محمد صلاح: مدافعو الزمالك هم من جاملوا نهضة بركان وليس الحكم    برشلونة يعزز موقعه في وصافة الدوري الإسباني بثنائية أمام ألميريا    فاروق جعفر: واثق في قدرة لاعبي الزمالك على التتويج بالكونفدرالية.. والمباراة لن تكون سهلة    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    بعد ارتفاع عيار 21.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو في محافظات مصر    سيد عبد الحفيظ ل أحمد سليمان: عايزين زيزو وفتوح في الأهلي (فيديو)    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا.. ويجب تدخل وزرارة الرياضة والرابطة    لمدة خمس أيام احذر من هذه الموجة شديدة الحرارة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    حسين الشحات : نحترم تاريخ الترجي ولكننا نلعب على الفوز دائما    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    بعد ساعات من انتشار الفيديو، ضبط بلطجي الإسماعيلية والأمن يكشف ملابسات الواقعة    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    فتحي عبد الوهاب وهاني خليفة أبرز المكرمين.. صور    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    انقسام إسرائيلي حول غزة يعقد سيناريوهات إنهاء الحرب    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاميليا وملحمة التوحيد .. (20)..ولا يزال التحقيق مستمرا !!!
نشر في الأيام المصرية يوم 15 - 08 - 2012

المباغتة والجرأة، واللامنطق ... هي أميز ما في « عملية رفح - 5/6/2012 »، التي ذهب ضحيتها ستة عشر ضابطا وجنديا مصريا، وكذا سلسلة القرارات التي اتخذها الرئيس محمد مرسي، وأودت بسلطة العسكر في مصر .. وهددت « الدولة العميقة» بالاقتلاع من الجذور!!! لكن أين هي الحقيقة في كل ما يجري؟ ذلك هو السؤال المحير الذي يستحق المتابعة في هذه المقالة وبعدها.
حتى الآن
بخلاف حادثة تفجير « كنيسة القديسين - 1/1/2011 » في الإسكندرية!!! حيث تابعنا في ذلك الحين مئات التصريحات الأمنية والسياسية والتقارير والمقالات والتحاليل السياسية والعسكرية، علّنا نقع على خيط ما يمكن تتبعه، أملا في الوقوف على لغز التفجير، إلا أننا لم نجد ولو كلمة واحدة قد تكون سقطت على لسان شخصية ما. أما المفارقة العجيبة في « عملية رفح» فتكمن في أن الجميع كان يعرف أن هناك عمل ما يجري التحضير له، بل أن أرفع مسؤول استخباري في مصر اعترف بأنه كان يمتلك معلومات كاملة عن العملية وهوية المنفذين، وأن « إسرائيل»، بحسب صحيفة « بوابة الأهرام – 6/8/2012 » سحبت، قبل ساعات من البدء بتنفيذ العملية، عناصرها من النقطة الحدودية المقابلة لنقطة رفح، وأنها - « إسرائيل» - دمرت المدرعة التي اختطفها بعض المهاجمين وسمحت بهروب اثنين منهم، وأنها قبل هذا وذاك طلبت من مواطنيها مغادرة سيناء قبل سبع ساعات من تنفيذ العملية، وأن أفيجاي درعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش « الإسرائيلي» أعلن على حسابه في « تويتر» عن العملية قبل دقائق من وقوعها!!!
أما المفارقة الأعجب، فهي أن الفاعل ظل مجهولا في حالة الكنيسة إلى ما بعد سقوط مبارك، حيث تبين مسؤولية وزير الداخلية الحبيب العادلي عن الحادث. لكنه في « عملية رفح»، رغم توفر كل المعلومات إلا أن الفاعل ما زال مجهولا أيضا!!! ومع ذلك ثمة من تجرأ على اتهام الجماعات الجهادية في « عملية رفح» في الوقت الذي لم يتجرأ على اتهامها في حادثة الكنيسة. ولو لم يكن الرئيس المصري سليل جماعة « الإخوان المسلمين» لما اتهم أحد الجماعات الإسلامية أو الجهادية أو حتى أتى على ذكرها!!!
