فجأة أصبحت القاهرة الكبري حمراء بلون الجراد -غير الناضج جنسيا- غزا مصر من حدودها الغربية وطار 1000 ك.م بالتمام والكمال لتصبح السحابة الحمراء التي اظلتهم هي حديث الناس وتتواري احاديث السحابة السوداء التي كتمت انفاسهم! وكانت العالم اليوم "الأسبوعي" اول من نبه وبالتحديد في عددها 16 اغسطس الماضي عن اخطار الجراد وحذرت علي لسان الخبراء من ان وصوله الي مصر مرهون بحالة الرياح والاوضاع في دارفور.. الا انه فاجأ الجميع بما في ذلك خبراء المكافحة في مصر وتسلل من الحدود الليبية! وفي هذه التغطية الشاملة نحاول ان نرصد الاسباب الحقيقية لغزو الجراد الذي اصبح موضوع العديد من طلبات الاحاطة في مجلس الشعب وموضع تندر وخوف المواطنين كما نحاول رصد اثاره الاقتصادية خاصة ان دخول الجراد غير الناضج جنسيا لا يخلي المسئولين عن المكافحة من المسئولية لان المصيبة ستكون اعظم اذا كان ناضجا وظللنا بسحابته الخضراء! في البداية يوضح الدكتور محمد توفيق رئيس غرفة عمليات مكافحة الجراد بوزارة الزراعة ان عمليات مكافحة الجراد التي قامت بها وزارة الزراعة استطاعت القضاء علي الجراد علي مساحة اكثر من 600 كم2 حتي ايام قليلة مضت وتم استخدام حوالي 14 طنا من المبيدات تتراوح تكلفة الطن الواحد من 60 و70 الف جنيه (840 الف جنيه) واكد د. محمد توفيق ان الجراد ليس من الحشرات الناقلة للامراض وليس له اي تأثير علي الصحة العامة عكس ما يقال بانه ناقل للكوليرا وغيرها وارجع سبب دخول الجراد مصر لانه يعتبر(حشرة محمولة بالهواء) وبالتالي فان الرياح هي التي تحدد اتجاهه. واعتبر توفيق ان ما حدث هو ظروف غير عادية نتيجة حدوث منخفضات هوائية فوق الصحراء الليبية وتغير اتجاه الريح من الجنوب الشرقي الي الجنوب الغربي. واكد ان فرق المكافحة كانت مستعدة في منطقة السلوم وكان هناك تعاون بين مصر وليبيا في عمليات الرصد والاستكشاف الا ان عدم وجود اتفاقية تسمح بان تقوم الفرق المصرية بمقاومة الجراد داخل الحدود الليبية ساعد علي هجومه من ليبيا واضاف ان وجود هذه التسهيلات مع ليبيا كان يمكن ان يقضي علي المشكلة مثلما يوجد بيننا وبين السودان التي نستطيع ان نقاوم الجراد داخل حدودهم ولهم ايضا نفس الحق. واوضح د. محمد توفيق ان مصر هوجمت من 32 سرب جراد خلال الفترة من 28 اكتوبر الماضي حتي 16 نوفمبر الحالي وتم السيطرة علي هذه الاسراب بروح فدائية لدرجة ان هناك موظفين توفوا اثناء تأدية عملهم في المكافحة من شدة الارهاق واكد انه لولا وجود مقاومة ناجحة لكان الجراد قد اتي علي حاصلات الدلتا باكملها. ويشرح ان هناك خطوط دفاع اولي واخري ثانية وثالثة تتولي مقاومة الجراد وان المهندس في عمليات مكافحة الجراد يسمي (ضابط الجراد) حيث تعد مقاومة الجراد حربا حقيقية. مسألة حظ ومن جانبه يري الدكتور عبد الغني الجندي عميد كلية الزراعة جامعة القاهرة انه من حسن الحظ ان المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح لم تزرع بعد والحاصلات الوحيدة التي يخشي عليها من الجراد هي بعض انواع الخضار وشجر الموالح لان الجراد لا يأكل الا الورق الاخضر والمح الي ان هناك شيئا من عدم اجادة التصدي للجراد قبل دخوله مصر حيث اشار الي ان الجراد هجم في ايام اجازات العيد ولكنه اكد ان مقاومة الجراد سهلة لانه حشرة ضعيفة ولا يستطيع الطيران طوال اليوم. ويتفق د. زيدان عبد الحميد استاذ الآفات بكلية الزراعة مع الرأي السابق ويقول ان مجرد افلات 1% من الجراد من عمليات المكافحة ونفاذها الي داخل البلاد ليس أمرا سهلا لان تلك النسبة تعني دخول الجراد وباعداد هائلة. وعن الخسائر المتوقعة قال ان طوال فترة طيران الجراد لا توجد مشكلة وانما يبدأ الخطر بعد ان يحط فوق المزروعات وهنا يكمن دور عمليات المكافحة. واكد د. زيدان انه من المؤكد وجود خطأ في عمليات المكافحة لان مسار الجراد من ليبيا حتي الحدود المصرية اكثر من 1000 كم وكان يمكن السيطرة عليه قبل الدخول وتكوين سحابة سوداء داخل القاهرة! ويعترف د. زيدان عبد الحميد انه تبعا لخبرات السنوات السابقة وعمل محطات الرصد والاستكشاف كان من المفترض عدم دخول الجراد الي مصر مما يؤكد انه لم يتم عمل حساب التغيرات الجوية مما سمح بحدوث ذلك الغزو. واعتبر د. زيدان ان "الرش بالرذاذ" هو أفضل وسيلة لمكافحة الجراد والذي لم يعن بالمحاصيل بعد مشيراً إلي ان مصر ليست منطقة لتكاثر الجراد أو وضع بويضاته وأن هناك تعاوناً بين مصر وكل دول تواجد الجراد ولدينا قاعدة معلومات علي أعلي مستوي ولكن يبدو أن خطأ ما قد حدث.