سهرة علمية جميلة احتضنتها مكتبة الإسكندرية مساء الاربعاء الماضي باحتفاء جمعية عصر العلم برئيسها الفخري العالم الدكتور أحمد زويل. يكفي أن نقول إن د. زويل سيلقي محاضرة في أي مكان ستفاجأ بحشود كبيرة من المواطنين علي اختلاف فئاتهم العمرية يحرصون علي الحضور والاستماع لما يقوله د. زويل لأنه قامة علمية عملاقة. بدأت الأمسية بتعريف عن جمعية "عصر العلم" من رئيس مجلس إدارتها الدكتور عصام شرف أستاذ هندسة الطرق بجامعة القاهرة ووزير النقل السابق.. وقال إنها جمعية أهلية لا تنتمي إلي أي حزب سياسي أو ديني.. ولا تهدف إلي الربح، ولا تتقاضي أي تمويل مالي من أي جهة داخلية أو خارجية.. هدفها هو الارتقاء بمجالات المعرفة والثقافة والعلوم الحديثة.. وأكد د. شرف أنها تعني بنشر الثقافة العلمية وتهتم بالبحث العلمي والتعليم، وتسعي إلي تحقيق التواصل والتفاعل بين العلماء المصريين في الداخل والخارج، وكذلك المساهمة في حل مشكلات المجتمع. للأسف نصيب البحث العلمي في مصر يعتبر من أقل الميزانيات وادناها بين جميع الدول العربية أو غير العربية.. ونشكو مراكز الأبحاث المصرية من ضعف التمويل المالي وقلة الميزانية المرصودة لعمل البحوث العلمية والاقتصادية والاجتماعية. وهو الأمر الذي فكر فيه مجموعة من العقول العلمية والخبرات العالية في تأسيس جمعية عصر العلم.. وخرجت الفكرة من مدينة المنصورة في محاولة لسد النقص من إجراء البحوث العلمية التي تعتمد علي التكنولوجيا والمعرفة.. وتولي الجمعية اهتمامها بتعزيز دور البحث العلمي وربطه بالتنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة. ويؤمن د. عصام شرف رئيس مجلس إدارة الجمعية إيمانا عميقا بأهمية العلم ودور البحث العلمي في رقي الأمم وتحضرها.. فضلا عن تفاؤله بمستقبل هذه الجمعية التي اتخذت من اسم كتاب د. زويل اسما لها وهو عصر العلم.. حيث تستطيع هذه الجمعية بما تضمه من عقول مستنيرة حكيمة تعرف هموم وطنها أن تبحث وتنقب وتراجع في فضاء العلم وآفاق البحث العلمي، وتغوص في الأعماق لتخرج لنا بحوث ودراسات ونتائج تثري حياتنا الاقتصادية والعلمية، وتسهم في تقدم المجتمع والتنمية. بعد هذا التعريف بالجمعية يتقدم د. أحمد زويل ليبحر بنا في رحلة علمية شيقة ليتحدث فيها بأسلوب علمي سهل وبسيط وتتجاوب معه العقول والقلوب تستمع إليه في انصات شديد.. ورغم علمية المحاضرة وموضوعها لم يقترب د. زويل من السياسة. كما قال شبعنا سياسة. ويتحدث د. زويل وبما يملكه من ثقافة متخصصة عن اختصار الزمن (الفيمتوثانية) قياس زمن وهو جزء من مليون بليون جزء من الثانية (واحد علي واحد وأمامه 15 صفر في الثانية) وهو الاكتشاف الذي حصل به علي جائزة نوبل. قال د. زويل إنه متحمس جدا لجمعية عصر العلم وأنها ستكون رافدا حيويا ومهما في اثراء العلم والبحث العلمي. كانت قاعة المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية تضم أكثر من ألف شخص علي مختلف أعمالهم منهم الأستاذ والباحث والطالب والموظف. كما حضر أيضا عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية ود. هاني هلال وزير التعليم العالي وعدد كبير من المسئولين والوزراء السابقين. كان د. زويل يتحدث وكأنه دبلوماسي فيما كان يقدمه ويحسن عرضه وبأسلوب فنان يصل بين خطوط الماضي البعيد بكل أمجاده منذ عهد الفراعنة ثم أيام العرب القدامي وبين الحاضر بكل ارهاصاته وتفاعلاته وتقدمه دون مغالاة أو تعصب. تحدث د.زويل عن إنجازاته وأعماله خلال السنوات العشر الماضية التي اعقبت حصوله علي جائزة نوبل. وهذه الأبحاث التي تثري بها المجلات العلمية الأمريكية والأوروبية وهي تحتفل بنشر هذه الدراسات. بخلاف الندوات والمحاضرات التي يدعو إليها في كثير من بلدان العالم. نحن أمام رجل عبقري فذ يظل تفرده وعصريته ملمحا يدل عليه، إلي جانب قدرته علي اكتشاف من يراهم يصلحون علماء وباحثين ومتحدثين ويملكون القدرة علي العرض والاقناع. كان خارج القاعة بمكتبة الإسكندرية أضعاف أضعاف من بداخلها.. كانوا ينتظرون خروج د. زويل لكي "يكحلوا" عيونهم برؤيته وكأنه أحد نجوم السينما المشهورين.. ولكن هذا الحب هو من السماء وسبحان الله هذا حب دافق حقيقي. والرجل يستحق منا كل هذا الحب لأنه عالم فاضل في تواضعه وتعففه وإخلاصه لبلده. إنه بحق نور يضيء للسائرين في درب العلم والبحث.