إن قضايا التهرب الضريبي خلال الفترة من يناير إلي ديسمبر العام الماضي بلغت 240 قضية: هذا ما كشف عنه مؤخرا أحمد سعودي رئيس مصلحة الجمارك وقد احتلت الملابس الجاهزة المرتبة الأولي في هذه القضايا حيث استأثرت بنسبة 22% من جملة هذه القضايا وتلتها قضايا تهريب الأدوات المنزلية وقد احتلت نسبة 9.6% وجاءت قطع غيار السيارات في المرتبة الثالثة حيث شغلت 8.5% من جملة القضايا مشيرا إلي أن قيمة المضبوطات بلغت 20.4 مليون جنيه. من ناحية أخري أكد الخبراء الذين التقت بهم الاسبوعي أن قضايا التهرب الجمركي إلي زوال خاصة بعد قرارات القمة الاقتصادية في الكويت مؤخرا والتي ستسمح بحرية التبادل التجاري بين الدول العربية دون جمارك بالاضافة إلي تطبيق اتفاقيتي الجات والكويز واللتين ستسمحان أيضا بحرية التبادل التجاري بين مصر و187 دولة دون فرض أي قيود جمركية. وما المصانع التي تقوم بتلك العمليات غير المشروعة بمعني هل هي الصناعات العشوائية أم الصناعات الصغيرة أم المصانع الكبري؟ بداية يشير رزق أحمد رزق خبير الضرائب إلي أن عمليات التهرب الضريبي، ظهرت في بداية الستينيات مع صدور قانون الجمارك رقم 66 لسنة62 والذي كان يحرص علي تشجيع الصناعة الوطنية، بمنع الاستيراد وفرض الرسوم الجمركية العالية علي البضائع الواردة، مما أدي إلي ظهور تجار الشنطة، حيث كانوا يجلبون البضائع من لبنان وسوريا وغزة وقت أن كانت تحت السيطرة المصرية وليبيا إلي مصرفي الخفاء، كما كانت السفارات الأجنبية في مصر تجلب البضائع من لبنان والخمور داخل الحقائب الدبلوماسية للاستخدام الشخصي أو التجارة. وأشار إلي أن البضائع التي يتم ضبطها في ذلك الوقت كانت مصلحة الجمارك تصادرها وتطرحها للمزاد العلني مما أدي لظهور بزنس "بيع الفواتير" حيث يقوم التجار بالدخول في المزادات للحصول علي فواتير مسددة الرسوم من مصلحة الجمارك، يستخدمونها بعد ذلك في بيع بضائعهم المهربة حتي وصلت سعر الفاتورة الواحدة إلي آلاف الجنيهات. ويلفت رزق إلي ما يمارس حاليا من ألاعيب للتهرب الضريبي، حيث يسجل في الفواتير أن ما قام باستيراده لعب أطفال رغم أنها في حقيقة الأمر قد تكون ساعات لأن الرسوم المفروضة علي لعب الاطفال أقل من تلك المفروضة علي الساعات، مشيرا إلي أن القانون يعطي الحق لمصلحة الجمارك في الكشف عن 10% فقط من إجمالي البضائع المستوردة مشيرا إلي أن خراب ذمم بعض رجال الجمارك قد يسهل عمليات التهريب، مؤكدا أن معظم البضائع الموجودة في شارع عبدالعزيز بالعتبة مهربة. وحول أهم البضائع التي يتم تهريبها في الوقت الحاضر يشير رزق إلي أن الأدوية والمنشطات الجنسية والكمبيوتر والموبايلات من أهم البضائع التي تدخل إلي مصر دون مرورها علي الرقابة الجمركية، ومعظمها يأتي من الصين والهند. وحول القوانين التي تحكم عمليات التهرب الجمركي يشير رزق أحمد رزق إلي أن العقوبة تنص علي أن يدفع المتهرب القيمة الجمركية للبضائع بالاضافة إلي تعويض نسبي وإلا تمت مصادرة البضائع، وإذا ما كرر المتهرب فعلته للمرة الثانية فقد يحكم عليه بالحبس. رواج تجاري وحول أسباب احتلال الملابس الجاهزة لقمة قضايا التهرب الجمركي يشير مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة سابقا إلي أن 50% من الملابس الجاهزة في الاسواق المصرية مهربة، وذلك لأن قطاع الملابس من القطاعات التي تلقي رواجا تجاريا كبيرا، كما أن الرسوم الجمركية المفروضة علي الملابس تبلغ 30% من قيمة البضاعة بالاضافة إلي 10% ضريبة مبيعات وذلك يفسر أسباب تصدر الملابس لقائمة البضائع المهربة. وأوضح أن تهريب الملابس يتم بأسلوبين الأول التهرب السعري ويعني تقييم أسعار الملابس بأقل من قيمتها الحقيقية من خلال فواتير مزورة والثاني هو التهرب الكامل أي تصبح الضريبة الجمركية علي البضائع صفرا وذلك ناتج عن عدم التغطية الكاملة للمجتمع الضريبي لافتا إلي أن البعض من المستوردين لا يريد أن يدفع أي شيء من حقوق الدولة لعدم رغبته في اظهار رقم أعماله وبعض القوانين تساعدهم علي ذلك وقد يلجأ بعضهم إلي الاستيراد باسماء موظفين يعملون بشركاتهم بحيث إذا تم اكتشافه، يسهل علي صاحب العمل الاستعانة بموظف آخر، دون أن يتورط في القضية. من ناحية أخري يشير طلبة إلي حجم الظلم الواقع علي بورسعيد حيث اشتهرت بأنها مركز البضائع المهربة مما يستحيل معه تقييم المشكلة وحلها لافتا إلي أن التهرب الضريبي يحدث بكثرة في الموانئ الجافة أيضا، محملا المسئولية لغرفة الصناعات النسجية التي كان لابد لها أن تحصر هذه الظاهرة وتطرح الحلول لمواجهتها.