د.أحمد درويش وزير التنمية الإدارية يصل ويسلم له بواسطة العدد الأسبوعي ل "العالم اليوم". يا دكتور درويش: أشهد أنك رجل كفء، شغال، بسيط متواضع ولا تعاني من أمراض المنظرة، أشهد أنك حريص حقا علي إحداث "نقلة نوعية" في عالم الإدارة هدفها - فيما أظن - راحة الناس في علاقاتها بأجهزة الدولة المنوطة بالخدمات، أشهد أن هذه الراحة واليسر في تلقي الخدمة هي منتهي السياسة، فأنا - يا دكتور - من المؤمنين بأن السياسة ليست.. الخطب والتصريحات، بقدر ما هي "قضاء حاجات الناس" وراحتهم، ولعلك توافقني علي أن "الكروت الذكية" التي حدثتني عنها ذات مساء بحماس كان يشع من عينيك هي إحدي الوسائل المهمة في خريطتك العملية، وظني أن التخلص من البيروقراطية في مكاتب الحكومة المتصلة بالجماهير، أحد أهدافك فأنت ضد الموظف التقليدي صاحب شعار "فوت بكره" وأنت ضد الموظف الذي يعطي "الخدمة" نظير اكرامية، أعلم إنك ضد الفساد بكل صوره حتي ولو اختار د.نظيف عبارة "أخطاء إدارية" بدلا من الفساد. أنت صاحب منهج القضاء علي الإدارة بالقلم الكوبيا ليحل محلها ابتكار جديد صنعته التكنولوجيا عبر شبكة الإنترنت، وأشهد أن جهدك لتحويل العقلية المصرية من اللجوء لموظف الحكومة للحصول علي الخدمة.. إلي استخدام تقنية جديدة أكثر تيسيرا محل احترام، لأنك تسهم في ايجاد مناخ مريح للمواطن المصري طالب الخدمة في شتي المجالات.. ولكن..! لكنك يا سيدي تغامر وهي مغامرة محمودة لتنقل المجتمع من حالته الزراعية إلي بيئة الكترونية وأمامك تحديات أهمها: 1- استقراء الناس علي الاعتماد علي الموظف التقليدي الذي يذهب إليه في مجمع التحرير مثلا ويلطعه بالساعات ويطالبه بعدد من الأوراق والتوقيعات ويدوخ طالب الخدمة السبع دوخات! 2- اعتياد المجتمع للحصول علي الخدمات من خلال طوابير طويلة تغلب فيها عنهجية الإدارة علي التسهيل واختصار الخطوات. ولا أتردد لحظة في قناعتي يا دكتور بأنك درست علميا وواقعيا نوعية "الخدمات" التي هي ما تمثله رغبات المواطنين حقا. بعد هذا اتصور أن "ثقافة" الحصول علي الخدمة الالكترونية مازلت غائبة، ان تغيير العادات والطقوس ليس بالأمر الهين. كيف "نسيد" هذه الثقافة الالكترونية؟ كيف لا تكون قاصرة علي القاهرة وربما الاسكندرية؟ كيف يكون الزمن في صالح هذا الطموح الالكتروني. ما آلياتك لإيجاد هذه الثقافة الجديدة علي المجتمع؟ وما المعوقات التي تتوقعها؟ كيف تقضي علي الأمية الالكترونية في قرانا المصرية؟ و.. صباح التنوير، يا دكتور.