لا شك أن تورط رجال الأعمال في جرائم مختلفة علي مدار العقدين الماضيين منذ بداية الإصلاح الاقتصادي والانفتاح الكبير يعد مؤشرا سيئا لصورة رجل الأعمال في الشارع المصري خاصة ان الشارع لم يستوعب بعد دور القطاع الخاص في تنمية المجتمع وعلي الرغم من النمو المتسارع لدور رجال الأعمال في المجتمع المصري فإنه نتيجة تزايد جرائم بعض رجال الأعمال المتصلين بالسلطة أو بنساء الفن في الآونة الأخيرة نتج عنها ان سجن مزرعة طرة الذي تم إيداع رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي داخله، أصبح ينظر له علي أنه سجن رجال الأعمال، فهو السجن المودع به عدد كبير من رجال الأعمال المسجونين في قضايا المال العام، وهو السجن الذي عاش بداخله عدد كبير من مشاهير قضايا الرأي العام في مجال الأموال العامة والفساد، ووصفه الوزير السابق توفيق عبده إسماعيل عقب خروجه منه بأنه "سجن خمس نجوم"، لأن أغلب نزلائه من رجال الأعمال، اما في قضايا شيكات بدون رصيد أو قروض من البنوك أو علاقات نسائية انقلبت لصراع حيتان وتصفية حسابات. القضية الاخيرة تكشف بعض مظاهر هذا الوباء الخطير في الأوساط المالية والسياسية التي لاحت مؤخرا، الا وهو ارتباط العديد من رجال الأعمال بمطربات عربيات أو فنانات في تزاوج جديد للمصالح تستهدف منه المطربة المغمورة تحقيق طموح الثروة والظهور السريع، فيما يستهدف رجل الأعمال إقامة علاقة ما أو الزواج من "الشهرة الفنية"، خلال السنوات الخمس الأخيرة وقعت أكثر من جريمة وفضيحة بسبب هذه العلاقات خاصة السرية منها، سواء بدافع الغيرة أو الاستحواذ. فسوزان تميم ليست الأولي ولن تكون الأخيرة فعلاقة الفنانات بالمال والسلطة نادرا ما تنتهي علي خير فقد كانت إلهام شاهين محظوظة لتدفع ثمن علاقتها برجل الأعمال الأردني عزت قدورة مجرد ملاحقة من بلطجي بماء النار وهذا الحظ لم يكن للمطربة ذكري منه نصيب فالرواية السائدة التي لا تزال تحتاج إلي تدقيق ان زوجها رجل الأعمال أيمن السويدي قتلها وقتل نفسه ومدير أعماله وزوجته غيرة عليها أما سعاد حسني فلا يزال لغز جثتها علي الرصيف البارد في لندن محيرا مع شبه اجماع علي انها قتلت لاخفاء مذكرات كانت تكتبها وفيها ذكر لأسماء ما زالت تملك السلطة والنفوذ داخل مصر وخارجها وقد حاول علماء الاجتماع أن يفسروا هذه العلاقة الغامضة بين المال الذي يريد الاستئثار بكل شيء وبين الجمال الذي يبحث دوما عمن يمول حضوره واستمرار شهرته ووجدوا ان معظم قضايا الفنانات المأساوية عربيا وعالميا لها علاقة بوسط رجال الأعمال، فهشام طلعت مصطفي آخر سلسلة في هذا العقد المأساوي فهل علاقة الفن والجمال بالسلطة والمال لعنة تلاحق الطرفين؟ "الأسبوعي" يعيد فتح هذا الملف الشائك الذي ظل يتحور علي مدار العقود الماضية حسب مجريات الأمور حتي باتت الصورة مؤخرا كما يؤكد الخبراء تشير إلي طفو هذه المظاهر السلبية في المجتمع فتؤدي تدريجيا إلي حد كبير في فقدان ثقة الشارع في القطاع الخاص ومن ثم تقويض ثمار الإصلاح الاقتصادي الذي يحتاج إلي هذه الثقة. مجتمع برجمات من جانبه يقول الدكتور ايمن فرج الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة إن قضية هشام طلعت مصطفي تكشف عن خلل كبير في المجتمع ومخاطر تحدق بالجميع فلا أساس لأي تقدم اقتصادي دون وجود قيم داخل المجتمع والجيل الجديد من رجال الأعمال يعاني معظمه من مخاطر اجتماعية وسياسية أكبر لصعود نفوذ دور بعض رجال الأعمال، ومخاوف أن يثمر تزاوج الثروة والسلطة عن إنتاج جيل جديد برجماتي يتحكم بأمواله في السلطة ولا يعول كثيرا علي الثوابت التاريخية للأمة، وهو أمر لن يحمد عقباه علي حد تعبيره. وتابع قائلا: إن جرائم المجتمع المصري محصورة بين طبقتين الأولي تعيش تحت خط الفقر وتناست كل المباديء والقيم بدافع من الفقر والعوز والحرمان وانعدام الاخلاق والقيم ولجأت إلي الجريمة من خطف وسطو واغتصاب تارة من أجل الحصول علي المال وتارة أخري بدافع الانتقام من المجتمع الذي تخلي عنهم ولم يقم بأي دور في المشاركة الاجتماعية المنوط بأي رجل أعمال تقديمها من أجل هذه الطبقة الكادحة فالحكومة تخدم رجال الأعمال وتطالب الشعب بالصبر والتأني لجني ثمار الإصلاح وقد نفد صبر الناس وانتشرت الجرائم وكأننا أصبحنا نعيش في "شيكاغو" جديدة.