وزارة التربية و التعليم ، مصطلح يشتمل على ركيزتين أساسيتين فى بناء مجتمع سوي متقدم أخلاقيا وعلميا ولكن من المؤسف أن تفقد هذه الوزارة العريقة كلتيهما معا الآن، فلا وجود لتربية ولا وجود لتعليم. فبنظرة شامله لمدارسنا حاليا وما وصل اليه أبناؤنا من تدهور خُلقي وعلمى بات يحزننا ولايرضي الجميع،و الذى انعكس بدوره على سلوكيات المجتمع المصرى فى انتشار الغش والفساد وانعدام الذوق العام. فمن خلال ملاحظاتنا للمجتمع المحيط بنا أو حتى ونحن فى سيرنا فى أحيائنا و شورعنا نجد نماذج يصعب التصديق بأنها أصبحت السمة الأساسية لأطفال ومراهقي وشباب مصر، فتجد الطفل أصبح أقل حياءً وأكثر جراءة فى الألفاظ والتصرفات المخجله مع افتقادهم للطموح والرقى الخلقى . فكثيرا ما كنت أسال نفسى وأعقد المقارنات بين أخلاق الماضى وأخلاق الحاضر ، كنت أسعى لمحاولة التوصل للسبب الحقيقى وراء تغير الأخلاق وتغير قيم المجتمع وسلوك الأطفال بهذا الشكل ،فتارة كنت أرجعها لوسائل التكنولوجيا والأعلام المتاحة الآن أمام الأطفال ، وتارة اخرى أرجعها إلى المغريات المادية والتطلع للآخر ووسائل الرفاهية الزائدة عن الحد التى تتوفر لدى الطفل دون كدٍ أو عناء، فتربى فيه الشخصية السلبية المستهترة وتختزل منه الرجولة وتفقده تحمل المسئولية والاعتماد على النفس ، ليصبح شخصا مهمشا فارغ الفكر عديم الطموح . ولكن الأسباب التى أجداها أكثر تاثيرا فى رأيي بالإضافة لما سبق هى : الأسرة ، والمدرسة فهما عناصر بناء المجتمع وفى كليهما يقضي الطفل معظم وقته ، فبصلاحهما ينصلح المجتمع وبفسادهما يفسد المجتمع . وفى هذا المقال سيكون تركيزنا على عامل المدرسة دون إقصاء أو تغافل منا لدور الاسرة الهام والمؤثر، وسنتناول فى حديثنا بعض السلبيات التى لاحظتها فى كثير من المدارس المصرية ، خصوصا في المرحلة الابتدائية التى من المفترض أن تربي وتنشأ الطفل على القيم النبيلة والاخلاق القويمه السامية، وتغرس فيه الصدق والأمانه وتبنى الشخصية الإيجابية الفعاله فى المجتمع. فتعالوا بنا فى مشهد قصير ندخل مدرسة مصرية فى المرحلة الابتدائية أثناء فترة الامتحانات ونرى ما يحدث فيها. ( يدخل الطلاب داخل لجنة الامتحان كلٌّ يجلس بترتيب حسب رقم الجلوس الخاص به، ومعهم المعلم المراقب شاب أو فتاة حديث التخرج لديه قيم أخلاقيه وخبرة تربوية قد لا تتوفر لدى الكثير من المعلمين كبار السن ، نتابع .. تدخل ورقة الإجابات والأسئلة ويبدأ المعلم المراقب التوزيع، يحاول أن يهون على الطلبة رهبة الامتحان ويرشدهم للبدءِ في الإجابة دون خوف وبتروٍ ، ثم يقوم بمنع الحديث الجانبي فلا يسمح بالغش أو بالنقل من أحد ، لحظات و يدخل عليه رئيسه ( مدير ،أو ناظر المدرسة أو أحد معاونيه ) ويبادر بسؤاله . . ألا تساعد الطلبة ؟؟ فينظر إليه المراقب فى ذهول واستغراب .. ويسأل بماذا أساعد ؟؟ فيكون الرد عليه بكل سهوله .... ( غششهم) فيرد المراقب .... هذا حرام ولا يوافق مبدائي ....لا .. لا .. لن أفعل ذلك أبدا فلا يجد إلا أسلوب التنكيل والتهديد والوعيد والتهكم قد لحق به ... ويتم بعدها استبعاده وإقصاؤه .. وتصيد الأخطاء له ... إن لم يتعاون معهم... أو يصبح شخصًا مستبعدًا مهددًا بإلغاء عقده. فيصبح المسكين فى حيره ... إما أن يتغاضى عن مبادئة ويحقق لهم ما يريدون ،وإما أن يرفض ويفقد مصدر رزقه وعمله. هذا نموذج بسيط لشئ يحدث داخل مدارسنا علانيةً و دون خجل فأصبح المعلم الذى يرفض الغش .. معلمًا غير مقبول .. معلمًا غير متعاون .. معلمًا مهددا فى مصدر رزقه. قولوا لى أيها السادة اللآباء وأيتها الأمهات الفضلاء ..أتريدون لابنائكم أن يتربوا على هذه الأخلاق؟؟ أتريدون لأبنائكم أن ينجحوا بهذا الاسلوب؟؟ فأسلوب الغش يا سادة لا يعلم ولا يربي .. بل إنه ينتج جيلا من الجهلاء فاقدي القيم والمبادئ. فما الأولى عندكم أن ينجح ابناؤكم وهم فى الحقيقة لا يتعلمون شيئا ويخسرون أخلاقهم أيضا؟؟. أم يرسبون ولكنهم قد تعلموا كيف يجتهدون ويعتمدون على أنفسهم فيسعون للنجاح فى المرة القادمة؟؟. أم تريدون لهم النجاح فى المرحلة الابتدائية ليصبحوا ( حلاقين ) كما قال أحد نظراء المدارس الابتدائية الذى يهمه نتيجة مدرستة أمام رؤسائه دون الاكتراس برقي وتقدم المجتمع ولا يعنيه الاهتمام بالمستوى الحقيقى للطلاب فكل غايته أن تحصل مدرسته على نتيجة نجاح عالية بأى وسيلة كانت ليحصل على التقدير والترقية المناسبة ،، ولا أقلل هنا من مهنة الحلاقين فهي مهنة شريفة يحتاجها المجتمع، ولكن بجانب الحلاق نحتاج أيضا للعالم والمربي والطبيب والمهندس والفيلسوف والزراعيين والصناعيين والمبتكرين. على هذا الحال نجد الكثير من القيادات التربوية داخل مدارسنا، نستأمنهم على أولادنا ونرتكز عليهم فى تطوير مجتمعنا. ولا نجد إلا ما نرى فمن هنا أدعو إلى تغير هذه القيادات الفاسدة وعزلها تماما من التعامل مع ابنائنا و أدعو إلى استغلال شباب المعلمين الذين كنا نعيب عليهم كثيرًا فى الماضى ولكنهم الآن أثبتوا أنهم أصحاب مبادى وقيم. لأننا نريد مجتمعا متقدما ذا خلق لأننا نريد مجتمعا متطورا خاليا من المفسدات لأننا نريد أن نربي ابناءنا وبناتِنا ليصبحوا صالحين وفاضلات لذلك فضلااااا.. وزارةَ التربية و التعليم .... نريد عزل القيادات