منزل مكون من ثلاث غرف ومطبخ وحمام يعيش فيه عائلة محمد البوعزيزي قائد الثورة التونسية.. زارته "العالم اليوم الأسبوعي" وكانت أول وسيلة إعلام مصرية تزور بيت ملهم الثورة التونسية في مدينة سيدي بوزيد رغم بساطة المنزل إلا ان الجمال غير غائب عنه، فأفراد العائلة يجتمعون في الصالة التي تتوسط الغرف محاطون دوما بزقزقة العصافير.. 6 عصافير تشدو بحزن علي صاحبها الذي كان يعتني بها تظل تذكرهم بابنهم الذي كان الشعلة الأولي لبدء الاحتجاجات الشعبية "الحاجة منوبية" والدة البوعزيزي لم تفق بعد من وقع المفاجأة، فهي تحتضن صورة ابنها وعيناها تدمعان.. تقول برقة متناهية "أعذروني.. مشاعري ملتهبة بالحزن علي شبابه، الذي راح ضحية الظلم والاستبداد، خاصة المساس بالكرامة..". والدته رغم انها سيدة بسيطة لكن كلماتها تعكس وعيا غير مسبوق.. سألتها: عندما زارك الرئيس المخلوع، في المستشفي لتفقد ابنك ماذا قلت له؟ أجابت: قلت له حاجتي بابني يعيش ويحيا!! وأريد تلك المرأة التي أهانت ابني، أن أراها وآخذ حق ابني منها. وتتابع الحاجة منوبية: "ابني هو ركيزة العائلة، وهو الذي ينفق علي أخوته، وتستطرد: الرئيس قال لي ابنك خليه عندنا، وسنأخذه للعلاج في فرنسا في أقرب فرصة تسمح بذلك حالته وتدخل في موجة بكاء: لكنه توفي قبل ذلك. وعندما سألناها عن وصيتها الحالية ردت الأم المكلومة وقد اختلطت دموع الفخر بدموع الحزن وهي تضم صورة لابنها في لباس رئيس الجمهورية؟ "أوصي الشعب الذي يرفع راية تونس ألا يعطي فرصة لعودة الظلم والاستبداد وتصفية كل العلاقات مع النظام القديم، فابني كان سبب هذه الانتفاضة وفتح الأبواب للحرية، ولابد أن تظل مفتوحة". بسمة ذات الستة عشر ربيعا بعينيها العسليتين تتطلعان لما سيحدث في المستقبل، وتحاول أن تستجمع قواها لتدرك تفاصيل الأيام الماضية.. شقيقها محمد كان كل شيء بالنسبة لها، وتؤكد ان يوميته من بيع الخضر والفاكهة كانت في حدود 7 دنانير يعني نحو 5 دولارات، وكان ينفقها علي العائلة، ويؤجل طموحه في استكمال تعليمه الذي وصل إلي الثانوية العامة. تضيف: بسمة كان يريد الألتحاق بالجيش الوطني، ولما تقدم للعمل فوجئ بأن شابا آخر أخذ مكانه، لم يستسلم بل كان دائم التفكير في تطوير نفسه، واستكمال مراحل التعليم حال أن تسمح له الظروف بذلك، بسمة ظلت تكرر عبارات: حتي الآن لا أصدق فقدانه، وافتخاري به يزيد يوما بعد يوم، عاش "راجل" ومات "راجل" احتسبه شهيدا عند الله.. شهيد الكرامة والحرية.. أخي مثل لي كل شيء في حياتي وهو الآن أصبح يمثل لكل تونسي شيئا". وظل سؤالي معلقا.. وأنا أغادر عائلة البوعزيزي من سيعتني بالعصافير التي كان محمد البوعزيزي يشتري لها آكلا ويأتنس بزقزقتها كل أفراد العائلة؟!.