الثابت أيضا أنه لم تكن الجهات التي اتهمت القوى الإسلامية في غزة ورفح إلا « إسرائيل» و « المخابرات المصرية»، فضلا عن أساطين الردح الإعلامي، وكذا الحاقدون على كل ما هو مسلم وعربي وفلسطيني سواء كان من « حماس» أو من غير « حماس». أما القول بأن الجماعات « التكفيرية» هي التي نفذت « عملية رفح» فهو اتهام مُغرِضْ بالدرجة الأولى، ورخيص ووضيع من المدير السابق للمخابرات المصرية، بالدرجة الثانية، ولا يقل وضاعة في قيمته وحقيقته عن اتهام الحبيب العادلي ل « جيش الإسلام» بتفجير « كنيسة القديسين». ومع ذلك ثمة من انساق، بقصد أو بدون قصد، وراء اتهامات مراد موافي و « إسرائيل عبر توصيفها ب « المخترقة» أو « القابلة للاختراق»!!! ولا ريب أن أصحاب هذا الزعم؛ حين قبلوا وشجعوا، قبل أي تحقيق أو بينة، فكرة أن جماعة جهادية، معروفة أو مجهولة أو مصطنعة، هي التي نفذت العمل إنما فعلوا ذلك لسهولة استباحة هذه الجماعات، فوقعوا من حيث يدرون أو لا يدرون في فخ أطروحة الخصم والعدو دون تردد. وفي المقابل رفضوا أية دفوع لهذه الجماعات باعتبار أن بذرة « الاختراق» كامنة فيها، ولأنها مطاردة أمنيا فضلا عن أن المنابر الإعلامية تقف حجر عثرة أمام حقها في الدفاع عن نفسها.
ومع ذلك؛ فقد نفت الجماعات الجهادية، لاسيما « مجلس شورى المجاهدين – 8/8/2012»، مسؤوليتها عن العملية، بعد يومين على وقوعها، أما الأمر المؤكد، للبعيد والقريب، أنه لم يثبت في أكثر من 15 عملية تفجير لأنبوب الغاز المصدر ل « إسرائيل»، سبق أن نفذتها هذه الجماعات، إصابة حارس أو مدني أو عسكري بأدنى أذى جسدي. وبالتالي فإن إرسال الجيش لم يكن له أي منطق أو جدوى أو مبرر طالما أن الجهة المنفذة ل « مذبحة رفح» ما زالت مجهولة حتى الآن. فماذا سيفعل الرئيس لو تعرض الجيش المصري لمذبحة ثانية وثالثة ورابعة في هذه الجهة أو تلك من البلاد .... ؟
لا ريب أن مراقبة نشاط الجماعات الجهادية في مصر يؤكد أنها استفادت من التجارب السابقة. وحتى في زمن حسني مبارك فقد ابتعدت عن كل عمل يمس مصر أو أي من مصالحها بأذى. ومن الطبيعي والمنطقي أن يكون هذا الحرص أكبر في ظل الثورة وإلا فما الذي يمنعها من مواجهة فلول « الدولة العميقة» وهم في متناول اليد وتحت السمع والبصر!!!؟ بل أن هذه الجماعات حرصت على حماية مصالح مصر في الوقت الذي انشغلت فيه القوى السياسية في الصراع على السلطة. وأغرب من هذا أنها لم تسجل ولو اختراقا واحدا باتجاه فلسطين. والجهة الوحيدة التي ظهرت مؤخرا هي « مجلس شورى المجاهدين»، والتي نفت أية صلة لها ب « عملية رفح». وهذا يؤشر على أن الجماعات الجهادية كافة، ودون أن تتخلى عن أطروحتها وثوابتها العقدية، بدأت تأخذ بعين الاعتبار الظروف المحلية والإقليمية والدولية قبل أن تنفذ أي عمل مضاد حتى ل « إسرائيل».

