في الوقت الذي تعاني فيه حركة التجارة العالمية من انكماش غير مسبوق إثر تداعيات الأزمة المالية العالمية أتت التقلبات التي يشهدها سوق الصرف مع ارتفاع العملة الخضراء أمام الجنيه المصري لتزيد "الطين بلة" ووسط توقعات بأن يواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة مع نقص حصيلة الدولة من النقد الأجنبي نتيجة تراجع إيرادات قناة السويس وزيادة الاستيراد في سلع كثيرة علي رأسها الحديد وهو الأمر الذي يدعم مواصلة العملة الخضراء صعودها خلال الفترة المقبلة وعلي ما يبدو فإن العملة الخضراء ستظل المؤثر الأقوي في السوق كالمعتاد في أوقات الأزمات علي الرغم من اتجاه المركزي لاستخدام سلة من العملات وذلك لتقليص الصدمات التي يتعرض لها الاقتصاد القومي فالعلاقة التاريخية بين الجنيه والدولار بدأت منذ سنوات طويلة ففي بداية الستينيات أعلنت مصر بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي أن سعر صرف الجنيه المصري يعادل 2،3 دولار أمريكي.. وأخذ هذا السعر في الثبات لفترة طويلة.. إلي أن شرع تراجع الجنيه أمام الدولار حتي وصل إلي 320 قرشاً لكل دولار أمريكي في بداية عام 1991 وكان سبب هذا التراجع هو بداية البرامج التقشفية التي وضعها صندوق النقد الدولي وتم تثبيت الجنيه مقابل الدولار عند 320 قرشاً. ومع سياسة تثبيت سعر الصرف بدأت قيمة الدولار في الأزدياد مقابل الجنيه المصري في عام 98 ليصل إلي 347 قرشا للدولار.. وهذا الأمر أثار قلق البنك المركزي والذي شرع بالتدخل السريع لضبط سعر الصرف عن طريق ضخ كمية كبيرة من النقد الأجنبي وسار البنك المركزي علي نفس المنوال في بداية 99.. مع ضخ كمية كبيرة من النقد الأجنبي.. في محاولة منه للسيطرة علي ارتفاع الأسعار، إلا أن عملية الضخ التي قام بها البنك المركزي.. أدت إلي انخفاض الاحتياطي.. وتكبد خسائر فرق السعر بين السعر الرسمي للدولار 340 قرشاً وسعر بيعه في السوق 348 قرشا ورغم عمليات الضخ.. إلا أن الدولار واصل ارتفاعه أمام الجنيه المصري ورغم المحاولات التي باءت بالفشل للمحاولة علي ضبط سعر الصرف اتجهت الحكومة إلي النقيض.. وهو تحرير سعر الصرف في عام 2003 وما يتبعها من انفلات في الأسعار وصل إلي حد العاصفة. وظلت التحركات بين الجنيه والدولار حتي الآن بين مراحل من الشد والجذب إلا أن سياسة المركزي الخاصة بالاعتماد علي سلة من العملات لتقليص التقلبات التي يشهدها سوق الصرف ساعدت وعلي نحو كبير في امتصاص صدمات خارجية وداخلية. "الأسبوعي" استطلع آراء مجتمع رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد حول مدي تأثير التذبذب في أسعار الصرف في الآونة الأخيرة خصوصا مع ارتفاع أسعار الدولار أمام الجنيه. المصدرون قللوا من أهمية أن يسهم الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام الجنيه في زيادة حجم الصادرات نظرا لاعتماد كثير من المنتجات علي استيراد سلع وسيطة تؤدي إلي زيادة التكاليف المصحوبة بتراجع في حركة الصادرات بسبب انكماش التجارة العالمية الأمر الذي يؤدي إلي تقليل الآثار الايجابية، بل انعدامها علي قطاع الصادرات. أما المستوردون فقد زادت معوقاتهم بسبب تقلبات سعر الصرف واستمرار التذبذب الحادث بالإضافة إلي تقلص فتح الاعتمادات المستندية من قبل البنوك الأمر الذي يجعل هذه الشريحة في مهب الريح في ظل التحديات القادمة. منافسة شرسة قال الدكتور محمد المنوفي رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر إن الأزمة المالية العالمية ضربت الصادرات المصرية في مقتل وتراجع حجمها بنسب متفاوتة وفقا لأوضاع كل قطاع مقللا من أهمية ارتفاع الدولار واهميته لقطاع التصدير مشيرا إلي أن الفوائد التي يتحدث عنها البعض قد تكون نظرية إلي حد كبير مشيرا إلي أن منتجات التصدير تعتبر منتجات تعتمد علي استيراد سلع وسيطة بتكاليف عالية الأمر الذي يقلل من أهمية صعود الدولار أمام العملات الأخري. واعتبر المنوفي الفترة المقبلة بمثابة تحد ضخم للصادرات المصرية مع تراجع حركة التجارة العالمية وفي ظل منافسة شرسة علي الصعيدين الإقليمي والدولي مشيرا إلي خطورة وجود أسعار تنافسية في الأسواق الخارجية بصورة تقلص من خارطة المنتج المصري في السوق الإقليمي. ويلتقط أطراف الحديث فتحي كامل عضو جمعية مستثمري العاشر من رمضان مؤكدا أن الصادرات في المواد الغذائية تراجعت نسبة 25% بسبب الأزمة المالية العالمية مقللا من أهمية ارتفاع الدولار لزيادة حجم الصادرات مشيرا إلي أن التراجع في حجم الصادرات ليس بالقليل ولا يمكن أن يعوض من تقلبات بسيطة في سعر الصرف.