عاشق المسلمون والاقباط منذ الفتح الإسلامي مرحلة من التقارب وبين تصادمات ثقافية واجتماعية تحقق التسامح وذاب الجميع في بوتقة التسامح والانصهار الثقافي والاجتماعي إلا أن اندماج الاقباط اندماجا كاملا في المجري الرئيسي للحياة السياسية في مصر كان مع ميلاد الدولة الحديثة وارهاصات الحياة المدنية بدءا بعصر محمد علي "1801 1884" ووصل الاندماج إلي اقصاه فيما يسمي بالعصر الليبرالي الأول الذي بدأ بثورة 1919 وانتهي بثورة 1952 في تلك الحقبة تبوأ الاقباط كل المناصب السياسية التي تبوأها المسلمون من النواب في البرلمان إلي وزراء وإلي رؤساء وزراء وهو ما أطلق عليه الاقباط العصر الذهبي لهم لوجود بعض الملامح فقد ألغي محمد علي قيد الزي الذي كان مفروضا علي الاقباط في العصور السابقة. ولم يرفض للاقباط أي طلب تقدموا به لبناء أو اصلاح الكنائس وفي عصر سعيد باشا تم تطبيق قانون الخدمة العسكرية علي الأقباط وألغي الجزية ودخل الأقباط لأول مرة في سلك الجيش والقضاء وسافر بعضهم إلي أوروبا. كما أنه عين حاكما مسيحيا علي مصوع بالسودان أما الخديوي اسماعيل باشا الذي تلقي علومه في فيينا ثم باريس فقد اقر علانية ورسميا بترشيح الأقباط لانتخابات أعضاء مجلس الشوري، كما قام بتعيين قضاة من الأقباط في المحاكم.. وهو أول حاكم طلب رتبة الباشوية لرجل مسيحي وقد شغل كثير من الأقباط في عصره مناصب عالية وليست هامشية فقد شغل واصف باشا وظيفة كبير التشريفات وعقد أقباط مصر أول مؤتمر خاص بهم بأسيوط عام 1911 وقد حضرته شخصيات مدنية ودينية وفيه صاغوا لأول مرة جملة من المطالب السياسية منها: زيادة التمثيل القبطي في المجالس المنتخبة والمساواة في اسناد الوظائف الإدارية وتخصيص الموارد المالية، وقد قوبل هذا البيان السياسي برفض تام وبحركة مضادة من مؤتمر إسلامي عقد بالإسكندرية. دستور 23 وقد أعطي دستور 1923 الحرية للمصريين جميعا في تشكيل الجمعيات مع ضمان جميع الأحكام الخاصة بكفالة المساواة في الحقوق لكل المصريين بصرف النظر عن الدين والجنس واللغة بالإضافة إلي حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية. ومن أهم الجمعيات الاهلية القبطية الارثوذكسية الجمعية الخيرية القبطية "1881" وجمعية التوفيق القبطية "1891" وجمعية النشأة القبطية "1896" وجمعية المحبة وجمعية الإيمان القبطية "1900"، وجمعية أصدقاء الكتاب المقدس "1908"، وجمعية ثمرة التوفيق القبطية "1908" ولها دور متميز في الحركة الوطنية عام "1919" واتخذها سعد زغلول منتدي لالقاء خطبه، وجمعية الاخلاص القبطية بالإسكندرية "1909" وجمعية ملجأ الأيتام "1917" هذا بالإضافة إلي جمعيات الاقباط الانجيليين التي أنشأت جمعيات المساعي بداية من عام 1891م. وتأسست الجمعية الخيرية الانجيلية عام 1937 وجمعية الشابات المسيحيات "1916" ومنحت هذه الجمعيات حق الاشراف علي تعليم الديانة المسيحية للأقباط في المدارس الحكومية بعد قرار سعد زغلول عندما تولي نظارة المدارس عام "1907" والخاص بادخال تعليم الديانة المسيحية في المدارس ويقوم بتدريسها المدرسون الأقباط في كل مدرسة ومع ثورة يوليو استفادت الطبقات الوسطي والدنيا القبطية شأنها شأن مثيلاتها من المسلمين بالتغييرات المجتمعية الواسعة التي حدثت. ولكن دورهم في الحياة السياسية كان أقل حظا شأنهم في ذلك أيضا شأن المسلمين ويري المؤرخون الاقباط أن إجراءات التأميم التي قام بها عبد الناصر في يوليو 60/1961 كادت تقضي علي نسبة عدد كبير من الأعمال والصناعات والوظائف المهنية والفنية التي كان الأقباط فيها بنسب عالية وهي قطاع النقل والصناعة والبنوك. وعين بدل المديرين الأقباط مديرون مسلمون. أما انتزاع والاستيلاء علي الأراضي الزراعية بموجب قانون الاصلاح الزراعي فكانت خسارة الاقباط فيها بنسبة 75%، هذا ويلاحظ أنه عند توزيع هذه الأراضي علي الفقراء الفلاحين تم توزيعها علي الفلاحين المسلمين فقط.