أكد الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أنه أرسل نحو ألف تقرير رقابي في الفترة من يولية 2004 حتي يولية 2010 خلال ست سنوات متتالية هي عمر وزارة الدكتور أحمد نظيف.. أرسلها إلي مؤسسة الرئاسة ومجلس الشعب ومجلس الوزراء والرقابة الإدارية والوزراء والمحافظين.. وإلي رؤساء الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية وغيرها من شركات قطاع الأعمال العام.. أي أنه لم يترك مسئولا في الحكومة وفي النظام الحاكم وقتها إلا وكان علي مكتبه هذه التقارير.. والتي تضم ملاحظات وسلبيات رصدها الجهاز المركزي للمحاسبات وطالب بعدم تجاهلها والاعتراف بها. وأكد د. الملط أنه علي مدي السنوات السابقة عدداً كبيراً من المسئولين والوزراء لا يأخذون الأمور الحياتية للمواطنين بالجدية المطلوبة وكأن هذه التقارير للاطلاع والتسلية ومن ثم حفظها.. كان هؤلاء المسئولون لا يحركون ساكنا تجاه الأزمات التي تمر بها البلاد.. بل إن بعضهم كما يقول رئيس الجهاز كانوا يسهمون في صنع هذه الأزمات. وكشف جهاز المحاسبات بأن الفقراء يزدادون عدداً وفقراً في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد الأغنياء بصورة مستفزة. وتشير التقارير إلي وجود فساد فاضح ومتجذر بل ومتعمد في إبرام عقود بيع الأراضي وتخصيصها لبعض رجال الأعمال المحظوظين، وإهدار قانون المزايدات والمناقصات، إلي جانب التعدي علي أراضي الدولة.. وتحويل الأراضي الزراعية إلي منتجعات وفلل وملاعب جولف.. والشعب المصري المغلوب علي أمره يتعرض لشتي أنواع القهر والفساد والإفساد سنوات طويلة من الظلم والجور وجميع أنواع الموبقات.. ومحاولات المسئولين الكبار في تشويه وتلفيق التهم ونصب المؤامرات والدسائس علي المواطنين الشرفاء. تعليم فاسد، وزيادة أعداد الأميين، وفقر ينتشر في كل مكان وإعلام كاذب يشوه الحقائق.. واقتصاد منهار.. وغلاء فاحش وبطالة تزداد يوماً بعد يوم، وعلاج صحي للأغنياء فقط.. أما الفقراء فمصيرهم الإهمال والموت. وكشفت التقارير أيضاً عن ضعف الخدمات وتهالكها في الإسكان والنقل والصرف الصحي.. وفشلت الحكومة في تبرير أزماتها وتركتها تتفاقم. وسط هذا المناخ الفاسد بداية من رأس النظام وحتي كبار صغار المسئولين في الدولة لم يتحمل شباب هذا الوطن ولم يعد يستطيع السكوت فقام بثورته الرائعة والتي أجبرت أركان النظام علي الاستسلام وتنفيذ مطالب هؤلاء الفتية الأبرار ومعهم جموع الشعب بجميع أطيافه وطبقاته في ثورة غير مسبوقة أذهلت العالم كله وجعلته ينظر إلينا باحترام وتقدير بعد أن كانوا يعتقدون أن المصريين مانوا أو استكانوا للظلم والاستبداد.. ثورة المصريين فرضت نفسها علي العالم، وكسبنا احترامنا لأنفسنا قبل أن يحترمنا غيرنا. بعد أن حققت الثورة أهدافها النبيلة بإزاحة وتنحي رأس النظام بل والنظام كله.. نحن الآن في بداية عهد جديد ومستقبل يعد بالخير والحق والحرية والعدل. نجد أن هناك حديثا في كل مكان.. وكل بيت.. وكل تجمع حول فساد عائلي لعائلة الرئيس السابق حسني مبارك وحوله اتباعه وأقاربهم وأصدقاؤهم وعدد كبير من المسئولين ورجال الأعمال.. قاموا بنهب ثروات هذا البلد واستباحوا لأنفسهم سرقة ثروات هذا الوطن، وقاموا بتهريبها إلي الخارج. السلطة المطلقة هي الفساد المطلق وهؤلاء العصابة اعتقدوا أنهم يملكون البلد.. وسرقوه دون وازع من ضمير أو أخلاق. وتكثر أخبار هذه السرقات في الصحف والفضائيات.. والسؤال هو: كيف نسترد هذه الأموال والتي يجب ألا ينعموا بما أخذوه من أموال غير مستحقة.. سرقوا الوطن.. فإذا نجحنا في استردادها فإن هذه المليارات يمكن أن تسهم في انفراجة اقتصادية لمصر.. وإن كنت أشارك الدكتور يوسف زيدان في شعوره بأنهم لن يعيدوا ما نهبوه حيث يقول "الواجب علينا أن نتوسل في ذلك بألطف الأساليب والحيل ونستعين بالأجهزة الدولية.. لأن هؤلاء النهابين لن يردوا ما نهبوه طواعية.. ولو خيروا بين فقدانه أو رده إلي أصحابه فسيختارون إضاعته علينا وعليهم ليس لأنهم فحسب فاسدون بل لأنهم سيخسرونه علي كل حال وسيكون رد المنهوب تمهيدا لمحاسبتهم علي النهب". فساد يزكم الأنوف وقد طالت الأسماء أعدادا كبيرة.. وكأن مصر موعودة بالطامعين فيها من الداخل والخارج.. وهو الأمر الذي أطالب فيه بإنشاء وزارة لمكافحة الفساد يكون وزيرها د. جوت الملط. تبقي بعد ذلك كلمة وانني علي ثقة بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة سيقوم بالتحقيق العادل دون إبطاء من خلال النائب العام والنيابة مع كل الذين قاموا بسرقة ونهب أموال الوطن.. هناك أسماء كثيرة تحت التحفظ وأسماء أخري كثيرة لاتزال تعتقد أنها في مأمن أو أنها بعيدة عن المرمي أسماء ملوثة ورائحتها تزكم الأنوف.