التنمية ومواجهة الفساد.. هذه هي الوصفة السحرية التي قدمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للدول الافريقية وهو يتحدث أمام برلمان غانا.. لقد قال الرئيس أوباما صراحة إن موارد الدول والشعوب الافريقية حق للمواطنين من أبناء هذه الدول وليست حقا للحكام الذين تصوروا ان موارد هذه الدول حق لحكامها.. لقد ودعت دول افريقيا عصور الاستعمار البغيض منذ سنوات وتولي أبناء هذه الدول مسئولية الحكم فيها، وكان من المنتظر ان يخرج هؤلاء الحكام بشعوبهم من عصور الفقر والجوع والحرمان والتخلف ولكن الذي حدث كان اسوأ من عصور التبعية والاستعمار.. لقد وقعت هذه الشعوب تحت نيران الانقلابات العسكرية التي اطاحت بكل احلام هذه الشعوب في الحرية والديمقراطية، وشهدت دول افريقيا عشرات الانقلابات التي كانت تجيء كل يوم بحاكم جديد.. وللأسف الشديد ان عصور الاستبداد قد أعطت لهؤلاء الحكام الحق في نهب خيرات شعوبهم، وكان كل حاكم جديد يأتي علي رأس دبابة ينهب ما تبقي من موارد شعبه.. وسقطت دول افريقيا بين نار الاستبداد ونار الفساد. وقد ترتب علي ذلك تراجع معدلات التنمية الاقتصادية والبشرية في هذه الدول، فلا هي خرجت من مشكلات الفقر ولا هي لحقت بمواكب التقدم.. والغريب ان هناك دولا في آسيا استطاعت ان تلحق بالتقدم العالمي في كل مجالات الانتاج والتعليم وأصبحت تهدد الدول المتقدمة في التصدير والتنمية.. وبقيت دول افريقيا حتي الآن تعاني أزمات الفقر والتخلف والفساد.. ولعل ذلك هو ما جعل الرئيس أوباما يحدد سبب الداء وهو الفساد وغياب التنمية وكان من نتيجة ذلك كله الحروب الأهلية التي شهدتها القارة السوداء في أكثر من مكان وقد كانت هذه الحروب من أهم وأخطر أسباب التخلف في افريقيا.. كيف تستطيع الشعوب الافريقية ان تتخلص من الفقر والفساد وان تضع اقدامها علي مستقبل أكثر أمنا واستقرارا.. ان ما حدث في افريقيا بعد الاستعمار كان أكثر خطرا من الاستعمار نفسه فقد خرجت شعوب افريقية من الاستعباد الأجنبي إلي الاستبداد المحلي وما بين حكم المستعمر وحكم الانقلابات العسكرية تحولت افريقيا الي مرتع خصب للجوع والفقر والتخلف رغم انها تملك ثروات لا حدود لها من الموارد والبشر.