مصطلح الحصانة ظهر في القانون الروماني وقصد به الاعفاء الضريبي لبعض القطاعات من المواطنين الذين أدوا خدمات مميزة للدولة، ثم ظهر في بعض المواثيق الدستورية كضمانة لحماية استقلال أعضاء البرلمان أثناء مباشرة عملهم النيابي، كما تضمنت الدساتير الحديثة نصوصا تكفل منح أعضاء البرلمان ضمانات وحريات للتعبير والمساءلة وتوجيه الاهتمامات للسلطة التنفيذية دون أن تتم ملاحقته جنائيا مثل المادة الأولي من الوثيقة الدستورية بانجلترا في عام 1688 والدستور الفرنسي الحالي الصادر عام ،1958 وفي مصر لم تتضمن أول وثيقة دستورية صادرة في عام 1868 نصا يشير إلي الحصانة في لائحة تأسيس مجلس النواب، لحداثة العهد بالنظم الديمقراطية انذاك إلا أنه في عام 1882 علي أثر إعادة تشكيل مجلس النواب تضمنت اللائحة الأساسية نص يقرر حصانة أعضائه ضد المسئولية البرلمانية، كما اشتمل دستورا 23 و30 علي نصا مماثل، وكان أول دستور دائم لمصر في عام 1956 قد نص علي الحصانة البرلمانية إلا أنه ولظروف الوحدة مع سوريا في عام 1958 لم ينص الدستور المؤقت علي هذا الحق للنواب، وبعد الانفصال المصري السوري عاد المشروع الدستوري المصري عام 1964 وعادة البرلمان للعمل بالنص الخاص بالحصانة، كما تضمن دستور 1971 الحصانة في نص المادة ،98 وهو الدستور المعمول به حتي الآن وتهدف الحصانة كما نصت هذه المادة إلي تأجيل اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد العضو حتي يتم الإئن بها من قبل مجلس الشعب، أي أن الحصانة لا تخرج النائب عن سلطة القانون ولا تحفظ دعوي مقامة ضده ولا تهدف إلي براءته وإنما التأجيل فقط في نظر الدعوي ضده أثناء دورة انعقاد جلسات مجلس الشعب، وتنص المادة 99 من الدستور أنه لا يجوز في غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أي إجراءات ضد العضو إلا بإذن مسبق من المجلس، وفي حالة حدوث ذلك في غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن رئيس المجلس ويتم إخطار المجلس في أول دور انعقاد له، وتمنع الحصانة اتخاذ أي إجراءات للتحقيق أو الضبط أو التفتيش أو تحريك الدعوي الجنائية سواء من النيابة العامة أو من قبل أي شخص آخر ضد النائب، وتسري الحصانة علي أعضاء المجلسين الشعب والشوري وعلي الأعضاء المعينين والمنتخبين علي السواء، والهدف الأصيل الذي انشئت من أجله الحصانة هو حماية النائب من الكيد له لأنه عرضة لذلك من قبل السلطة التنفيذية التي هي واقعة دائما تحت رقابته ومساءلته أو أنه عرضة لذلك أيضا من قبل التيارات السياسية المعارضة له داخل المجلس، وبذلك فإن الحصانة تمنح العضو حرية التعبير وابداء الرأي ومباشرة الأعمال البرلمانية دون الخوف من أية إجراءات كيدية قد تتخذ ضده، والحصانة قائمة طوال مدة بقاء المجلس الخمس سنوات أو حتي سقوط عضوية النائب أو استقالته.