حالة من التفاؤل تسود الأوساط الاقتصادية بعد أن عاد الخطاب السياسي العربي مجددا إلي فكرة ضرورة احياء السوق العربية المشتركة وهو ما يعتبر مناخا مناسبا تماما للبدء فورا في إزالة كل العقبات التي تعترض الوصول إلي هذا الحلم الذي أصبح تحقيقه أمرا حتميا بعد الأزمة المالية العالمية والخسائر الكبيرة التي تكبدتها الاقتصادات العربية. الكثير من الخبراء أكدوا أن السوق المشتركة هي الحل الأخير لانقاذ ما يمكن انقاذه خصوصا في ظل زيادة التحديات الكبري التي تواجه مجتمعنا العربي وطالبوا بالبدء فورا في إصلاح منظمات العمل العربي المشترك لأن وضعها الراهن لا يؤهلها أن تكون إطارا تنظيميا مناسبا للاضطلاع بإنجاز السوق العربية المشترك التي لا تتطلب كما يظن البعض مشاركة جميع الدول العربية لأنها من الممكن أن تبدأ ب 6 أو 7 دول فقط كبداية كما بدأت السوق الأوروبية المشتركة. د. أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية يري أن الظروف الحالية والأزمة المالية تحتم علينا ضرورة العمل بسرعة لازالة جميع العقبات التي تعترض إقامة تلك السوق التي تعتبر الخيار الأخير والأهم أمام الدول العربية لمواجهة التحديات التي خلفتها الأزمة العالمية. يوضح د. جويلي أن مجلس الوحدة العربية يسير في خطته نحو إنشاء سوق عربية مشتركة علي خطي السوق الأوروبية، قائلا إن تجربة السوق الأوروبية نجحت لأنها بدأت بمنطقة تجارة حرة وهذا ما حققته الدول العربية حيث نجحنا علي المستوي العربي في اقناع معظم الدول العربية بالغاء الجمارك فيما بينها في عام 2005 بينما منحت دول أخري فرصة أخيرة. ويعترف جويلي بوجود عوائق تحول دون اتمام هذا الحلم أولها المعوقات الفنية التي تقف حائلا أمام فتح الطريق للتجارة العربية من بينها حركة النقل في ظل عدم وجود طرق ملائمة بين بعض الدول مشيرا إلي أن تحقيق السوق العربية المشتركة يحتاج لعمل مضني من الشعوب والحكومات معا موضحا أن الاتحاد الأوروبي أسهم في تنمية بعض الدول الأوروبية التي كانت تحتاج للمساعدة والتي انضمت بعد ذلك للاتحاد، كما لايزال الاتحاد الأوروبي يعمل بجهد دؤوب في أوروبا الشرقية حتي تصل إلي مستوي معين ليضمها أيضا إليه. ويوضح جويلي أن الدول العربية مازالت تعتمد علي استيراد 90% من احتياجاتها من الخارج، وأن الواردات لكل دولة عربية تكاد تكون متماثلة، حيث تستورد الغذاء والمنتجات الصناعية والمعدات. مطالبا بالبدء الفعلي في التنفيذ خاصة أن كل الظروف الحالية مواتية تماما. وينتقد جويلي الانتظار والتخبط الذي تعيشه معظم اقتصادات الدول العربية مثل التوجيه الخاطئ لعوائد النفط حيث ذهبت هذه العوائد نحو الإعمار والمضاربة في البورصات في حين انعدمت الأموال الموجهة لحل المشكلات الهيكلية التي يعاني منها العالم العربي كالبطالة التي تشكل ما بين 15% إلي 20% من حجم القوي العاملة. وعن نجاح الأوروبيين وفشل العرب في إقامة سوق مشتركة يري جويلي أن المقارنة بين أوروبا والعرب أمر ظالم ولا يجوز حيث بدأ العرب الحديث عن السوق المشتركة وهم دول نامية خارجة من تحت سيطرة الاحتلال ولديهم إسرائيل تعوقهم في حين أن الأوروبيين تم مساعدتهم من قبل البنك الدولي للإعمار، مؤكدا أن الوضع الآن تغير والدول العربية ظروفها الآن باتت أحسن لاستكمال مسيرة التكامل خاصة بعد أن أصبحت تعتمد علي اقتصادات السوق إلي جانب انضمام عدد منها لمنظمة التجارة العالمية.. كما باتت الدول العربية لها شراكة مع أوروبا، فضلا عن أن هناك شعورا لدي الدول العربية جميعها نحو ضرورة التكتل لمواجهة الكيانات الكبري. ويؤكد السفير الدكتور محمد إبراهيم شاكر نائب رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية علي أهمية بحث احياء السوق العربية المشتركة باعتبارها خطوة مهمة لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي وذلك في ظل الآثار السلبية الكبيرة التي خلفتها الأزمة المالية العالمية. ويوضح شاكر أن التكامل الاقتصادي العربي لا غني عنه في ظل الأزمة المالية الدولية.. منوها إلي أن الإمكانيات العربية متاحة لقيام هذه السوق بالإضافة إلي توافر الخبرات العربية المتميزة والمتنوعة في المنطقة العربية.. مطالبا بضرورة العمل فورا علي تطوير وتعزيز مجالات العمل الاقتصادي والاجتماعي والتنموي العربي وتحديد مواطن القصور أو الخلل وكذلك التحديات الاستراتيجية في هذه المجالات لأنه بدون ذلك لن نصل إلي حلم السوق العربية المشتركة.