في استطلاع للرأي أجرته إحدي المنظمات العالمية المتخصصة حول أسعار الفائدة والسياسات النقدية التي يمكن أن تتخذها البنوك المركزية حول العالم في الفترة المقبلة، تم استبيان رأي مجموعة كبيرة من الخبراء والمحللين الماليين والاقتصاديين الدوليين في عدد من الكيانات والدول الكبري كالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين واليابان وسوف نضيف إليها رؤيتنا الشخصية عن تعامل البنك المركزي مع هذا الأمر.. وقد اتفقت غالبية الآراء علي إبقاء سعر الفائدة بالبنوك عند أدني مستوياتها وعدم تحريكها صعوديا حتي نهاية العام المقبل، كما اتفقوا علي ضرورة الاستمرار في عمليات التسهيلات النقدية (الكمية) أي ضخ المزيد من الأموال في شرايين الاقتصاد من خلال شراء الأصول والديون- علي الرغم مما تحتوي عليه هذه الخطوة من جوانب سلبية- وإن كانوا قد اختلفوا حول كمية هذه التسهيلات وما إذا كانت تمثل الحل الأمثل للخروج من براثن الأزمة. ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية أبقي البنك المركزي بها علي سعر الفائدة عند المستوي (صفر% -25.0%) وذلك للمرة الخامسة عشرة علي التوالي منذ بداية الأزمة، وأكد البنك علي لسان رئيسه "برنانكي" أن البنك علي كامل الاستعداد لتقديم كل ما يمكن عمله لتعزيز التعافي من الأزمة والوصول بمعدلات التضخم إلي المستويات المرجوة خشية دخول الاقتصاد لمرحلة الانكماش من جديد، وكذا العمل علي منع ارتفاع معدلات البطالة ومنع الأسعار من الانخفاض، لذا قام البنك في أوائل الشهر الماضي بضخ 600 مليار دولار لشراء عددا من الأصول والمديونيات بعد قيامه في بداية الأزمة بشراء أذون خزانه بنحو 7.1 تريليون دولار بالاضافة إلي شرائه بعض الديون المرتبطة بالرهن العقاري. وقد تسببت هذه الخطوة الأخيرة في خفض واضح لسعر صرف الدولار الأمريكي وخفض تكلفة الإنتاج وزيادة القدرة التصديرية، وهو الأمر الذي أغضب منها العديد من الدول الأوروبية وكاد يتسبب في فشل اجتماعات قمة العشرين التي عقدت في مدينة سول في بداية الأسبوع الثاني من الشهر الماضي، منذرا بإمكانية نشوب حرب عملات عالمية جديدة. وفي منطقة اليورو كان للخبراء والمحللين الماليين بها رؤية مشتركة تتمثل في ضرورة استمرار البنك المركزي الأوروبي في الابقاء علي أسعار الفائدة المنخفضة حتي نهاية عام 2011 كحد أدني، وهي الأسعار التي لم يتم تعديلها أو تغييرها منذ شهر مايو من العام الماضي والتي تبلغ 1% سنويا، وكذا أكد رئيس البنك المركزي الأوروبي "جين تريتشت" أن البنك سوف يركز جل اهتمامه في الفترة المقبلة علي تنفيذ وتطبيق العديد من الإصلاحات الرقابية الواسعة في جميع البنوك الأوروبية التابعة له، وعدم الاتجاه نحو تغيير أسعار الفائدة في الوقت الراهن.. وكان اتفاق فريق الخبراء والمحللين مع رؤية رئيس البنك الأوروبي في هذا الصدد معتمدا علي ما يلي: * عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية الأوروبية والعالمية. * انخفاض معدلات النمو في العديد من الدول الأوروبية. * ضعف البنوك الأوروبية بشكل عام. * ضرورة الحفاظ علي معدلات التضخم عند المستويات المستهدفة. وقد أوضح الخبراء والمحللون الماليون والاقتصاديون في بريطانيا من خلال الاستطلاع استمرار البنك المركزي البريطاني في تبني سياسة شراء الأصول لضخ المزيد من الأموال في شرايين الاقتصاد، وأفادوا بأن ذلك كان أحد أهم الأسباب الرئيسية وراء انخفاض سعر صرف الجنيه الاسترليني أمام اليورو في الفترة الماضية، كما توقع هؤلاء الخبراء استمرار ضخ البنك المركزي البريطاني أكثر من 95 مليار جنيه كتسهيلات كمية "نقدية" إضافية خلال الشهور المقبلة. بينما يري خبراء ومحللو الصين ضرورة اتخاذ السلطات المالية الصينية جميع الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق التوازن بين ضخ المزيد من التسهيلات الكمية "النقدية" في الأسواق وبين التشدد في زيادة مقدار هذا الضخ خشية تأثير ذلك علي زيادة معدلات التضخم المستهدفة والتي يمكن أن تؤثر بشكل سلبي كبير علي الصادرات الصينية، كما توقع أغلبية هؤلاء الخبراء عدم رفع أسعار الفائدة بالبنوك قبل بداية النصف الثاني من عام ،2011 وتوقعوا أيضا استجابة الحكومة الصينية في إجراء رفع تدريجي طفيف لسعر اليوان خلال الشهور المقبلة من أجل تهدئة الضغوط الأمريكية والأوروبية عليها.