اعلان شركة مجموعة طلعت مصطفي القابضة الاسبوع الماضي عن استحواذها علي كامل أسهم شركة الإسكندرية والسعودية للمشروعات السياحية المالكة لمنتجع "الفورزسيزونز" شرم الشيخ يثير العديد من التساؤلات حيث ان منتجع الفورسيزونز الذي يتكون من 200 غرفة فندقية بلغت صافي أرباحه عن عام 2008 مبلغ 76 مليون جنيه، فما الذي يدفع الشركة الي بيع اسهمها علي الرغم من معدلات الربحية المرتفعة التي تتحقق منه؟ هل نستطيع ان نعتبر هذا مؤشراً علي بداية انسحاب الاستثمارات الاجنبية من السوق المصري بسبب ظروف الازمة العالمية .. خاصة وان الازمة تسببت في ضعف السيولة العالمية مما قد يضطر العديد من الكيانات الكبيرة الي تصفية مشروعاتها للحصول علي السيولة الكافية كذلك قد تنمي الازمة المالية شعورا بالمخاطرة لدي المستثمرين الاجانب تجاه اسواق ناشئة كالسوق المصري. ما يعزز من المخاوف بشأن مستقبل الاستثمار الاجنبي في مصر هو البيانات التي اعلنت عنها وزارة الاستثمار في تقريرها ربع السنوي الاخير والذي كشفت فيه عن تأثيرات الازمة المالية علي الاستثمار الاجنبي في مصر بمنتهي الشفافية حيث ذكر التقرير ان صافي تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر الي مصر انخفضت خلال النصف الاول من العام المالي 2008/2009 لتبلغ نحو 4 مليارات دولار مقارنة بنحو 7.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2007/2008 كما ظهر تأثير الازمة جليا علي قطاع السياحة تحديدا وفقا لبيانات نفس التقرير الذي ذكر ان معدلات نمو قطاع السياحة خلال الربع الثاني من العام المالي (2008 - 2009) 81.7% مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق ، فهل تفسر اجواء الازمة المالية وتباطؤ القطاع السياحي في مصر صفقة الفور سيزون؟ حالة خاصة نفي أحمد الخادم مستشار وزير السياحة ذلك واعتبر الصفقة حالة خاصة لاتعبر عن سلوك الاستثمار الاجنبي في مصر، مشيرا الي ان الصفقة تتعلق بخلاف منذ مدة طويلة بين الشريكين علي الانصبة - مجموعة طلعت مصطفي وشركة المملكة. كما يلفت الي انه بالنسبة لقطاع السياحة علي وجه الخصوص فمن الصعب ان يشهد هروبا للاستثمار الاجنبي بسبب الازمة المالية نظرا الي ان الدول العربية وتحديدا السعودية والكويت يستحوذان علي النسبة الاكبر من الاستثمارات الاجنبية فيه وهي الدول التي لم تتأثر بالازمة المالية كما تأثرت بها الدول الغربية، هذا الي جانب ان حوالي 95% من الاستثمارات السياحية في مصر هي استثمارات في الفنادق وهي اصول لايتم نقلها الي الخارج في حالات الازمات ولكن مايحدث فقط هو نقل للملكية من مستثمر الي مستثمر آخر، علاوة علي ان فكرة نقل الاستثمارات السياحية خارج مصر بسبب الازمة قد تكون فكرة مستبعدة لدي الكثيرين لأنه من المعروف ان الاستثمار السياحي من اسرع الاستثمارات التي تستعيد نشاطها بعد الازمات. ويلفت الي ان صفقة الفورسيزون لاتمثل سلوكا غريبا علي سوق السياحة باعتبار ان الشركات الضخمة تحقق ارباحا من خلال ما يعرف ب "قيمة الخروج" وهو ما يعني قيام الشركة بالدخول في استثمار معين وتنميته ثم بيعه بعد ارتفاع قيمته والاستفادة من الفارق وهو سلوك استثماري معتاد سواء كانت هناك ازمات اقتصادية او لم تكن . ويشير الي انه اذا كان قطاع السياحة قد حقق نموا سلبيا خلال الفترة الماضية فتحقيقه للنمو في حد ذاته يمثل ميزة نسبية لمصر في ظل اجواء الكساد التي تخيم علي الاقتصاد العالمي . الاستهلاك المحلي ويري كريم هلال الرئيس التنفيذي ل سي أي كابيتال ان صفقة الفورسيزون تمثل سلوكا فرديا لا يعطي اية مؤشرات علي هروب الاستثمار الاجنبي، ويدلل علي ذلك باستمرار شركات عربية كبري في ضخ استثماراتها خلال الفترة الماضية كقيام شركة الفطيم بضخ استثمارات بمليار جنيه في مدينة سكنية تقوم ببنائها حاليا، كذلك شهد سوق المال المصري عودة للنشاط بعد فترة طويلة من الانخفاض ولعبت الاستثمارات الاجنبية دورا مهما في احياء السوق وهو ما يدلل علي الثقة في السوق المصري. ويشير هلال إلي أن الاستهلاك المحلي في مصر يمثل قوة دفع كبيرة للنمو تعزز من ثقة المستثمرين الاجانب في الاقتصاد المصري في فترة تتسم فيها الاسواق العالمية بالتباطؤ الشديد. ويؤيد عمر مهنا رئيس غرفة التجارة الامريكية الرأي السابق، مشيرا إلي انه لم يلمس اتجاها من المستثمرين الاجانب في مصر الفترة الماضية للخروج من السوق المصري، لافتا الي ان الاصلاحات الاجتماعية التي قامت بها الحكومة ساهمت في ايجاد طبقة وسطي لديها امكانيات استهلاكية كبيرة تمثل عنصر جذب شديدا للاستثمار الاجنبي في مختلف المجالات. هذا الي جانب السيولة الكبيرة التي يتمتع بها القطاع المصرفي المصري والتي تمثل عنصر جذب كبيراً للمستثمرين الاجانب لما تستطيع ان تقوم به من تمويل النمو. علاوة علي الاصلاحات الضريبية والجمركية والادارية التي قامت بها الحكومة المصرية علي مدار السنوات الماضية وساهمت في ايجاد سمعة طيبة للاستثمار المصري. ويشير إلي اننا اذا أردنا ان نقيم البيانات الخاصة بانخفاض تدفق الاستثمار الاجنبي الي مصر في الفترة الماضية يجب ان يكون ذلك من خلال تقييمنا لتباطؤ حركة رؤوس الاموال في العالم في هذه الفترة بمعني ان نقيس نسبة مصر من حصة الاستثمار العالمي في كل عام مرجحا ان حصتنا من الاستثمار الاجنبي ترتفع هذا العام عن المتوسطات العالمية. تداعيات الأزمة ويتفق علي الطاهري المدير التنفيذي لبلتون فاينانشيال مع الآراء السابقة حول ان صفقة الفورسيزون لاتعطي مؤشرا علي هروب الاستثمار الاجنبي في مصر، مشيرا الي ان من اكثر العوامل التي تدفع الاستثمار للهروب هو وضع عوائق علي حركة رؤوس الاموال وهو ما لم تفرضه مصر خلال الفترة الماضية، كما ان الحكومة المصرية واجهت تداعيات الازمة المالية من دون ان ترفع الاعباء الضريبية علي الاستثمار وهو مايعزز من ثقة الاستثمار الاجنبي في السوق المصري.