اعترف أنا الموقع أعلاه وأدناه أني من أولئك الذين لعب التقدم بمشاعرهم، فتعلموا بعضا من أساليب التعامل مع أدوات العصر مثل الكمبيوتر والإنترنت وإن كنت لا أزال مصرا علي الاحتفاظ بمساحة من الجهل عن ألاعيب الفيس بوك وغيره من أدوات التواصل الإنساني، فمازلت اعتبر الاندماج أكثر من اللازم في تلك الأمور هو نوع من إدمان التشتت خصوصا عندنا نحن البشر، ولن أنسي تجربة صديق عزيز لي من أكبر المحاضرين في دنيا العلاقات الإنسانية، ويعيش في الولاياتالمتحدة، ودخل ذات مرة علي إحدي غرف "الشات" أو الرغي، وقابل سيدة منزل أحس بالتقارب معها، وصار كل منهما يحاور الآخر في معظم أوقات النهار، وعلي الرغم من أن كليهما متزوج وعنده أولاد، إلا أن الاندفاع الجارف جعلهما يتناسيان ما وراءهما من تاريخ وكانت النتيجة أو اللقاء الأول فيما بينهما انتهي إلي غرفة صغيرة في فندق، فاكتشف كلاهما أنه لم يعرف طعم الحب من قبل. وكانت النتيجة هو طلاق كل منهما من شريك عمره، وتحمل قدر هائل جدا من الخسائر المادية، وقررا أن يعيشا معا، وبعد أيام العسل الأولي، صادفت الحبيبة حبيبها وهو يخلع طاقم أسنانه في الحمام. وصادف الحبيب حبيبته وهي تتناول هرمونات تؤجل بها انقطاع الدورة الشهرية كي تظل قادرة علي الاندماج الجسدي والعاطفي مع الحبيب. وأحس كل من الحبيبين أنهما يعيشان مسرحية هزلية اسمها العشق الأهوج. وقررت المرأة بحدسها أن الحبيب لم يعد هو المنجرف دوما إلي أحضانها، فقررت هي البدء في رحلة الانسحاب، وأعلنت له بصريح العبارة أنها لا تطيق النوم معه في غرفة واحدة بينما هو يخفي عنها أن أسنانه ليست حقيقية، فأعلن لها أنه واحد من ستين مليون إنسان بالولاياتالمتحدة ممن تعرضوا لإقناع أطباء الأسنان بأن طاقم الأسنان أكثر أناقة من الأسنان الطبيعية. ولم يستطع العاشق الاحتفاظ بالحبيبة، وحاول استرداد زوجته الأولي التي رفضت العودة إليه، وصار الآن من سكان الفنادق الصغيرة لأنه غير قادر علي العناية بنفسه بمفرده. وكل ذلك بسبب غرف الرغي الكمبيوترية. ولذلك أخذت أنا الدرس من صديقي، لأني لست مستعدا لتغيير غرفة نومي، ولا أحاول تجديد حياتي بالخطايا. ولكن حدث في الكمبيوتر الخاص بي ما سبب لي الألم، ولولا الصداقة مع توشيبا التي تحترف الصدق في مبيعاتها، لولا ذلك لألقيت بالكمبيوتر من حالق، نظرا لأني اشتريته وعليه برنامج ابن جزمة قديمة اسمه فستا، وطبعا محوت هذا البرنامج الملعون واشتريت البرنامج الجديد "ويندوز 7" ولكن الكمبيوتر عصلج كثيرا في بعض عملياته، وتكرم مدحت العربي المهندس المحترم بإرسال مندوب محترم ليصلح ذات البين بيني وبين الكمبيوتر، وما أن رحل المهندس من باب منزلي حتي رأيت جهاز الكمبيوتر يقوم بعصيان مدني لا أمام مجلس الشعب كبقية الاعتصامات ولكن العصيان تجلي أمامي في عجز الكمبيوتر عن التواصل مع الإنترنت. ومازالت المفاوضات تدور بيني وبين شركة الإنترنت وكأني أنا وزير القوي العاملة وكأن الكمبيوتر هو من عمال كتان طنطا التائهين بين ردهات البحث عن مستقبل وكل ما أرجوه واسأل الله فيه هو دعاؤكم كي أخرج من عجز التواصل مع الكون عبر الإنترنت علي الرغم من أني لا أدخل غرف الرغي خوفا من مصير صديقي الحائر في الولاياتالمتحدة بين الفنادق الصغيرة وبين التوسل لزوجته الأولي لعلها تقبل الرجوع إليه.