أما الحقيقة التي لا يستطيع أن يرائي فيها أحد فهي التي تؤكد أن « الاختراق»، أياً كان مصدره، هو فعل لا يمكن أن تفلت منه أية قوة على وجه الأرض .. ولا حاجة للتذكير بسلاسل الاغتيالات التي نفذها جهاز المخابرات « الإسرائيلي - الموساد» ضد قادة الفصائل الفلسطينية الإسلامية والعلمانية على السواء أو وجود الطابور الخامس في الدول العربية وفي كل دولة على وجه الأرض. ولا حاجة للتذكير أيضا عمن هو المسؤول عن « الثورة المضادة» في دول الثورات العربية خاصة في مصر. وإذا لم ينفع التذكير بمثل هذه الأحداث فعلى من يصر على حكاية « الاختراق» أن يقارب الأمر مع مجتمع المدينة المنورة نفسه، الذي كان يعج ب « المنافقين»؛ فهل يحق لنا هنا أن نتساءل عما إذا كان المجتمع النبوي، هو الآخر، قابلا للاختراق؟ وأن بذرة « الاختراق» فيه « بنيوية»!!!!؟ وفي نفس الوقت ننكر حقيقة أن كل مجتمع فيه من الخير والشر حتى لو كان الوحي ينزل !!!!؟
الحقيقة أن « الاختراق» البنيوي كان في صلب الدولة المصرية، وهو الذي تم توصيفه ب « الدولة العميقة»، على مرمى عين الرئاسة وكافة القوى السياسية والإعلام الدولي والمحلي. ومع أن المسؤولية الجنائية المباشرة واضحة بحق مدير المخابرات المصرية، مراد موافي، وكذا رموز السلطة العسكرية، من المشير حسين طنطاوي وسامي عنان، فما دون عن قتلى الجيش المصري في سيناء، بسبب إخفائهما المعلومات عن الرئيس إلا أن الأخير هدد بصريح العبارة أن « جريمة رفح لن تمر دون رد»!! وفعليا فقد أرسل الجيش إلى هناك، وأعلن عن عملية عسكرية، استخدمت فيها الطائرات المقاتلة والمروحية بإذن « أمريكي» و « إسرائيلي» لأول مرة منذ توقيع اتفاقية « كامب ديفيد» سنة 1979. وحتى اللحظة أسفرت العملية عن مقتل العشرات دون أي دليل على مسؤوليتهم عن « عملية رفح!!! ودون أي تحقيق أو محاكمة!!!
يحدث هذا في الوقت الذي أكد فيه ياسر علي، المتحدث باسم الرئاسة، (7/8/2012) أن: « هناك الكثير من التصورات: منها يقول إن مرتكبيه مجموعة مصرية، وآخر يقول: إن بينهم غير مصريين. ولكن لا يقين حول أي منهما». مشيرا إلى أن: « هناك غرفة عمليات مشتركة بين كل الجهات الأمنية المصرية تعمل على مدار 24 ساعة للكشف عن مرتكبي الحادث»، و: « أن مؤسسة الرئاسة تتابع بشكل دقيق التحقيقات، وستعلن المعلومة الكاملة فور وصولها». وفي المقابل اتهم بيان الجيش: « عناصر من قطاع غزة بالمساعدة في الهجوم على الموقع العسكري الحدودي في رفح». قائلا: « إنه لن يتساهل مع أي جماعات تمتد يدها إلى أفراد قواته». فمن هو إذن العدو الذي أُرسل الجيش لمقاتلته؟
الطريف في الأمر أن الذين يتحدثون عن الديمقراطية والحرية ليسوا هم من أرسل الجيش، ولا البرلمان المحلول ولا الرئيس الذي لم يكن يملك الصلاحيات ولا قادة الجيش الذين أقالهم الرئيس!!! فمن الذي أرسل الجيش إذن إلى سيناء لبدء عملية عشوائية ليس معروفا فيها من هو العدو؟ ولا ضد مَنْ سيقاتل؟ هل سيقاتل المجرمين؟ أم تجار المخدرات؟ أم العصابات؟ أم سيقاتل السكان البدو الذين أذلهم مبارك، وهمشهم، وحرمهم من أية تنمية، وألحق بهم أبلغ الأذى؟ أم سيقاتل الجماعات الإسلامية التي عطلت تصدير الغاز ل إسرائيل، ووفرت على مصر مليارات الدولارات المنهوبة دون أن يهريقوا نقطة دم؟
