "ملحمة حرب الحجارة" لسعيد الرواجفة، لكن على طريقة" "حرب الأسلحة الفاسدة" أيام الملك فاروق، حيث نوجه السلاح الى أنفسنا لا إلى عدونا الذي يتربص بنا ويشرع أسلحته في وجوهنا. المقولة الإسرائيلية السابقة الخطيرة وقفت في حلقي كما يقف حجر صلد، فلا شربة ماء أو حتى قربة ماء كاملة تنزله لداخل جوفي، ولا "ملقاط "أو "رافعة" تشيلها من حلقي إلى خارج جسدي، وأغلقت كل ما بيدي وجلست وحيدا أتأمل ما قاله العنوان الصحفي الإسرائيلي " البراق" صحفيا و"المثير" إعلاميا، والمستفز لنا كمصريين أولا وأخرا.. لست أدري لماذا جلست استدعي كلمة تنتشلني مما أنا فيه حتى جاءت على لساني كلمة" " ياخراشي" – كلمة "الولاية" اي نساء مصر - ووجدتني أولول" بها وتتجاوب حيطان غرفتي معي وأسمع رجع الصدى يزلزل المكان والزمان كله.. ولهذه الكلمة" خراشي" مدلولي تاريخي مصري مهم أراه ينطبق على واقعنا الذي نعيشه، وهي وبالمناسبة مرجعها للشيخ محمد الخراشي ،أول شيخ تولى مشيخة الأزهر عام 1690 م و كان له من القوة والذكر والتأثير في النفوس وفي مجريات الأحداث ،مايفوق أجهزة الدولة نفسها، فكان كلما ادلهم أمر كمصيبة أو معضلة أو مشكلة تغشى مصر، يهرعون إليه قائلين:" يا خراشي" أي أنقذنا يا شيخ خراشي فذاعت الكلمة وأصبحت تطلق في كل مصيبة أو خبر مذهل أو مربك. ومن وحي هذه المعلومة تساءلت هي نستعين بالشيخ الخراشي، أقصد الأزهر، وهل يستطيع أن يحل الأزهر معضلة البلاد التي فاقت الوصف وتفرعت منها معضلات تلو معضلات؛ حتى صرنا نحرق معالمنا بأيدينا، ونضرب جيشنا بأيدينا، ونقلد اليهود القدامى الذين وصفهم رب البرية في جلاء خيبر أنهم"يخربون بيوتهم بأيديهم "؟! لا تزال توابع أحداث المعركة الشعبية الجيشية تتجد، ولا تزال ألسنة الدخان تتصاعد في سماء النفوس من وحي حرائق معلم مصر المجلس العلمي، ومجلس الوزراء والتدمير الذي طال القاهرة العظيمة قبلة القصاد ومهبط قلوب المحبين والعاشقين لمصر المحروسة.. ولا تزال النفوس مشحونة بقصد وبغير قصد مما شاهدناه ورأيناه من الهدية التي أهداها أبناء مصر من الجهلة والمرتزقة وربائب الشوارع للأعداء وقدموا لهم خراب مستعجل لمصر على طبق من الذهب دون أن يخسر أعداء الله خسائر لا في الأرواح ولا المعدات. إن كان حائط الصد، أعني به الجيش، قد انزلق للصدام مع الشعب، ونجح البعض في استدراج الشعب للصدام مع الجيش او العكس، فلم يعد يحكم اندفاع الأحداث أو يسد فوهتها من هنا وهناك وهنالك، وإن كان مجلس الوزراء فقد هيبته وكلمته ولم يعد حتى حماية مبناه او الدخول له بعد مصيبة الحريق إياه، والهجوم التتري عليه من قبل البعض، ورئيس المجلس تكاد تفضحه دموعه وهو يشرح الأحداث ويضع الشعب إمام القصور خاصة الشأن الاقتصادي، وأن الدول العربية ودول الثماني الكبار وأمريكا ليم يف أحد بما وعد من مد مصر بمليارات ممليرة ، إلا نذرا قليلا من بعض الدول ، وان كان الأمن ممثلا في وزارة الداخلية فقد السيطرة على الأمن، وكل ذلك مخافة الاتهام بضرب الديمقراطية ومعاداة الثورة، فما عساه أن يفعل الشيخ خراشي ، حتى وإن قام من قبره بقوة حجته وسطوة منزلته وسلطان دينه؟ وماذا يفعل الأزهر الحديث نفسه بهيئاته ولجانه وجامعته ومشيخته وشيوخه وأساتذته ؟ إن كنا نسلم بنتائج استطلاع رأي قامت به "بوابة الوفد" يوضح أن غالبية قراء أن الأزهر الشريف مازال حتى الآن بعيداً عن دوره الحقيقى حتى بعد ثورة يناير. حيث جاء في الاستطلاع أن الذين قالوا "لا" فى المرتبة الأولى وبلغت نسبتهم 76% والذين قالوا "نعم" بلغت نسبتهم 22،2% وغير المهتمين بلغت نسبتهم 1،8 %. أقول: إن كنا سنسلم بهذه النتائج، فيبقى دور الأزهر- الرمز والتاريخ والحفاظ على الدين- ليس كما ينبغي أن يكون، وعليه ان يكون أكثر تأثيرا في حل المشكلات التي مرت وتمر بها مصر. وان كان "أزهر الطيب" الآن هو غير "أزهر طنطاوي" الذي لم يكن هو الآخر مثل"أزهر جاد الحق" مثلا، وليس "أزهر المراغي"، فانه بلا شك ليس مثل "أزهر الخراشي"، ربما لاختلاف الظروف التي كانت مختلفة ومتباينة في عصر كل شيخ من هؤلاء الشيوخ الكبار؟! المطلوب من الأزهر ودار الإفتاء والكنيسة ومجلس الوزراء والجيش والمؤسسات السياسية والعلمية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية وكل الهيئات أن يقفوا صفا واحدا لحماية مصر، فمصر للجميع، ويجب أن يكون الجميع خداما لمصر وفداء لها من كل ما يمسسها بسوء. ** آخر الكلام: عن عمرو بن العاص قال: حدثني عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا فتح الله عليكم مصر بعدي، فاتخذوا فيها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض".. قال أبو بكر: ولم ذاك يا رسول الله؟ قال: " إنهم في رباط إلى يوم القيامة" . [email protected]