رغم العودة التدريجية لعمل البنوك الليبية بعد سقوط القذافي فإن البنوك الليبية تعاني الكثير من المشكلات لا تتمثل فقط في حالة الخراب التي خلفتها ضربات الناتو والصراع الذي استمر بين الثوار الليبيين وكتائب القذافي ولكن المصارف الليبية تواجه مشكلة اكبر وهي أنها خاوية من الأموال. ورغم كثرة عدد البنوك وانتشار فروعها داخل ليبيا فإن دورها محدود إلي حد كبير وينحصر عملها في خدمة قطاع النفط الذي يسيطر علي هيكل الاقتصاد الليبي. واغلقت البنوك الليبية أبوابها لأشهر طويلة منذ بداية الثورة في ليبيا بسبب نقص السيولة الذي منعها من ممارسة عملها الأساسي وهو الصرف والايداع حيث مازالت البنوك في ليبيا متأخرة الي حد كبير في الانشطة المصرفية الأخري. تقول الدكتورة سعاد عبدالسلام الزيادي استاذة الاقتصاد بالجامعة الليبية ان البنوك الليبية توقفت عن العمل خلال الأشهر الماضية ليس بسبب القصف لان الناتو لم يستهدف البنوك ولكن نقص السيولة داخل البنوك وعجزها عن صرف رواتب الموظفين. وتشير سعاد الي ان البنوك عادت للعمل تدريجيا خلال الاسبوع الماضي بعد سقوط القذافي في معظم انحاء ليبيا حيث بدأت في صرف بعض رواتب العاملين ولكن مازالت هناك بنوك تغلق فروعها خاصة في المناطق التي تسيطر عليها كتائب القذافي مثل سرت وغيرها. وترجع سعاد نقص السيولة وخلو بعض البنوك من الأموال الي هرولة المودعين والشركات لسحب اموالهم من فروع البنوك مع بداية الثورة منذ شهر فبراير. وتقول ان هناك عودة تدريجية للعملاء للتعامل مع البنوك لصرف الرواتب ولكن لم يعودوا بعد لايداع أموالهم فيها لأن الاوضاع لم تستقر بشكل كامل في ليبيا. وتضيف سعاد ان عودة البنوك للعمل مرهونة بعودة الحركة داخل الاقتصاد وقد دعا المجلس الانتقالي المواطنين في ليبيا إلي العودة للعمل وايداع أموالهم في البنوك حتي تستعيد نشاطها وتعمل بشكل طبيعي، ولكن ليس هناك تجاوب كبير مع هذه النداءات لان القلق مازال يسيطر علي الجميع. وعن الاحتياطي من النقد الاجنبي داخل ليبيا ومدي تأثره بالاحداث تتوقع سعاد ألا يكون هناك شيء متبقي من الاحتياطي النقدي الأجنبي داخل البنك المركزي والذي كان قد وصل الي 70 80 مليار دولار قبل الاحداث وهذا يرجع الي سببين، الأول ان القذافي وابناءه كانوا يعتبرون البنك المركزي "الجيب والحساب الخاص" لهم وانه ملك لهم وليس ملكا للشعب الليبي وتم تهريب مبالغ كبيرة من داخل المركزي إلي خارج ليبيا بالاضافة الي الانفاق علي السلاح والمرتزقة بالعملات الاجنبية أما السبب الثاني لتراجع الاحتياطي من النقد الاجنبي فهو تراجع الصادرات من النفط والذي يعتبر المصدر الرئيسي للنقد الاجنبي في ليبيا. ولكن في الوقت نفسه تؤكد سعاد ان احتياطي البنك المركزي من الذهب مازال موجودا وترجع سعاد أحد أسباب عدم فاعلية القطاع المصرفي في ليبيا الي الثقة المفقودة في البنوك من قبل الشعب الليبي الذي يعرف انه تحت سيطرة تصرفات القذافي وابنائه. وتشير الي ان القطاع المصرفي الليبي لم يكن متطورا بشكل واضح، بل ان الاقتصاد الليبي كان في بداية التعرف علي النظام المصرفي لذا لن تكون العودة لنشاط هذا القطاع في الاقتصاد سريعة وتستغرق بعض الوقت وهذا يتوقف علي مدي السرعة في توفير الامن والأمان والسرعة في اتخاذ اجراءات تساعد علي اعادة الثقة. وعن طبيعة النشاط داخل البنوك في ليبيا تؤكد سعاد ان المجتمع الليبي بدأ مؤخرا التعاملات المصرفية مع البنوك حيث مازالت الثقافة المصرفية محدودة وفي بدايتها وتقتصر التعاملات تقريبا في الايداعات وليست هناك أنشطة مصرفية بارزة للبنوك مثل الانشطة الاستثمارية كما انه لا يوجد في البنوك الليبية تنوع في الائتمان مثل البنوك المصرية وغيرها. وتؤكد سعاد ان النشاط المصرفي داخل ليبيا يكاد يقتصر علي الايداع والسحب وحركة محدودة للغاية للاقتراض وهذا بسبب عدم الثقة في القطاع المصرفي بسبب تصرفات القذافي وسيطرته علي البنك المركزي.