وفي وقت قلصت البنوك الأوروبية عملياتها خارج القارة للتركيز علي تسوية موازناتها وتعزيز أنشطتها المالية الأساسية، توجه المقترضون في الشرق الأوسط وآسيا نحو المستثمرين المحليين وأشكال تمويل بديلة، كما أفاد محللون، مشيرين إلي تزايد إصدار السندات الاسلامية أو الصكوك. شهدت الأشهر الثلاثة الأولي من عام الحالي بيع ما قيمته 6 مليارات دولار من الصكوك في الدول ال6 الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، مقتربة من إصدارات عام 2011 بكاملة، التي بلغت قيمتها الاجمالية 7.3 مليار دولار، بحسب بيانات بنك الإمارات "إن بي دي" في دبي. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن إريك سواتس، رئيس إدارة الأصول في شركة للاستثمار في دبي، أن العديد من مصدري السندات الذين كان بمقدورهم جمع الأموال من بنوك أوروبية يصدرون الآن صكوكا وسندات تقليدية. وأضاف أنهم يتوجهون إلي أسواق الاقراض في غياب قناة التمويل الأوروبية. وبلغت قروض البنوك الأوروبية نحو 237 مليار دولار في منطقة التعاون الخليجي خلال الأشهر التسعة الأولي من عام 2011، كما يبين تقرير جديد صادر من شركة موديز إنفسترز سيرفس، التي قالت إن وكالة موديز تتوقع الآن رؤية انخفاض مستمر في الاقراض في وقت يواجه مجلس التعاون الخليجي متطلبات تمويلية كبيرة. وأشار التقرير إلي أن لدي الدول ال6 الأعضاء في المجلس استثمارات جارية أو مقررة تقدر بنحو 1.8 تريليون دولار خلال السنوات ال15 المقبلة. ويرجح أن العربية السعودية والكويت وعمان، التي لديها تعاملات قليلة نسبيا مع مؤسسات الاقراض الأوروبية، لن تتأثر ماديا بانسحاب هذه المؤسسات من المنطقة بقدر تأثر الإمارات العربية وقطر والبحرين، كما أفاد التقرير. وكان نمو قطر المتسارع يمول في الغالب وما زال يمول داخليا من عائدات النفط والغاز عن طريق نظام مصرفي يعيد عمليا تدوير الودائع الحكومية إلي قروض لكيانات ومتعهدين مرتبطين بالحكومة. ولكن رغم ثروة البلاد الطائلة، فإن محللين يرون أن البنوك تبقي مصدرا رئيسيا للتمويل، وخاصة تمويل مشروعات البني التحتية، المقرر تنفيذها استعدادا لاستضافة كأس العالم في كرة القدم عام 2020. وابتداء من سبتمبر 2011 بلغ إجمالي القروض الأوروبية لقطر نحو 43 مليار دولار أي ما يعادل 25% من إجمالي الناتج المحلي القطري الذي يبلغ 173 مليار دولار. وبلغ تمويل الاقتصاد الإماراتي من البنوك الأوروبية ابتداء من سبتمبر من العام الماضي 99 مليار دولار أي 28% من إجمالي ناتجها المحلي البالغ 358 مليار دولار. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خالد هولدار محلل موديز في دبي، إن اقتصاد الإمارات، وخاصة دبي، يعتمد اعتمادا كبيرا علي التمويل الخارجي. وأضاف أن استمرار البنوك الأوروبية في الانسحاب من المنطقة "سيترك ثغرة تمويلية كبيرة في الاقتصاد المحلي، وسيستدعي اعتماد استراتيجيات تمويل جديدة. وقال محللون آخرون إن البحرين هي الدولة الأشد تأثرا بانسحاب مصادر التمويل الأوروبية بين دول مجلس التعاون الخليجي. وأشاروا إلي أنه ابتداء من سبتمبر الماضي بلغ إجمالي تمويل البنوك الأوروبية اللاقتصاد البحريني 19 مليار دولار أي 76% من إجمالي ناتجها السنوي البالغ 25 مليار دولار. وفي الأشهر الخمسة الأولي من 2011 انخفضت كل الودائع في البنوك البحرينية ذات النشاط المحلي أساسا بنحو 4.3%، وخاصة انخفاض ودائع البنوك الأجنبية بنسبة 18.6% بسبب أحداث البحرين، كما يلاحظ تقرير موديز، إذ سحبت البنوك الأوروبية 13 مليار دولار، والبنوك الأمريكية 5 مليارات دولار. وبحلول سبتمبر من العام الماضي، سحب المودعون الأوروبيون الغربيون 3 مليارات دولار إضافية من تمويل بنوك الجملة العامة في البحرين، وإذا شحت مصادر التمويل الدولية لجأت حكومات وبعض الشركات الخاصة في آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي إلي إصدار الصكوك لاستثمار مصادر السيولة المحلية في مشروعات البني التحتية، وبحسب تقرير صادر من وكالة ستاندرد آند بورز. وتفكر شركة قطر للبترول في إصدار صكوك هذا العام، في حين أصدر البنك المركزي البحريني صكوكا في فبراير فاق الاقبال عليها حجم الاكتتاب. وتعكف العربية السعودية علي إعداد خطة واسعة لتطوير قطاع البني التحتية، فيما بلغ الاقبال علي صكوكها التي أصدرتها عن طريق الهيئة العامة للطيران المدني في المملكة ثلاثة أضعاف حجم الاكتتاب، كما أفاد تقرير ستاندرد آند بورز. وفي حين أن القطاع العام الأساسي هو الذي انجز اصدار الصكوك، فإن شركات بدأت باصدار سندات إسلامية، بينها صكوك بقيمة 400 مليون دولار، أعلنت عنها في الثاني من ينايرشركة ماجد الفطيم القابضة في دبي.