سيحاول قادة مجموعة العشرين حين يجتمعون غدا الخميس في لندن التوافق علي حلول مشفوعة بآليات للخروج من دوامة الركود الاقتصادي العالمي. وعلي الرغم من الإصرار المعلن من جانب القوي العظمي علي الاستمرار في التفرد بقيادة الإقتصاد العالمي مثلما تجلي في رفض مطالبة الصين وروسيا بعملة احتياطية عالمية جديدة تحل محل الدولار فإن القمة قد تكون نقطة تحول باتجاه نظام اقتصادي عالمي متوازن عبر دور أوسع للاقتصادات الصاعدة. وقد باتت بعض القوي الاقتصادية الصاعدة تلعب دورا مؤثرا في الاقتصاد العالمي كما هو حال الصين التي تملك حوالي تريليوني دولار من الاحتياطات الدولية وتستثمر نصفها تقريبا في سندات الخزينة الأمريكية. وحين زارت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بكين مؤخرا وتوددت إلي القيادة الصينية لكي تستمر في شراء سندات الخزانة لمساعدة إدارة الرئيس باراك أوباما علي تجاوز الأزمة التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي. وقبل أن يعلن اعتراض بلاده علي مطالبة الصين وروسيا بعملة احتياطية جدية بدلا من الدولار ،تدخل أوباما نفسه لطمأنة الصينيين علي استثماراتهم الاقتصاد الضخمة في الإقصاد الأمريكي. وقبيل قمة العشرين التي تضم عددا من أغني الدول الصناعية بالعالم في مقدمتها أمريكا واليابان وبلدان من غرب وشمال أوروبا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا طالبت الصين بمنح الدول الصاعدة مثلها ومثل الهند وروسيا والبرازيل والدول الأقل نموا دورا أكبر في صناعة القرار الاقتصادي العالمي. ويشمل هذا الدور -كما قال الصينيون- دورا أهم في المؤسسات النقدية العالمية وعلي رأسها صندوق النقد والبنك الدوليان يتناسب وحجم الاقتصادات الصاعدة والنامية. وفي علامة واضحة علي ثقتها بنفسها، انتهزت الاقتصادات الناشئة الفرصة التي أحدثتها الأزمة للضغط من أجل اصلاح النظام الاقتصادي العالمي، وهذا من شأنه أن يوقف الدور المهيمن للولايات المتحدة ولعملتها العالمية الدولار، وكذلك دور الدول الصناعية المتقدمة الأخري. وإمعانا في تأكيدهم علي أن تكون ممثلة علي ساحة القوة الاقتصادية العالمية، فإن الاقتصادات الصاعدة في العالم (الصين والبرازيل وروسيا والهند) أصدرت أول بيان مشترك من نوعه في اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين الذي عقد قبل أسبوعين في بريطانيا. وفي بيانها هذا، دعت الدول الأربع إلي دور أكبر في الاشراف علي المنظمات الدولية الكبري في العالم ومن بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذان لا يزالان تقريبا تحت الهيمنة الكاملة لأمريكا وأوروبا. وفي علامة أخري علي التحول المحتمل، وسع منتدي الاستقرار المالي الذي يقع مقره بمدينة بال السويسرية عضويته ليضم القوي الصاعدة في مجموعة العشرين. وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك قبل أيام :"لن نحل هذه المشكلة (الأزمة العالمية) أو نضع لها حلولا مستديمة طويلة المدي إذا قبلنا وجود عالمين". ويرجح مراقبون أن مجموعة الثماني للدول الصناعية الكبري تواجه الآن خطر أن تتواري خلف مجموعة العشرين. وقال وزير بريطاني قبل أيام إن عهد تفرد مجموعة الثماني بالقرار الاقتصادي العالمي قد ولي. وفي إشارة علي المقاومة التي تبديها القوي العالمية المهيمنة، قالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية الأحد إنها تعتقد أنه سيكون من السابق لأوانه أن تقرر قمة مجموعة العشرين الاستجابة لمطالب بكين بأن يكون لها دور أكبر في المؤسسات المالية العالمية، وكذلك فيما يخص العملة العالمية الموحدة.