في خبر أوردته وكالة الأنباء ذكر عقيد سابق في جهاز الاستخبارات الروسية الخارجية أن الجهاز هو المسئول عن مجموعة التفجيرات التي شهدتها العاصمة الروسية موسكو في سبتمبر 1999 والتي نسبت إلي (متطرفين) شيشان. وأدت لاحقا في سياق تطورات الموقف إلي اندلاع الحرب الروسية في جمهورية الشيشان. وقد أدلي الضابط بشهادة مكتوبة وأخري عبر التليفزيون للجنة وطنية روسية مازالت تبحث عن أسباب تلك التفجيرات. لم يكن هذا أول الاتهامات ولا آخرها لجهاز مخابرات ما بتدبير أعمال تخريبية ضد مواطني بلدة ثم الصاقها بقوي سياسية أخري أو أستغلال هذه الأعمال لتحقيق مكاسب سياسية بعيدة وغير ظاهرة للجمهور وليس ببعيد عنا الجدل الدائر حول ما حدث في الجزائر. خاصة أنه لم تخب بعد جذوة الاعترافات العلنية والاتهامات للجيش وأجهزة الأمن الجزائرية بتدبير المذابح البشعة أو علي الأقل بعضها ضد المواطنين الجزائريين العزل وإلصاقها بالجماعات الإسلامية المختلفة. وإن صدقت هذه الاعترافات والاتهامات فإن الهدف من تلك الأعمال هو اشاعة الذعر بين المواطنين وتسويغ قمعهم باسم الحفاظ علي الأمن واستمرار الحكم بحالة الطوارئ وتشويه صورة التيار الإسلامي كله وتحقيق مكاسب سياسية وإعلامية داخلية وخارجية من وراء ذلك. وليس ذلك بمستغرب علي أجهزة الاستخبارات عموما حيث تعد هذه الأجهزة (العمليات القذرة) من صلب أعمالها بل تضع مثل هذه الأعمال ضمن مفاخرها التي تظهر فيها مهاراتها وكفاءاتها. والكتاب الذي نعرضه يكشف كثيرا من هذه الأعمال ولكنه يضيف أطرافا أخري ضالعة في هذه الأعمال ومكملة لأدوارها كأجهزة الإعلام وعصابات المخدرات لذا جاء عنوانه (التحالف الأسود.. وكالة الاستخبارات المركزية والمخدرات والصحافة) وقد صدرت الطبعة الأولي للترجمة عام 2002 عن المجلس الأعلي للثقافة بمصر. يقع الكتاب في 500 صفحة من القطع المتوسط وينقسم إلي مقدمة وخمسة عشر فصلا وهو بدون تقديمات أو تمهيدات من المترجم أو غيره من أصحاب مثل هذه الاهتمامات من الكتاب والباحثين العرب. هذا الكتاب الضخم المليء بالمعلومات والتفاصيل يمكن تقديم نبذة وإلماحات سريعة مما ورد فيه عن هذا العالم الذي أقل ما يوصف به ?إنه عالم شياطين ومتجردين من جميع الصفات والمعاني الإنسانية?. قبل أن يخوض الكاتبان في التفاصيل يؤكدان في المقدمة نقطة مهمة قد تغيب عن كثيرين أو قد تعمي عليهم وهي اسناد المسئولين عن هذه الأعمال إلي أصحابها الحقيقيين فيقولان صراحة ?ونحن لا نقبل هذا الفصل بين أنشطة وكالة الاستخبارات الأمريكية عن سياسات الحكومة الأمريكية وقراراتها فقد كانت وكالة الاستخبارات المركزية علي الدوام المنفذ المطيع لإدارة الحكومة الأمريكية التي تبدأ بالبيت الأبيض?.