اذا همس أحدهم في أذنك يحذرك من حلول عام 2005 وما تأتي به رياحه علي كل المهن والحرف في مصر فلا تصغ له كثيرا. واذا قال آخر إن مصر مكتوب عليها بل ومسجل في محفظة أوراقها داخل منظمة التجارة العالمية انه لا مفر من فتح باب كل الخدمات علي الغارب بعد شهر من الآن. وأن عليها ان تخلع للاجنبي رداء كل ما هو وطني، فلا تعتقد كثيرا في صدق قوله. واذا وصل إلي أسماعك من جهاز التليفزيون صوت يدلي بحديث من نوعية أن العولمة مكتوبة علي جبين مصر ولا فكاك منها، وليس لدينا الا السمع والطاعة.. ففكر في هذا الامر جليا ولا تعط لهذا المتحدث اذنيك. وقد يكون هذا الذي همس في أذنك، أو تحدث في قناة تليفزيونية هنا، وهناك من العامة أو من النخبة من عينة رئيس هيئة أو مدير جهاز أو وزير أو ما إلي ذلك ولكن لا فرق في هذا بين الوزير والخفير الكل وقع في شرك خدعة اسمها "عولمة القضاء والقدر".. وأن علي "الكل" ان يسلم نفسه طواعية دون أن يكون له حتي شرف محاولة والفكاك. ولكن لماذا نسي النصح بأن نفكر جليا في أقوال وأحاديث هؤلاء الذين يتبرعون بتقديم مزايا وتنازلات عن طيب خاطر للآخر. مرة علي طبق من فضة ومرات من ذهب دون حتي أن يحصلوا علي الفتات مقابل هذه الاطباق المجانية؟ ولماذا ايضا الحديث عن القضاء والقدر، والمكتوب وأطباق الفضة والذهب؟ المناسبة هي طرح قانون مهنة المحاسبة علي مجلس الشعب أول أمس السبت وما يثيره هذه القانون من جدل حول التزامات مصر في منظمة التجارة العالمية. حيث يصر بعض اعضاء مجلس الشعب علي أن مصر ملتزمة مع بداية عام 2005 بفتح كل الخدمات وتحريرها. وأن اي انتقاص من هذه الالتزامات مخالف للاتفاقيات الدولية. بينما يقف أهل المهنة متسلحين بأوراق منظمة التجارة ذاتها والتي تخلو من مثل هذه الالتزامات.. تحرير أقل القطاعات ومن هذه الاوراق أقر وليد النزهي رئيس الادارة المركزية لمنظمة التجارة العالمية ان اتفاقية التجارة في الخدمات هي احدي الاتفاقيات متعددة الاطراف التي انبثقت عن جولة اورجواي للمفاوضات.. وتعتبر من أكثر الاتفاقات مرونة، حيث يترك لكل دولة حرية ادراج القطاعات التي ترغب في تقديم التزامات بشأنها. وتقضي هذه الاتفاقية بالسماح للدولة النامية بتحرير عدد اقل من القطاعات الخدمية، وقيام الدول المتقدمة بتحرير قطاعات الخدمات ذات الأهمية التصديرية للدول النامية الي جانب عدم تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. وأضاف ان مصر لم تقدم التزامات في مجال الخدمات سوي في قطاعات السياحة وخدمات السفر المرتبطة بها، وخدمات الانشاءات، والخدمات المالية، وخدمات النقل البحري، وقطاع الاتصالات. واكد ان مصر لم تقدم أي التزام بشأن تحرير مهنة المحاسبة والمراجعة حتي الآن ولا يوجد التزام بفترة زمنية محددة لتقديم التزامات لتحرير خدمات المحاسبة واكد ان المفاوض المصري لا يعتزم تقديم اية التزامات في هذا المجال الا بعد الرجوع الي الجهات المعنية بتنظيم المهنة لانها الاقدر علي تفهم طبيعة هذا القطاع وكيفية تنظيمه وآثار التحرير علي هذه المهنة. التحرير الطوعي ويؤكد نفس الرأي المستشار امجد عبد الغفار نائب رئيس بعثة مصر الدائمة لدي الأممالمتحدة بجنيف في رسالته الي نقابة التجاريين حيث يذكر ان المفاوضات الجارية بخصوص النفاذ للاسواق في تجارة الخدمات بمنظمة التجارة سوق تنتهي في يناير 2005 ولكن ليس فيها اي التزام بتحرير قطاع بعينه حيث ان تجارة الخدمات تقوم علي أساس طوعي وفقا لرؤية واهداف السياسة الوطنية للدول. واكد علي انه طالما لم تقدم مصر اية التزامات سابقة في قطاع المحاسبة فانه لا علاقة للاتفاقية بامر تنظيم المزاولة للاجانب كما انه حتي في حالة تقديم التزامات فانه من الممكن وضع شروط او عدم السماح للاجانب بالمزاولة وفقا للقواعد التي يحددها اهل المهنة وممثلوها من خلال القنوات الرسمية. ويقول جمال فيصل نائب رئيس الادارة المركزية لمنظمة التجارة بانه حتي الالتزامات التي تقدمها الدول يمكن لها الرجوع او العدول عنها في حالة ما اذا رأت الدولة مصلحة لها في ذلك والاتفاقيات تنص علي هذا الحق وتم ذلك عن طريق اعادة التفاوض بشأن الالتزامات اذا احتاج الأمر علي أنه تم منح تعويض تجاري للشركاء التجاريين في حالة حدوث ضرر نتيجة سحب او تعديل الالتزام الذي قدمته الدولة ويوضح ان التعويض قد يكون من خلال منح قرض للنفاذ الي الاسواق او تحرير قطاع آخر ذي أهمية تصديرية للدول المتضررة كما يسمح الاتفاق ايضا للدول بوقف التزاماتها في قطاع معين لاسباب تتعلق بالصحة العامة او السياسة او الامن القومي او لحماية ميزان المدفوعات.