تحقيق راضي عبد الباري وهيثم سليمان: أصدر البنك المركزي مؤخرا عدداً من القرارات المهمة التي تتعلق بالجهاز المصرفي علي رأسها قرار دمج 6 بنوك هي مصر اكستريور والمصري المتحد والتجاريون والمهندس والنيل والمصرف الإسلامي خلال الشهور القليلة القادمة وبالفعل بدأت عملية الدمج خلال الايام الماضية حيث تم دمج بنك مصر اكستريور في بنك مصر وحصل بنك مصر علي قرض مساند يتجاوز المليار جنيه بسبب المشكلات الموجودة في هذا البنك وفي نفس الوقت كما تقرر دمج بنك "التجاريون" في البنك الأهلي والذي طالب بقرض مساند ايضا يبلغ 2 مليار جنيه. وهذه القروض المساندة التي سوف يدفعها البنك المركزي للبنوك التي سيتم الدمج فيها تطرح سؤالاً مهما وهو لماذا لا تتم تصفية هذه البنوك بدلا من تحمل أعباء من جراء هذه القروض إذا تم دمجها خاصة وان الميزانية العامة للدولة تعاني من عجز كبير وستحملها هذه القروض اعباء أكثر. "العالم اليوم" طرحت السؤال علي عدد من المصرفيين الذين اكدوا ان تصفية هذه البنوك أمر مستعبد والدمج افضل لها لان اي تصفية تؤثر علي سمعة الاقتصاد المصري وتفقد الثقة فيه من قبل المستثمرين الاجانب كما انها تجعل العملاء ايضا يفقدون الثقة في البنوك بالاضافة الي ان الدولة حريصة علي حقوق المودعين والتي سوف تتأثر اذا تمت تصفية هذه البنوك. أنظمة ضمان إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي الأسبق ورئيس بنك مصر ايران للتنمية يقول: ان تصفية البنوك لها العديد من الضوابط والتي لا يمكن ان تتم بدونها، ومن بين تلك الضوابط وجود أنظمة ضمان للودائع المودعة في تلك البنوك ويوجد ذلك في الدول المتقدمة اقتصاديا فلا يتأثر اقتصاد تلك الدول ومصارفها سلبا بالتصفية علي العكس من الدول النامية ومن بينها مصر والتي تشجع الناس علي مزيد من المدخرات وتسعي البنوك بها لكسب ثقة عملائها لذلك فالتصفية هنا تكون آثارها عكسية علي الاقتصاد القومي. ويضيف حسن أن التصفية ليست هي الحل الأول والأخير حيث تتوافر عدة حلول أخري تسجل افضلية عليها وتتوافق مع المناخ الاقتصادي العام السائد لدينا من بينها دمج البنوك الضعيفة مع بعضها البعض أو استحواذ البنوك القوية علي الأخري الصغيرة مما يكون له أثر ومردود إيجابي حيث توجد في النهاية كيانات أكثر قوة تمكنها من الحفاظ علي أموال مودعيها. ويشير الي ان الاندماج كما يخدم المودعين فهو ايضا يخدم المساهمين وملاك الأسهم بالاضافة الي خدمته للاقتصاد القومي ككل حيث يوجد كيانات مصرفية قوية قادرة علي المنافسة، كما انه لا يسيء الي سمعة الجهاز المصرفي في شيء علي عكس التصفية. ويضيف حسن لكن في حالة تعذر الاندماج تكون التصفية هي الملاذ الأخير امام البنوك المتعثرة والضعيفة حيث لا توجد قوانين وموانع تحول دون التصفية اذا لم يكن ممكن ايجاد حل افضل. ويقول مصطفي مرزوق رئيس بنك المهندس ان عمليات التصفية ليست بالسهولة التي يتخيلها البعض والبنوك المرشحة للدمج لم تصل فيها الأمور الي الحد الذي يستدعي تصفيتها. القرار الأفضل ويضيف ان الدمج هو القرار الافضل بالنسبة لها لان اي تصفية لهذه البنوك سوف تؤثر تأثيرا كبيرا علي سمعة البنوك والاقتصاد المصري في الخارج بالاضافة الي ان عمليات التصفية تقلل ثقة الافراد في البنوك وتجعلهم يحجمون عن التعامل معها ويبتعدون عنها. ويؤكد مرزوق ان القروض المساندة التي سوف تحصل عليها البنوك التي سيتم الدمج فيها سوف تتم اعارتها مرة اخري للبنك المركزي. ويقول حلمي السعيد مدير عام أمناء الاستثمار ببنك مصر ان واجب البنك المركزي هو حماية النظام المصرفي وايجاد الثقة فيه ولذلك نجد انه قام باتخاذ قرار دمج هذه البنوك وليس تصفيتها بالاضافة الي ان الهدف من الدمج هو انتشال هذه البنوك الضعيفة من الانهيار والتي تعاني من عقبات عديدة منها فشلها في زيادة رأسمالها والعجز في حجم المخصصات وانخفاض معدل كفاية رأس المال في اغلبها. ويضيف ان اتخاذ قرار الدمج وليس التصفية يرجع في المقام الأول الي ان البنك المركزي يهدف الي الحفاظ علي أموال المودعين لان اي تصفية سوف تؤثر علي عدد كبير من المودعين وتتسبب في فقدان الثقة في الجهاز المصرفي بأكمله. بالاضافة الي ان تصفية هذه البنوك سوف يكون له مردود سلبي علي الاقتصاد القومي في الخارج والحكومة حاليا يأتي من ضمن اهم أولوياتها جذب الأموال والمستثمرين الاجانب لمصر وعملية التصفية سوف تحد من دخول الاموال والمستثمرين للسوق المصري لان اي عمليات افلاس تخص البنوك المصرية سوف تضر بالاقتصاد وتأثيرها سيكون كبيرا.