كتبت الأستاذة الصحفية مروة حسان في جريدة "العالم اليوم" عن عدم اعتماد الشركات المصنعة للسيارات في مصر للموردين المصريين الذين يواجهون منها تعنتا شديدا من جانب الشركات المذكورة بالرغم من حصول الشركات المنتجة لقطع غيار السيارات علي شهادات جودة عالمية، ومن أنها تقوم بالتصدير للخارج.. وقال الدكتور نبيل السمري رئيس شعبة الصناعات المغذية إن هناك سببين لذلك: أولهما أن سعر قطع الغيار الموجودة في مصر أغلي من المستورد وذلك بسبب رفع الجمارك علي المواد الخام المستخدمة في تصنيع المكون المحلي.. لذلك تستخدم الشركات المصنعة للسيارات أو بالأحري المجمعة للسيارات مكونات أجنبية. فهل معقول أن تفرض الجمارك لحماية المنتج الأجنبي؟! الأصل أن الجمارك تحمي الإنتاج المحلي وإذا كانت رسوم الجمارك علي السيارات مائة في المائة فإن الرسوم علي قطع الغيار أو مكونات السيارة لا تقل عن تسعين بالمائة وفي هذه الحالة فإن عملية التجميع لا تضيف قيمة إلي تكلفة السيارة إلا بمقدار يتراوح بين اثنين وسبعة بالمائة وغير ذلك يعتبر دعما للإنتاج الأجنبي وتحويلا لدور الصناعة في مصر إلي القيام بالعمليات التي تجهز الإنتاج الأجنبي للاستيلاء علي السوق المحلي ومن يقم بهذه العملية يتقاسم الأرباح الطفيلية مع المورد الأجنبي وتحويلها للخارج.. بعض الشركات الأجنبية أقامت مصانع تجميع في مصر مستفيدا من الرسوم الجمركية المنخفضة علي قطع الغيار ومكونات السيارة لتحويل فرق الجمارك العالية علي السيارة الواردة جاهزة من الخارج وجمارك المكونات لتحويل أرباح إلي الخارج.. أي خيبة وعبث!! أما السبب الثاني الذي يجعل الشركات المصنعة للسيارات ترفض اعتمادها للموردين المصريين فهو أن هذه الشركات تخضع لاختبارات وفحص ومراجعة من قبل الشركات الأم.. مثل دايو وهيونداي.. وشراء المكون من الشركة الأم فهذا يضمن لها سهولة تلك الاختبارات وضمانها. هذا يذكرني بقصة كان بطلها الدكتور إبراهيم عبد الله رحمه الله وهو من رجال صناعة الدواء، وكان يرأس شركة الإسكندرية للأدوية وكان متعاقدا مع شركة باير لإنتاج دواء "سلفا".. وكانت شركة باير تشترط اعتماد الكيماويات المستخدمة في هذا الدواء.. وكان المركب الأساسي يجب بالضرورة اعتماده من شركة باير.. غير أن شركة الإسكندرية حصلت علي عرض من الصين لنفس المادة المطابقة للمواصفات التي تشترطها شركة باير.. وعندما اخبرهم د. إبراهيم عبد الله بذلك طلبوا ارسال عينة لتحليلها قبل اعتمادها.. الدكتور عبد الله ارسل لشركة باير عينة من المادة التي سبق للشركة نفسها توريدها فبعثت شركة باير بتقرير يرفض هذه العينة ويذكر عدم مطابقتها وكل العيوب التي تخطر علي البال!! فأخبرهم بأن العينة التي ارسلت علي انها إنتاج صيني هي في الحقيقة عينة من إنتاج باير نفسها!! وألغي عقد هذا الدواء، ثم طرح مثيل في السوق باسم "لونج أكتيني". إن غرض الشركات الأجنبية هو الاستيلاء علي السوق المحلي. وفي سبيل ذلك لا تتورع عن كل التلاعبات مستخدمة وكيلها أو المنتج المحلي لتحقيق هذا الغرض. والأمر الخطير أن المشكلة ليست في صناعة السيارات فقط.. لكن نفس المأساة في صناعة الاكترونيات تتكرر في صناعة الاليكترونيات والسلع المنزلية المعمرة وغيرها.. لذلك نقول إنه قد آن الأوان لمراجعة سياستنا الجمركية بصورة جذرية.