نظراً لكون عملية غسل الأموال تعني بالأساس تغيير حقيقة الأموال التي يتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة وإعادة تدويرها في مجالات شرعية حتي تبدو وكأنها جاءت من مصدر مشروع، وهو الأمر الذي يجعل من الصعوبة معرفة ما إذا كانت هذه الأموال شرعية أم لا. والسؤال المطروح هنا كيف يمكن للبنك والعاملين فيه الكشف عن حالات غسل الأموال؟ وهل يوجد "ميكانيزم" أو آلية يمكن من خلالها معرفة وجود شبهة غسل أموال من عدمه؟ وهل يكون العميل علي علم بأن معاملاته المالية مراقبة أم لا؟ بداية يوضح محمد فريد حسن مدير عام القطاع المصرفي والمسئول عن وحدة غسل الأموال ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية أنه لا توجد خطوات محددة يمكن أن تصل بنا إلي مرحلة اليقين بوجود حالة غسل أموال ولكي توجد في الأساس ضوابط ومحددات وضعها البنك المركزي منها "اعرف عميلك"، حيث يتصل الأمر مباشرة بحس الموظف تجاه عملائه وبمعرفة حركة الحسابات الخاصة بهم وضخامتها وهل تتناسب مع طبيعة عمل ونشاط العميل أم لا. ويستطرد فريد حسن قائلاً إن الأساس هو الرجوع للكتاب الدوري المرسل من البنك المركزي والموضح به بعض الضوابط والتعليمات والتي نذكر منها القيام بتحويل مبالغ ضخمة إلي خارج البلاد مصحوبة بتعليمات الدفع فوراً أو ورود تحويلات من الخارج بمبالغ كبيرة لصالح أحد العملاء من بنوك أو مؤسسات مالية يعرف عنها القيام بعمليات غسل الأموال، مع العلم بأن هذه المبالغ لا تتناسب مع طبيعة وحجم ونشاط العميل مع العالم الخارجي. وأكد فريد أنه لا يوجد نظام آلي يمكن الاعتماد عليه وإن كان هناك بيان يومي بالعمليات التي تزيد علي ال 250 ألف جنيه أياً كان نوع العميل. ومن جانبه يؤكد محمد السنوسي مدير إدارة التفتيش والمسئول عن وحدة مكافحة غسل الأموال ببنك مصر إيران للتنمية أن هناك ضوابط تقوم البنوك بمراعاتها عند التعامل مع عملائها موضحاً أن هناك ثلاث فئات من العملاء الذين يتعاملون مع البنك، الفئة الأولي يمثلها العميل الذي لا يتعامل مع البنك ولكن يوجد تحويل له بمبالغ ضخمة وفي هذه الحالة لا يقوم البنك باعطائه المبلغ إلا بعد معرفة طبيعة النشاط الذي يقوم به، وطبيعة البلد الذي يأتي منه التحويل وهل هو من الدول المعروف عنها القيام بعمليات غسل الأموال، بالإضافة إلي معرفة وضع العميل الاجتماعي ويتم ذلك كنوع من التحريات العادية التي تأخذ شكل أسئلة توجه للعميل فإذا ما تبادر إلي ذهن المسئول بالبنك أن هناك شبهة غسل أموال يقوم بابلاغ الجهات المسئولة التي من شأنها التعامل مع الحالة مثل وحدة مكافحة غسل الأموال التابعة للبنك المركزي. أما الفئة الثانية فيمثلها من يتقدم للتعامل مع البنك لأول مرة، وهنا يقوم البنك بأخذ جميع البيانات عن العميل ونشاطه وذلك وفقاً لمبدأي "اعرف عميلك" و"اعرف نشاط عميلك" فإذا ما كانت بيانات العميل لا تتناسب ولا تتفق وطبيعة العمليات التي يقوم بها يعتذر البنك عن القيام بفتح حساب له، أما الفئة الثالثة والأخيرة فهم العملاء الذين يتعامل البنك معهم بشكل دائم موضحاً أن هناك نوعاً من الرقابة علي العمليات التي يقومون بها والدول التي يتعاملون معها وطبيعة وحجم تلك العمليات. ويذكر السنوسي أنه توجد بعض الإجراءات التي يقوم البنك باتباعها منها القيام بعمل تحليل للعمليات التي يقوم بها العملاء أولاً بأول مثل التحويلات الخاصة بالمبالغ الصغيرة ولكنها تتم علي فترات زمنية متقاربة، وغيرها من العمليات موضحاً أن هناك العديد من الضوابط المكتوبة ولكن ما يطبق منها هو ما يتماشي مع إحساس الموظف وطبيعة كل حالة. وأوضح السنوسي أنه توجد برامج علي الحاسب يتم الاستعانة بها لتحليل البيانات سواء بصفة أسبوعية أو شهرية أو ربع سنوية وأكد أن العميل لا يعلم قطعاً أن البنك يشك فيه وإلا كان له الحق في رفع دعوي جنائية لكشف سرية الحسابات وأخري مدنية بالتعويض وذلك وفقاً لما ورد في قانون مكافحة غسل الأموال، فلابد من توافر السرية التامة مع حسن النية. ويؤكد عبدالله محمود مدير أول قطاع أحكام الرقابة والمطابقة ببنك المؤسسة العربية المصرفية ABC مصر ومسئول غسل الأموال أن البنك يقوم بتنفيذ ما صدر في القانون المصري والخاص بمكافحة غسل الأموال واللائحة التنفيذية الخاصة بها، أيضاً قام البنك في الوقت ذاته بوضع نظام خاص تم استقاؤه من القانون ولائحته التنفيذية والضوابط الرقابية الصادرة عن البنك المركزي والخاصة بفتح الحسابات والإيداعات النقدية والتحويلات وغيرها بالإضافة إلي ما يستجد من تعليمات صادرة عن الجهات المتخصصة.