وهل ولحق بهم أبفهل ثمة تفسير، بعد كل هذا، إلا أن يكون الأمر برمته واقع بيد القوى الخارجية، التي أذنت بما لم يسبق لها أن أذنت به لحسني مبارك!!!؟ .. الثابت في كل ما جرى أن الجيش بدا وكأنه أداة بيد الولايات المتحدة و « إسرائيل»، وأن الأسوأ من « مذبحة رفح» هو الذي وقع!! وفي المحصلة كان الضحايا من المسلمين، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين، وليس من اليهود. والسؤال: بما أن كل المؤشرات تتجه نحو إسرائيل في المسؤولية عن « هجوم رفح» فلماذا سارع المصريون إلى دفع الثمن مرتين؟!!! ولماذا يقبل « ولاة الأمر» دائما أن يلعبوا دور المذنب الذي يستحق العقاب حتى قبل أن تتبين مسؤوليتهم عن فعل ما؟ وقبل أي تحقيق يحدد المسؤوليات؟ ودون أي دليل يذكر؟
حدث هذا التقمص، قبل الثورة، حين اختطفت المهتديات إلى الإسلام من الأرثوذكس، وتم الزج بهن في سجون الكنائس وأقبيتها، وفي حادثة « كنيسة القديسين» لمّا بدا المسلمون وكأنهم المتهمون الوحيدون حتى قبل أن يجري أي تحقيق، بل أن مشايخ ذوي لحىً طويلة تحدثوا كما لو أن الإسلام بذاته هو المذنب!!! وكذلك تكرر الأمر ذاته في حادثة « كنيسة إمبابة» حيث قتل المسلمون واتهموا بإشعال الفتنة وسجن منهم من سجن وطورد من طورد بلا أي ذنب اقترفوه، وقبلها في « كنيسة العمرانية» في الجيزة، لمَا حاصرت ميليشيات شنودة مبنى المحافظة وقطعت الطريق الدائري وهددت باختطاف المحافظ، وحدث أيضا بعد الثورة، في واقعة « ماسبيروا» التي ذهب ضحيتها جنود الجيش الذي أرسل إلى سيناء!!! وفي أعقاب « عملية إيلات – 18/8/2011 » التي قتلت فيها « إسرائيل» خمسة جنود داخل الأراضي المصرية، وكذلك جرائم وزارة الداخلية وأجهزة الأمن والجيش في أحداث شارع محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية وملعب بورسعيد وسلسلة الحرائق التي أشعلت مصر أو الفوضى التي انتشرت فيها وعمليات السطو والقتل .. في كل هذه الأحداث ومثلها أو غيرها كان المسلمون هم الضحايا. فلماذا لم يتحرك الجيش نصرة لنفسه وجنوده قبل أن ينتصر للمسلمين في مصر؟
« في دولتي لن يكون هناك مظلوما»! هذا ما قاله الرئيس مرسي. لكنه في كلمته بمناسبة الاحتفال ب « ليلة القدر 13/8/2012» بمقر مشيخة « الأزهر قال: « من بغى وطغى وتآمر وخطط ومن اعتدى وقتل (..) هؤلاء الخونة لن تأخذنا بهم أبدا رأفة أو شفقة نلاحقهم حتى ننتهي منهم». فهل أثبت أي تحقيق « بغي و « طغيان» و « تآمر» و « تخطيط» و « اعتداء» من أية جهة كانت؟ وهل قرار « ملاحقتهم» و « الانتهاء منهم» يسنده أي حكم قضائي، مدني أو شرعي، أو غطاء برلماني؟ وهل قتل المئات في هذه الأحداث بلا أي دليل أو محاكمة هو من الإنصاف ناهيك أن يكون من العدل؟ وهل إرسال الجيش إلى سيناء، من الأصل، هو قرار سيادي؟
عاصفة القرارات

المؤكد أن قرارات الرئيس مرسي أفرحت كل المصريين والعالم العربي. فهي قرارات غير مسبوقة في تاريخ مصر ولا حتى في تاريخ أية دولة بهذا الحجم. بل هي ضربة في صميم قواعد النظام أو ما يسمى في مصر برؤوس « الدولة العميقة». فقد أقال الرئيس في الوجبة الأولى ( 7/8/2012) مدير جهاز الاستخبارات العامة وقائد الشرطة العسكرية ومحافظ شمال سيناء وقائد الحرس الجمهوري، بالإضافة إلى عدد من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، وفي الوجبة الثانية ( 12/8/2012 ) أقال وزير الدفاع وقادة الجيوش البرية والبحرية وعين نائبا للرئيس وألغى « الإعلان الدستوري» المكمل!!!!؟
