في صيف 2010 خلال عمومية شركة الحديد والصلب خرج المهندس ذكي بسيوني رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية عن صمته وقال "اللي بيحشش واللي تحت لسانه افيونة يفوق".. تعبيرا عما وصلت إليه الشركة من تدهور في الهيكل الإداري والفني، وتحقيقها خسائر متتالية، وفشل أعضاء مجلس إدارة الشركة في وقف نزيف خسائر الشركة طوال الأعوام المالية السابقة. ومنذ أيام وبعد عامين من رد فعل "بسيوني" حمل المهندس محمد سعد نجيدة رئيس الشركة انخفاض الإنتاج وارتفاع التكاليف وقلة خامات فحم الكوك المورد مسئولية تحقيق الشركة خسائر في حدود 400 مليون جنيه خلال 2011 2012 وما بين هذا وذاك تبقي الحقيقة المرة أن الشركة تتكبد الخسائر بالجملة وتتطلب مهندسا من طراز خاص لانقاذ الشركة. مرت السنوات ومازالت الشركة تمر بظروف خارجية وداخلية أدت إلي الحالة السيئة التي وصلت إليها الآن إلا أن فشل الإدارة في التعامل مع مثل هذه الحالات وعدم معالجة الأمر في محاولة للانقاذ زاد من الوضع المتردي لها ليس فحسب وإنما أيضا الكثافة في عدد العمالة وارتفاع الحالات المرضية بين الموظفين وعددهم بلغ 3050 ويمثلون نسبة 24% وهي نسبة مرتفعة إذا ما قورنت بإجمالي العاملين البالغ عددهم قرابة 13 ألفا خاصة وأن نسبة الشباب تحت سن 30 عاما لم تتجاوز 17% من الإجمالي العام وكلها عوامل اسهمت في زيادة الخسائر. والمراقب للشركة يجد أن التحديات التي تواجهها الشركة عديدة ومنها مشكلة أزمة الطاقة وانخفاض فحم الكوك وكذلك تهالك المعدات بالإضافة إلي مشكلة إعادة الهيكلة.. وبالرغم من أنها من كبري الشركات العامة المملوكة للدولة إلا أنها في حالة سيئة نتيجة تهالك المعدات التي ربما بعضها لم يطله تطوير واحلال وتجديد منذ إنشاء الشركة في 1960 كذلك الإهمال في إعادة تجديد الأفران العملاقة الخاصة بفحم الكوك وتزايد الأمر سوءا مع شركة الكوك بحلوان بسبب رفض الأخيرة توريد الكميات المطلوبة إلي شركة الحديد والتي تترواح بين 59 و74 ألف طن فحم شهريا لتشغيل الأفران وهو ما جعل مجلس الإدارة يوافق علي طرح مناقصة عالمية لشراء فحم كوك أفران عالية مقابل بيع منتجات الشركة. أما كبري المشكلات التي تعاني منها الشركة حاليا فهو احتمال دخول الشركة في دائرة السحب علي المكشوف من البنوك مجددا بسبب حاجاتها إلي استثمارات لإنهاء ما بدأته من مشروعات احلال وتجديد وتعتبر الحديد والصلب كانت من أكثر الشركات المدنية ووصل الحال بها إلي قيام البنك الأهلي في 2004 بالحجز علي المصنع والوفاء بالمديونيات التي بلغت وقتها نحو مليار جنيه وأشار المصدر إلي أن الشركة سددت الديون ضمن برنامج التسويات الذي اتمته الوزارة غير أن تدهور الأوضاع الإنتاجية عاد بالشركة إلي دائرة السحب علي المشكوف مرة أخري بما يخشي منه علي مستقبلها، كما أن مشكلة العامل البشري تمثل صداعا برأس الحكومة بسبب المطالب غير المبررة للعاملين وآخرها طلبهم بصرف 181،656 مليون جنيه نظرا لصعوبة ظروف المعيشة كما حمل العاملون "بسيوني" الحالة المتردية التي وصلت إليها الشركة خاصة أن الإنتاج النهائي كشف عن وجود نقص بالمقارنة مع العام السابق، إذ بلغ الإنتاج المحلي المعد للبيع 447 ألف طن مقابل 755 ألفا للعام السابق. كما أن الشركة لديها حاليا مخزون من المنتجات النهائية في حدود 125 ألف طن قيمتها 700 مليون جنيه فشلت في تسويقه بسبب الركود المحلي والخارجي. وتحاول الشركة الانتهاء من تجهيز كراسة الشروط والمواصفات الخاصة تمهيدا لطرح المناقصة الخاصة بالشركة لشراء "فحم الكوك" حيث كان مجلس إدارة الشركة قد وافق الشهر الماضي علي طرح مناقصة عالمية لشراء فحم كوك أفران عالية مقابل بيع منتجات الشركة، وكذا تشكيل لجنة مشتركة برعاية الشركة القابضة لدراسة مشكلات الصناعة والمالية وصياغة وتطوير العلاقة بين الشركة وشركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسي إلا أن الشركة لا تزال تواجه مشكلات تمويلية كبيرة نظرا للخسائر المستمرة التي تواجهها الشركة. وبعيدا عن وضع الشركة المالي فإن حركة السهم بالبورصة تسير عكس موقف الشركة المالي وهو ما يعتبره الماليون أن صعود سهم الشركة رغم الحالة المتردية يعتبر من مؤشرات السوق غير الكفء وقد شهد السهم خلال الفترة الماضية إذ صعد السهم من 4،75 بتاريخ 13/8/2012 إلي 13،81 في تاريخ 24/9/2012 اي في حدود شهر بنسبة 190% وحينما استفسرت البورصة عن سبب الصعود كان الرد من الشركة بالنفي أنه لا توجد أي احداث حوهرية تؤثر علي حركة السهم. ومما زاد من اللغط عمليات التلاعب التي شهدها سهم الشركة واضطرت الرقابة المالية إلي الغاء عدد 195 عملية علي أسهم الشركة وعلي عدد 352 ألف سهم وذلك من قبل شركة "مصر للألومنيوم" نتيجة مخالفة قوانين سوق المال فهل تخرج الشركة من عثرتها أم تظل تسير في موجة الخسائر والتي سجلت خلال العام المالي 2011 ،2012 صافي خسارة تبلغ 796.401 مليون جنيه مقارنة بصافي خسارة تبلغ 344،979 مليون جنيه خلال 2010،2011 بزيادة 16،5%