أصبحت السوق المصرية في حالة ترقب لقرارات البنك المركزي المصري بشأن خفض أسعار الفائدة لاسيما وأن جميع المؤشرات والدلائل كانت تؤكد اتجاه البنك المركزي المصري إلي خفض أسعار الفائدة لدي البنوك كما هو حال جميع البنوك المركزية العالمية من أجل إعادة الأمور إلي نصابها وإحداث التوازن بالسوق. وبات البنك المركزي المصري الوحيد في العالم الذي اتخذ اتجاها مغايرا للبنوك المركزية علي المستوي العالمي بالابقاء علي اسعار الفائدة كما هي دون تغيير برغم توقعات الخبراء بأن المركزي مازالت امامه فرصة بتخفيض أسعار الفائدة في ظل التراجع الملحوظ في معدلات التضخم. وكان اكثر ما يزيد من الشعور بالاتجاه إلي خفض أسعار الفائدة تصريحات المسئولين والوزراء في مصر ومحافظ البنك المركزي بأن التضخم في طريقه إلي الانخفاض. وقال الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء قبل ايام ان معدل التضخم في مصر علي نحو طفيف حتي وصل إلي 20.9% في السنة بنهاية شهر نوفمبر الماضي من 21.1% في السنة حتي اكتوبر، وارتفع التضخم في المناطق الحضرية من البلاد قليلا إلي 20.3% في العام حتي نوفمبر من 20.2% في الشهر السابق بينما نزل معدل التضخم في المناطق الريفية إلي 21.8%من 22.5%. وألقت الحكومة المصرية باللوم علي ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميا عندما قفز معدل التضخم إلي 10.5% علي اساس سنوي في يناير بعد تراجع مطرد منذ سبتمبر. ورفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة 6 مرات متتالية لاحتواء الآثار السلبية للتضخم الذي كان يلتهم النمو في مصر ويعرقل إلي حد كبير من مراحل والنمو والتقدم. وكان رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف قد أكد قبل يومين ان الحكومة المصرية حددت هدفا للنمو الاقتصادي في العام الحالي يبلغ 5.5% بعد ان بلغ النمو 7.2% في السنة المالية 2008/2009 التي انتهت في يونيو الماضي، مشيرا إلي أنه يتوقع انخفاض التضخم الي نحو 10% بحلول الصيف المقبل. وبلغ معدل التضخم السنوي ذروته عند مستوي 23.9% في اغسطس الماضي ثم انخفض إلي 20.3% في نوفمبر. وقال نظيف ان الاقتصاد المصري قوي وقادر علي تحمل الأزمات ويمكنه التأقلم مع متغيرات كثيرة بفضل البرنامج القوي والطموح الذي نفذته الحكومة علي مدي السنوات الثلاث الماضية. واضاف ان النمو غير المسبوق لمدة ثلاث سنوات علي التوالي اكسب الاقتصاد المصري قوة دفع ذاتي حيث زاد متوسط دخل الفرد إلي نحو 10100 جنيه في السنة مقابل 7000 جنيه وتراجع معدل البطالة إلي 4.8% بعد ان كان قد تجاوز ال 10% كما حققت القطاعات الاقتصادية المختلفة طفرات غير مسبوقة في النمو. واعتبر الخبراء ان هذه التصريحات قد تكون مطابقة للحقيقة إلي حد كبير ولكن مع توقعات بانخفاض معدلات التضخم بات من المنتظر أن يقوم البنك المركزي المصري بخطوات مماثلة للبنوك المركزية علي مستوي العالم وان يحذو حذوها ومن ثم القيام بتخفيض اسعار الفائدة لدي البنوك وتوفير السيولة اللازمة التي تحتاجها البورصة بقوة هذه الأيام. يقول الدكتور إسلام عزام استاذ الاقتصاد ان الحكومة والبنك المركزي المصري كانوا علي صواب في الأساليب والاجراءات التي اتخذوها لمواجهة مشكلة ارتفاع التضخم للدرجة التي جعلت مصر تأتي في المرتبة الأولي عالمياً من حيث ارتفاع