من المقرر ان يتم خلال شهر أكتوبر المقبل، بدء تشغيل محطة حاويات شرق التفريعة بعد تأخير استمر ثلاث سنوات.. والأمر المؤكد أن افتتاح المحطة سيمثل دفعة كبيرة لقدرة الموانئ المصرية علي استقبال البضائع.. وميناء شرق التفريعة هو بحق ميناء محوري. ومن حسن الحظ أن الحكومة قد أسندت إدارته إلي شركة "ا. ب. موللر" الدانماركية العالمية التي تمتلك شركة "ميرسك" صاحبة أكبر اسطول لنقل الحاويات في العالم. وتساهم الشركة الدانماركية في رأس مال تشييد وإدارة عدة موانئ محورية في العالم. والميناء المحوري (HUB PORT) يعني الميناء المركزي الذي تفرغ فيه السفينة الأم الحاويات بهدف ادخالها إلي بلد الميناء الذي تتوقف به، أو الموانئ القريبة، حيث تتولي نقلها سفن الحاويات الوسطية (FEEDER SHIPS) أو السيارات أو السكك الحديدية أو عائمات النقل النهري. وتسمي الموانئ المحورية أيضا بالموانئ (MEGA PORT) ومن خصائصها بالإضافة إلي الموقع أن يكون طول الرصيف 400 متر وعمقه 15 مترا علي الأقل، وألا يقل مدي أوناشه الجسرية عن 48 مترا لتصل عبر مسافة عرض 22 حاوية وقد وصلت إلي بورسعيد حتي كتابة هذه السطور ثالث رافعة جسرية خاصة بميناء شرق التعريفة. وتساهم الشركة الدانماركية ب60% من رأس المال شركة قناة السويس للحاويات SCCT بشرق التفريعة لإدارة محطة الحاويات وتجهيزها بالمعدات فقط دون المساهمة في تكلفة تشييد أرصفة محطة الحاويات. وقد كانت سلطنة عمان أشطر من دولتنا المصرية لان "ميرسك" ساهمت في تشييد وإدارة ميناء صلالة المحوري الذي بدأ تشغيله عام 1998 وتكلفة انشائه 250 مليون دولار. وقد ساهمت في هذا الميناء كشريك استراتيجي ب30% من رأس المال والحكومة العمانية ب30% والقطاع الخاص ب60% في اكتتاب عام مفتوح لكل العمانيين وليس توزيعا دكاكيني مثلما حدث في مصر المحروسة.. عافاها الله. وموقع ميناء شرق التفريعة في مدخل القناة لا ينافسه أي ميناء آخر في وسط وشرق البحر المتوسط كموانئ: مرسي كلوك (مالطا)، ليماسول (قبرص)، بيريه (اليونان)، بيروت (لبنان، حيفا (إسرائيل)، بل وميناء دمياط، ذلك أن محل المنافسة بين الموانئ المحورية هو جذب سفن الحاويات العملاقة لتفريغ حاويات الترانزيت أي الحاويات التي يستقبلها الميناء لإعادة شحنها إلي الموانئ المجاورة. فعلي سبيل المثال، رغم ان ميناء الاسكندرية هو الميناء الرئيسي في مصر إلا أن عدد الحاويات الواردة برسم الترانزيت لميناء الاسكندرية لعام 2000 كان نحو تسعة آلاف حاوية فقط تمثل نحو 7.1% من مجموع حاويات الترانزيت التي وردت برسم الموانئ الرئيسية الثلاثة الاسكندرية وبورسعيد ودمياط، بينما كان اجمالي الوارد برسم الترانزيت لميناء دمياط نحو 312 الف حاوية ولبورسعيد نحو 228 الف حاوية من مجموع 549 الف حاوية تم تفريغها بالموانئ الرئيسية الثلاث. أيضا تتضح اهمية حاويات الترانزيت إذا علمنا ان مجموع الحاويات التي وردت برسم مصر وليس ترانزيت كان نحو 384 الف حاوية فقط تم تفريغ نحو 304 آلاف حاوية منها بنسبة 85% بميناء الاسكندرية البوابة الرئيسية لمصر. ان الحديث عن مستقبل محطة حاويات شرق التفريعة يطول ولكن مع اقتراب بدء تشغيل المحطة في اكتوبر القادم إن شاء الله، فمن المتوقع كالعادة ان يتسابق الجميع للأدلاء بتصريحات وأرقام تتسم بالمبالغة. وعلي سبيل المثال فقد صرح أحد المسئولين عن النقل البحري . صرح المحافظ انه يوجد عشرة ملايين حاوية في العالم تعمل منها خمسة ملايين فقط في بورسعيد، ونطمع مع ميناء شرق بورسعيد أن يستوعبا 20% من تجارة الحاويات في العالم. وكان ذلك من خلال زيارة سفراء دول مجموعة الآسيان الاسيوية لمشروع الميناء المحوري بشرق التفريعة جريدة الأخبار 19/5/2004. والحقيقة ان اجمالي حجم نقل الحاويات عالميا عام 2002. بلغ نحو 240 مليون حاوية منها نحو 127 مليون حاوية تداولتها العشرون ميناء الأولي في العالم. وأكبر ستة موانئ محورية هي الواقعة في قارة آسيا علي المحيط الهادي Pacific Asia ويحتل ميناء "هونج كونج" المرتبة الأولي بنحو 19 مليون حاوية، يليه ميناء سنغافورة بنحو تسعة ملايين حاوية، واحتل ميناء "دبي" المرتبة الثانية عشرة بنحو اربعة ملايين حاوية. والميناء الوحيد في البحر المتوسط الذي ظهر في قائمة أكبر عشرين ميناء في العالم هو ميناء "جيوتاورو" الايطالي وترتيبه ال 17 وتداول نحو ثلاثة ملايين حاوية.