دخل المطرب ثائراً لأنه لم يجد الأوركسترا في حالة اكتمال.. صمت قليلاً وكأنه أراد أن يحتوي غضبه بنفسه واقترب من عازف الناي الذي يعتبره صديقاً وقال: البروفات مهمة جداً مع الأساتذة الموسيقيين. واستطرد يقول: الست أم كلثوم كانت بروفاتها تصل إلي ثماني مرات.. والأستاذ عبدالحليم حافظ كان بيعمل بروفات وهو يعاني من جلطة في ساقه.. كان يدعو الفرقة الموسيقية لبيته في الزمالك ويتحرك هو علي كرسي متحرك.. البروفات أساسيات قبل ظهور العمل الفني للناس.. تصور التخبط لو مفيش بروفات! قال عازف الناي: أنا اشتغلت في الفرقة الموسيقية التي صاحبت الموسيقار محمد عبدالوهاب وكان له عبارة مهمة "إن البروفات استفتاء علي آذان الناس قبل ميلاد العمل الفني".. قال المطرب الشاب: الله عليك يا أستاذ خصوصاً علي عبارة "استفتاء علي آذان الناس" كان يصغي للحوار عازف الطبلة الذي دخل طرفاً في النقاش وقال: الأستاذ يقصد المطرب الشاب من جيل البروفات قبل الإذاعة علي الناس لأن الأيام دي المغني ممكن يعمل غنوة لحناً وأداء في 5 ساعات وتتعمل اسطوانة وتدخل ألبوم وكله علي ودنه.. حدث صمت كان يقطعه بعض العزف من الآلات ولكنه لم يكن عزفاً منتظماً مستنداً إلي "نوتة" موسيقية.. من الممكن القول إنها كانت مجرد "صرخات" آلات! طال انتظار الأوركسترا فأسند بعضهم آلته الموسيقية وطلب "شاي كشري".. موسيقي آخر عكف علي قراءة صحيفة يومية ولم يهتم بشيء، أما المطرب الشاب فانتحي ركنا في المسرح وأخذ وحده يدندن بالكلمات التي سيغنيها وسط أصوات آلات عشوائية وأحاديث متناثرة.. الكل يسألون: أين المايسترو؟ أحدهم قال: غايب.. موسيقي آخر قال: هل للفرقة مايسترو؟ واحد من شباب الكورس قال بضجر: ما قيمة وجودنا بدون مايسترو وكل واحد بيعمل اللي عاوزه واللي حاضر وحاسس بمسئولية واللي مش حاسس.. طيب ما هي العودة للبيت أفضل من ساعات رايحة من عمر الإنسان لا يفعل فيها شيئاً. يبدو أن المطرب الشاب طلب المايسترو علي المحمول فوجده لا يرد وتليفونه مغلق.. سأل بعض الموسيقيين: المايسترو عنده خبر بموعد البروفة؟ قالوا: طبعاً من خمسة أيام وممكن يكون مسافراً.. قال المطرب الشاب في اقتضاب: إيه الارتباك ده؟! ** أرجو تطبيق حكاية المايسترو الغائب عن البروفات قبل ظهور العمل الفني علي حكومة قنديل، والله ولي التوفيق. (للأذكياء فقط)