التضخم وكشف تقرير لمركز دعم واتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصري صدر نهاية شهر سبتمبر الماضي ان مصر تحتل المركز الأول وعلي قائمة عشر دول ذات اقتصادات ناشئة من حيث ارتفاع معدلات التضخم واحتلت المركز الاخير من حيث رصيد الحساب الجاري. واشار التقرير الي ان المعدل الشهري للتضخم في مصر اقترب من 24% وسجل في اغسطس الماضي 23.7% وصعد إلي 23.9% في الشهر الماضي بزيادة 0.2% واظهر التقرير ان مصر الأولي في معدل ارتفاع التضخم خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة ليقترب من 24% مقابل 8.3% في الهند 8.5% في ماليزيا و6.2% في البرازيل و6.4% في تايلاند و5.6% في كوريا والمكسيك و11.8% في كل من تركيا واندونيسيا. وأكد ان البورصة بانتظار قرار البنك المركزي المصري في الايام المقبلة بخفض اسعار الفائدة علي الودائع مشيرا إلي أن البورصة بحاجة فعلية إلي ان السيولة التي لن تتوافر الا بقرار المركزي بخفض سعر الفائدة، خاصة وان البنوك المركزية علي مستوي العالم قامت بنفس الاجراء في سبيل انقاذ الموقف وعودة النشاط الي بورصاتهم ووقف نزيف الخسائر الفادحة التي لحقت ببورصاتهم، ان البورصة تمر حاليا بمرحلة صعبة للغاية ناتجة عن الازمة المالية العالمية وما تسببت فيه من قيام المتعاملين العرب والاجانب الي التكثيف من عملياتهم البيعية في البورصة خلال الفترة الماضية بغرض تغطية مراكزاهم المكشوفة في بورصاتهم العالمية والعربية. واكد ان هذه الازمة اصبحت في حاجة إلي تحرك سريع من قبل الجهات المتخصصة وبخاصة البنك المركزي المصري بأن يقوم باتخاذ قرار بخفض اسعار الفائدة علي الودائع ومن ثم عودة النشاط للبورصة من جديد. واشار إلي أن الوقت اصبح ملائما تماما والظروف مواتية بأن يقوم المركزي بخفض اسعار الفائدة لاسيما وان جميع المؤشرات والتوقعات تؤكد تراجع معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة وهو ما ستسفر عنه بيانات الحكومة بإنتهاء الشهر الجاري. ومن جانبه أشار الدكتور محمد الغرباوي أستاذ التمويل والمنظمات بجامعة الزقازيق أن التعجل في إقامة السوق العربية المشتركة تعد الحل الأمثل والوحيد لمحاربة التضخم في الدول العربية، مشيرا إلي أن التضخم ارتفع بصورة مخيفة في مصر والدول العربية أدت إلي ارتباك الخطط الاستراتيجية في البنوك المركزية العربية والتي قامت برفع أسعار الفائدة عدة مرات للسيطرة علي التضخم مما ترك آثارا سلبية كبيرة علي حركة النمو في البلدان العربية وأرجع السبب في ارتفاع معدلات التضخم في مصر والدول العربية بهذه الصورة المخيفة إلي انخفاض حجم الصناعات الكبري بالوطن العربي وما نتج عنه من ضعف القيمة المضافة في تلك الدول انخفاض حجم الصادرات العربية إلي الدول الأخري. ويقول إن نسبة التضخم في دول الخليج العربية تتراوح ما بين 18% إلي 24% أما بالنسبة لدول المغرب العربي والسودان فيتراوح بين 30% و 40%. وأشار إلي أن هذه النسب المرتفعة في معدلات التضخم باتت تهدد الاقتصاد العربي بشكل مباشر. وحول إمكانية الحد من التضخم أكد أن إقامة السوق العربية المشتركة هي الحل الوحيد لمحاربة التضخم بالدول العربية والقضاء عليه مشيرا إلي أنه لابد أن تكون هناك قاعدة صناعية قوية داخل الوطن العربي وافساح الطريق أمام الأيدي العاملة بين الدول العربية.