سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
متسائلة عن حقيقة الإصلاح الاقتصادي الكوبي الذي يقوده راءول منذ ابريل 2010..الايكونوميست: هل كوبا تخطو نحو الاقتصاد المختلط أم تناور لتخفيف أزمة السيولة التي تخنقها؟
في المناسبات النادرة التي كان قادة كوبا يريدون فيها إحداث تغيير في السياسات أو حتي إعادة تأكيد السياسات القائمة كان ذلك يتم عن طريق دعوة المؤتمر القومي للحزب الشيوعي الحاكم إلي الاجتماع، وقد جرت العادة علي أن ينعقد هذا المؤتمر دوريا مرة كل خمس سنوات ولكن آخر انعقاد لهذا المؤتمر كان عام 1997 أي منذ 13 سنة، ولكن ثمة اشياء أجلت انعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الكوبي كل هذه المدة الطويلة منها المشكلات الاقتصادية ثم مرض فيديل كاسترو بل وتنحيه عن الحكم لصالح شقيقه راءول عام 2006 إلي جانب العجز الواضح عن اتخاذ القرار حتي أن كثيرا من الكوبيين رجحوا - كما تقول مجلة "الإيكونوميست" - أن هذا المؤتمر لن ينعقد أبدا. ولكن أخيرا قرر الرئيس الكوبي راءول كاسترو الذي صار رئيسا بصفة رسمية عام 2008 أن يدعو إلي انعقاد المؤتمر المنتظر في ابريل الماضي 2010 لاتخاذ "قرارات أساسية تتعلق بتحديث النموذج الاقتصادي الكوبي وكيفية تحقيق هذا الهدف" وقد جاء الإعلان عن عقد مؤتمر الحزب بعد فترة وجيزة من إعلان الحكومة عزمها علي الاستفتاء عن نصف مليون من العاملين في الدولة مع حث المزيد من الناس علي إقامة مشروعاتهم الفردية أو العمل من خلال شركة تعاونية، وأصدرت الحكومة كتيبا من 32 صفحة يضم ما اسمته "أدلة السياسة الاجتماعية والاقتصادية". والسؤال المهم الذي تطرحه الإيكونوميست الآن وبعد نحو سبعة شهور من انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي الكوبي هو: هل الأخوان كاسترو اللذان يعيشان في خريف العمر يعدان لقيادة كوبا نحو نظام اقتصاد مختلط شبيه بما هو قائم حاليا في الصين؟ أم أن هذه الاصلاحات مجرد خطوات قصيرة الأجل يمكن الرجوع عنها ولا ستتهدف سوي تخفيف أزمة السيولة الحادة التي تعاني منها كوبا؟ تقول المجلة إن الحكومة الكوبية نشرت أخيرا قائمة تضم 178 نوعا من المشروعات الفردية المصرح بقيامها وهي قائمة لا ترضي أولئك الذين يأملون أن تنحو كوبا نحو الاصلاح الجذري، وهي قائمة لا تسمح إلا بالمشروعات الفردية التي لا تشكل تهديدا للدولة من وجهة نظر أي شيوعي بيروقراطي! فالكوبيون الآن صار مسموحا لهم بالعمل بلياتشو قطاع خاص وخياط قطاع خاص وراقص في ملابس تنكرية علي غرار ما كان يفعل في الأربعينيات المغني الكوبي بيني موريه "هكذا قالت القائمة" وصار مسموحا بالعمل في إصلاح الأثاث أما بيعها فمحرم، ولكن القائمة تضمنت السماح أيضا بممارسة بعض الحرف التقليدية مثل البناء والسمكرة، وأعلنت الميديا الكوبية أن العمل الفردي صار من الآن فصاعدا أسلوب حياة معترفا به وأن من يختارون هذا الأسلوب لن يتم وصمهم بأية وصمة، ومع ذلك فإن كتيب "أدلة السياسة الاجتماعية والاقتصادية" أكد عدم السماح لمن يختار أسلوب العمل الفردي بأن يراكم لنفسه ممتلكات. وهناك من يري أن هذه التغيرات لم تفعل شيئا سوي الاعتراف بشرعية ما كان يحدث الخفاء من خلال الاقتصاد الأسود أو الاقتصاد غير الرسمي من مشروعات فردية وانها لم تقدم أية فرص جديدة للناس، بل ان الكوبيين الذين يعملون عن أنفسهم من نشاطهم الفردي سيتعين عليهم بمقتضي هذه التغييرات أن يدفعوا ضرائب للدولة تتراوح ما بين 25 و50% من دخلهم ولكن السماح بانتشار المشروع الفردي في كوبا أمر آخر يتطلب حزمة أخري من التغيرات. ومع ذلك فإن الكتيب يبيح قيام متاجر جديدة للجملة يشتري منها الناس احتياجاتهم، كما صار مسموحا لصاحب أي عمل فردي تعيين عاملين لديه من خارج نطاق الأسرة وهذا تحول كبير حيث لم تكن كوبا تعرف من قبل كلمات مثل "الأجير" و"صاحب العمل"، كذلك فلن يكون هناك حد أقصي للأجور وسيتم السماح للأفراد باستئجار وتأجير وشراء وبيع منازلهم. والحقيقة أن كثيرا من الكوبيين لايزالون متشككين في جدوي هذا الانفتاح علي القطاع الخاص والمشروع الفردي حتي في صوره البدائية، وهم يتذكرون ما حدث من انفتاح محدود في تسعينيات القرن الماضي أيام حكم فيديل كاسترو عقب المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الذي انعقد عام 1991 عندما سمح للناس بتأجير غرف من مساكنهم وإدارة مطاعم خاصة، وقد ازدهرت هذه الأنشطة سريعا ولكن حالما حدث تحسن في ماليات الحكومة وصل البترول الفنزويلي الرخيص جزئيا محل إمداد البترول السوفيتية السابقة أوقفت السلطات إصدار تراخيص جديدة للراغبين في العمل الفردي وخنقت المشروعات العائلية بالضرائب بالباهظة والإجراءات البيروقراطية المعقدة.