يبلغ الحجم العالمي لتجارة المنسوجات 360 مليار دولار سنويا ويحكم هذه التجارة الان بجانب قواعد منظمة التجارة العالمية بنود اتفاقية المنسوجات والملابس الجاهزة التي وقعت عام 1995 أي في نفس العام الذي قامت فيه منظمة التجارة العالمية. ومع اقتراب موعد انهاء العمل بنظام الحصص في واردات الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي وكندا من المنسوجات والملابس الجاهزة تثور المخاوف لدي نحو 50 دولة تقوم صناعات المنسوجات والملابس الجاهزة فيها علي التصدير من ان الصين ستكون المستفيد الاوحد من هذا الالغاء وان صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة في هذه الدول سوف تتأثر سلبا من دون أدي شك. وتذكرنا مجلة "الايكونوميست" بان هذه الدول الخمسين سبق لها ان وقعت اعلان اسطنبول تطالب بمد العمل بنظام الحصص لمدة 3 سنوات اخري أي حتي يناير 2008 والامر المدهش ان الغاء نظام الحصص لن يضر البلدان النامية وحدها بل سيضر ايضا بالعديد من صناع المنسوجات والملابس الجاهزة في الولاياتالمتحدة ذاتها.. ويطالب المنتجون الامريكيون بإلحاح بالابقاء علي نظام الحصص في 15 نوعا من المنتجات "جملة الانواع 91 نوعا" ومن بينها القمصان والبنطلونات والملاءات والعباءات المنزلية والملابس الداخلية وغيرها كما يطالبون بالحد من استيراد بعض المنتجات التي سبق اخراجها من نظام الحصص عام 2002. وباختصار فان الدول الكبيرة والصغيرة الغنية والفقيرة تدعو بصورة أو بأخري الي الابقاء علي نظام الحصص او نظم حمائية شبيهة به لفترة زمنية اخري ولكن الواضح حتي الان انه لن تكون هناك استجابة لمثل هذه الدعوات وان اتفاقية الغاء نظام الحصص سوف تطبق كليا في موعدها النهائي اول يناير من عام 2005. وتقول الارقام ان قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة في بلد غني مثل الولاياتالمتحدة فقد في السنوات الثلاث الاخيرة 350 الف وظيفة وانه سيفقد بعد الغاء نظام الحصص الجزء الاكبر مما تبقي من وظائف في هذا القطاع وعددها 695 الف وظيفة.. ولذلك فان الولاياتالمتحدة تفكر في التدخل باجراءات حمائية لبعض انواع الملابس والمنسوجات ولكنها لن تقرر ذلك الا في الربع الاول من العام القادم. ومن الدول التي ستضار من الغاء نظام الحصص علي سبيل المثال نيبال وسريلانكا وكمبوديا وبنجلادش في آسيا الي جانب هندوراس والسلفادور في امريكا اللاتينية واكثر من 40 دولة اخري موزعة علي القارات الثلاث التي ينتمي اليها العالم النامي.. والغاء نظام الحصص بالنسبة لهذه الدول سوف يعني فقدان مورد مضمون للعملات الصعبة كما سيعني اضافة عدة ملايين من البشر الي طابور المتعطلين قد يصل عددهم الاجمالي الي 30 مليون عاطل في هذه البلدان كافة. اما المستفيد الاكبر من الغاء نظام الحصص كما تقول مجلة "الايكونوميست" فهو الصين وسبب استفادة الصين هو انخفاض اجور عمالها ومن ثم قدرتها علي بيع المنسوجات والملابس الجاهزة بارخص الاسعار وفي ملابس الاطفال علي سبيل المثال تبيع الصين القطعة مقابل 45 سنتا امريكيا وهو سعر لا يمكن بأي حال المزايدة عليه حتي من جانب دولة مثل الهند ذات الايدي العاملة الرخيصة ايضا.. ولذلك يتوقع ان تكتسح ملابس ومنسوجات الصين السوق الامريكي ويصبح نصيب الصين 50% من هذا السوق في حين انه الان لا يتجاوز ال 16% فقط. ومع ذلك فان دولة مثل الهند يمكنها بقليل من المهارة ان تنضم الي جانب الصين في الاستفادة، فالهند هي ثالث اكبر منتج للقطن في العالم بعد الولاياتالمتحدة والصين، وفي الهند ايضا 34 مليون مغزل اي انها ثاني دولة بعد الصين في حجم ما تنتجه من غزول وعندها ايضا صناعة منسوجات وسجاد عريقة، ولذلك يتوقع الهنود زيادة صادراتهم بعد الغاء نظام الحصص بمعدل 18% من العام القادم لتصل الي 40 مليار دولار سنويا عام 2010 ولتمثل وحدها ثلث الصادرات السلعية الهندية في حين انها لا تمثل حاليا سوي ربع هذه الصادرات.. وتقول الارقام ايضا ان هذه العملية سيمكنها خلق خمسة ملايين فرصة عمل جديدة امام الهنود حتي عام 2010.. وسيقفز نصيب الصادرات الهندية من السوق الامريكي ليصبح 15% في حين انه الان لا يتجاوز ال 4% فقط. ويتوقع المراقبون ان تستفيد من الغاء نظام الحصص دول آسيوية اخري مثل بنجلادش وباكستان ولكن هذا لم يمنع البلدين من المطالبة بتأجيل الغاء هذا النظام في اعلان اسطنبول السابق الاشارة اليه.. اما طابور الخاسرين لا محالة من الغاء الحصص فيضم المكسيك وامريكا اللاتينية وافريقيا والشرق الاوسط وهي بالفعل الدول التي تستحق ان يتم البحث لها عن حل قبل ان يدركها الطوفان الصيني ويطردها من اسواقها التقليدية في الولاياتالمتحدة وكندا والاتحاد الاوروبي.