لكن كيف للرئيس أن يتخذ قرارات بهذا الحجم، وعلى حين غرة من العامة والخاصة، ضد أعتى القوى الباطشة من « فلول» النظام، والذين أطاحوا فعليا بالثورة، وأذلوا الثوار، وأهانوا الشعب المصري، وصدروا القوانين والمراسيم واللوائح الدستورية، ووصلوا إلى سدة الرئاسة دون أن يتمكن كل الشعب المصري من اعتراضهم؟
كيف !!!؟ هل يملك الرئيس عصا سحرية إلى الدرجة التي جعلت « الفلول» يصمتون كما لو أن على رؤوسهم الطير؟ من هي الجهة التي امتلكت فجأة عناصر القوة بحيث استطاعت أن تلجم « الفلول» عن بكرة أبيهم؟ هل هي الرئاسة؟ أم الثورة؟
نتساءل باندهاش كغيرنا!!! لأننا نتحدث عن ضواري السلطة مثل « المجلس العسكري» المدعوم أمريكيا قلبا وقالبا!! وعن « رجال المال والأعمال» الذين سخروا مليارات الجنيهات في الإعلام!!! وعن « أجهزة الأمن والمخابرات» التي ما زالت موالية للنظام القديم، وتدفع لأعوانه من البلطجية والمجرمين والمخبرين وأمثالهم!!! وعن « الكنيسة الأرثوذكسية» التي تلعب دور الدولة داخل الدولة إنْ لم يكن فوقها!!! وعن « أجهزة ووسائل الإعلام» التي قادت « الثورة المضادة»، جهارا نهارا، بلا حياء ولا خشية ولا رادع من دين أو أخلاق أو ضمير!!!! وعن رموز « القضاء» الفاسدين والمفسدين في المحاكم الكبرى؟ وعن « شبكات الهيمنة الدولية» ومؤسساتها من الولايات المتحدة مرورا في أوروبا فضلا عن أذرع الاستخبارات الصهيونية، المدنية والعسكرية!!! وعن « دول عربية» متورطة، سرا وعلانية، في دعم الثورة المضادة وتمويلها وحمايتها!!!
لا ريب أن الصمت شبه المطبق لهؤلاء لم يكن قدرا ولا عجزا!!! فمن الذي أشار عليهم بالصمت والانزواء؟ هذا السؤال نطرحه وغيره من التساؤلات لأن الأصل أن هناك ثورة، وأن العهد الذي تكون فيه الأمة فاعلا استراتيجيا فمن حقها أن تكون شريكة في السلطة وشريكة في القرار. لكن القرارات فاجأت الجميع .. وهذا مؤشر على غياب الشفافية .. ومؤشر على أن نمط الحكم السياسي ما زال هو ذاته السائد في عهد ما قبل الثورة حيث تؤخذ القرارات بعيدا عن الأمة وبعيدا عن استشارتها!!! فما الذي يضمن أن تكون قرارات الرئيس نابعة من السيادة وليست مستوردة من الخارج لاسيما وأن « الفلول» صمتوا فجأة أيضا، فضلا عن اعتراف الأمريكيين بعلمهم بالتغييرات التي وقعت من خلال سفيرتهم في القاهرة آنا بيترسون، وكذلك من خلال ليون بانيتا، وزير الدفاع الأمريكي وزميلته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون واللذين كانا في مصر قبل أيام من « عملية رفح»!!!!
بلا ريب أيضا؛ فإن ثمة أمر جلل وقع في مصر. لكن القول بأن القرارات استبقت محاولة انقلابية كان يجري التخطيط لها في 24 آب / أغسطس لإسقاط النظام وإعلان الحكم العسكري تمهيدا لاستعادة نظام مبارك لا يكفي لكي تصمت « الدولة العميقة» برمتها.
ولا يكفي القول أيضا أن تحقير الرئيس ووضع حد ل « ازدواجية السلطة» مبرران كافيان لتمرير أخطر القرارات في تاريخ البلاد دون أية مقدمات مقنعة حتى لو كانت القرارات مفرحة.
ولا يكفي الزعم أبدا بسيادية القرارات في الوقت الذي يجري فيه التأكيد على استمرار العملية العسكرية للجيش في سيناء!!!
وإذا لم تكن ثمة مبررات مقنعة فإن ما يجري في مصر هو « اختراق مظلم» !!! فهل في مثل هذه القرارات والأحداث يمكن الاطمئنان على سلامة كاميليا وأخواتها؟ وهل الإفراج عنهن أصعب من تفكيك « الدولة العميقة»!!!؟ لا بأس .. فلا يزال التحقيق جاريا!!!!!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.