تحقيق: نهي المرشدي محمود يونس مصر احدي الدول التسع الكبار في اعداد الاميين في العالم، الامر الذي ادي الي تراجع ترتيبها في التنمية البشرية بين العالم وقبل الاخيرة علي مستوي الدول العربية، حيث اوضح تقرير لجنة التعليم بمجلس الشوري ان عدد الاميين في عام 2006 وصل إلي نحو 16.8 مليون نسمة وان الخطة التي وضعتها الهيئة العامة لمحو الامية وتعليم الكبار فشلت فشلا ذريعا والتي كانت تستهدف محو امية 2.5 مليون شخص سنويا من الشريحة العمرية 15 إلي 45 عاما. هذه الارقام المفزعة جعلتنا نتساءل عن سبب فشلنا في مواجهة هذا الغول رغم ان تجارب بعض الدول الاخري في هذا الاطار تعطي بصيصا من الامل حيث نجحوا فيما اخفقنا نحن فيه ففي "كوبا" مثلا تم اغلاق المدارس والجامعات لمدة عام وقام كل طالب بمحو امية عشرة مواطنين وصارت هذه التجربة بمثابة محل احتفاء دولي، أما ماليزيا وهي ثانية التجارب الناجحة في هذا الصدد فقد خصصت يوما في الاسبوع يتبرع فيه كل طالب بالذهاب الي فصول محو الامية وتعليم مواطنيه. أما في مصر رغم الخطط والبرامج الجادة والاقتراحات التي تبحث عمن ينفذها فكانت النتيجة بعد مرور 18 عاما علي تطبيق مشروع محو الامية اعتراف الدكتور "يسري الجمل" وزير التربية والتعليم بفشل هيئة محو الامية في المهمة المنوطة بها وان نسبة الامية في مصر بلغت 27% من عدد المواطنين. د. فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري يقول ان الحكومة فشلت في وضع حد لازمة زيادة الامية ولاتزال اعداد الاميين في تزايد مستمر بالرغم من التكلفة الباهظة للمشروع والتي وصلت الي اكثر من 100 مليون جنيه سنويا لهذا شهد اجتماع لجنة التعليم بمجلس الشوري هجوما حادا من قبل الاعضاء علي وزارة التربية والتعليم واتهموها بالفشل الذريع في مواجهة مشكلة محو الامية. ويري د. إسماعيل ان وزارة التعليم لم تضع جدولا زمنيا للقضاء علي مشكلة الامية وان التصورات والاهداف التي وضعتها الهيئة لم تتحقق بالمستوي المطلوب علي الرغم من ان مصر تعتبر الدولة قبل الاخيرة علي مستوي الدول العربية من حيث عدد الاميين بها والذي يصل الي 17 مليون امي وهو ما يسيء لسمعة مصر ومكانتها، مضيفا ان نسبة الامية بين الذكور والاناث غير متوازنة حيث ان الغالبية العظمي من الذين يعانون من الامية من الاناث. وأكد ان المناقشات التي تمت خلال اجتماع لجنة التعليم بالمجلس اوائل هذا الشهر كشفت عن قصور في مشروع القانون المقدم للمجلس، لذلك وافقنا علي تعديل بعض احكام القانون رقم 18 لسنة 1991 المنظم لمشروع محو الامية وتعليم الكبار والذي يستهدف تركيز المسئولية بمعني ان القانون الان يحدد دور الهيئة في التخطيط والتنسيق والمتابعة في اطار التحول الي اللامركزية وان تشارك المحافظات في التنمية لتتولي المحافظة مهمة التنسيق فيما بين الجهات ال11 التي انسحبت امام هيئة محو الامية لتبقي وحيدة في الموقف. ومن جانبه، اعترف د. رأفت رضوان رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بعدم امكانية تخلص مصر من الامية نهائيا حيث يقول ان 65% من الفئة العمرية التي تبلغ اعمارهم 60 عاما فأكبر أميون ومن المستحيل محوها، موضحا ان الخطة الموضوعة للهيئة تتطلب محو امية 5 ملايين شخص خلال 4 سنوات، مشيرا إلي ان مشكلة الامية تنموية وليست تعليمية وكان من الخطأ التعامل معها علي انها تعليمية فقط حيث وصلت نسبة الامية الي 27.4% تمثل النساء ثلثي النسبة ب11.5 مليون في مقابل 5.5 مليون للرجال وترتفع نسبة الامية في صعيد مصر الي 35% وتحتل محافظات المنيا وبني سويف والفيوم المقدمة حيث تبلغ نسبة الامية فيها حوالي 40%. وينتقد د. رضوان انخفاض ميزانية محو الامية موضحا ان ميزانية الهيئة في دول العالم تبلغ 3% من حجم ميزانية التعليم واذا قسنا علي ذلك ميزانية التعليم في مصر التي تصل الي 30 مليار جنيه فإن ميزانية الهيئة تبلغ 900 مليون جنيه فقط، كما ان تكلفة محو امية الفرد في افقر دول العالم تتكلف 100 دولار في المتوسط أما في مصر وطبقا للميزانية المحددة فإن محو امية المواطن الامي يتكلف 300 جنيه وهذا ما يوضح اسباب اخفاق الهيئة في تحقيق اهدافها، في الوقت الذي حدد فيه اليونسكو مبلغا يتراوح بين 60 و100 دولار لمحو امية الشخص. ويشير د. رضوان الي ان هناك ارتباطا وثيقا بين ظاهرة الامية وتدني المستوي المعيشي وتفشي ظاهرة الفقر ولكن ما يزيد من مشاكل الامية مع زيادة الضغوط الاقتصادية هو ظاهرة التسرب من التعليم فوفقا لبيانات تعداد سنة 2006 تسرب حوالي 320 ألف طالب سنويا مما يزيد من اعداد الاميين، بالاضافة الي الزيادة السكانية السنوية لتصبح المحصلة النهائية اعدادا هائلة تضعف من جهودنا.