حوار: جيهان الصاوي محمد الشيخ لماذا دائما نحمل الهم أكثر من الحكومة؟! ولماذا نحن دائما متشائمون؟! هذه التساؤلات دارت بداخلنا بعد أن خرجنا من مكتب الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية بعد حوار معه دام نحو ساعة و46 دقيقة حول تداعيات الأزمة المالية العالمية علي الاقتصاد المصري.. وبعد أن مر الوقت ونحن نسمع لسيناريوهات الدكتور عثمان خرجنا ونحن متفائلون.. بل ربما أكثر تفاؤلا من توقعات وزير التنمية الاقتصادية. الوزير لا يتوقع خسائر أكثر من 25 مليار جنيه علي الاقتصاد ويفسر ذلك بأن عائدات قناة السويس ستنخفض بحوالي 400 مليون دولار وتحويلات المصريين بحوالي مليار دولار والسياحة بحوالي مليار ونصف المليار دولار والاستثمار الأجنبي بحوالي 2،2 مليار دولار. ورغم ذلك أكد الدكتور عثمان أن الحكومة لن تحتاج للعودة إلي مجلس الشعب لاستصدار تشريع بتمويل أي عجز في بنود داخل الموازنة نتيجة لانخفاض الايرادات وذلك لأنه وفق منطق "من دقنه وافتله" فإن هناك بنودا من الموازنة وأغلبها من الدعم ستحقق فوائض نتيجة لانخفاض أسعار السلع عالميا سيتم توجهيها للانفاق العام وبالتالي لن نحتاج لتمويل أضافي.. وأكد أن هذا هو السيناريو المتفائل للأزمة. أما السيناريو الأسوأ فالدكتور عثمان يتوقع أنه في حالة فشل الاقتصادات الكبري في احتواء الأزمة سيدخل الاقتصاد العالمي حالة "انهيار" علي حد تعبيره وهو ما سيصيب الجميع ونحن معهم باضطراب رهيب. وأكد في حواره مع "الأسبوعي" أن الحكومة ليست في حالة "تخمين" وإنما في حالة "توقعات" مبنية علي المعلومات.. وفيما يلي الدعوة للتفاؤل التي يقدمها لنا الدكتور عثمان.. والحكم لكم في النهاية. * بعد مرور شهرين علي الأزمة المالية العالمية ما تأثير ذلك علي الاقتصاد المصري وعلي القطاعات الاقتصادية كل علي حدة خاصة أنك حددت في بداية الأزمة أن خسائر مصر ستبلغ 25 مليار جنيه وأن مصر ستعوض من مواردها حوالي 15 مليار جنيه؟! ** المبدأ في مثل هذه الأمور ليس التخمين إنما التقدير للاحتمالات المختلفة ودراسة المحددات بغرض وضع إجراءات محددة أمام كل سيناريو من السيناريوهات وبصورة عامة الأزمة ستترك تأثيرا علي الاقتصاد المصري وفي مقابله إجراءات عامة لتلافي تلك التأثيرات بغض النظر عن السيناريوهات وحتي هذه اللحظة فإن الأزمة مازالت أزمة مالية وفي الجهاز المصرفي غير الرسمي أو البنوك التجارية تحديدا حيث بدأت في قطاع التمويل العقاري في الولاياتالمتحدةالأمريكية ثم توسعت إلي صناديق الاستثمار وبنوك الاستثمار والسؤال الرئيسي الآن في كل دول العالم هل تنتقل الأزمة من النظام المالي إلي الاقتصاد العيني؟! وثانيا إلي أي مدي سوف تؤثر تلك الأزمة علي دول الاتحاد الأوروبي وبقية دول العالم؟! خاصة أن ردود أفعال الحكومة الأمريكية والبنك الفيدرالي كانت أسرع من ردود أفعال الحكومات السابقة في الأزمات المشابهة للأزمة الحالية.. فخلال الأزمة المالية الشهيرة أيام روزفلت لم تتخذ الحكومة الأمريكية وقتها أي إجراء قبل مرور مائة يوم أما في الأزمة الحالية تم اتخاذ إجراءات سريعة وعلي نطاق واسع من قبل الحكومات الغربية والبنوك المركزية. وفي رأيي أن هذا موقف إيجابي ويرد علي التساؤل عن انتقال الأزمة من النظام المالي إلي الاقتصاد الحقيقي وثانيا إذا انتقلت الأزمة إلي الاقتصاد العيني وهو ما حدث مؤخرا فالمقياس هنا للأزمة ليس معدل النمو خاصة أن الاقتصاد الأمريكي حينما كان يحقق معدل نمو 2،5% كان هذا هو قمة الرواج للاقتصاد الأمريكي أي أن مقياس معدل النمو مسألة نسبية لقياس مدي تأثيرات الأزمة فمثلا الصين والتي تحقق معدل نمو حوالي 12% فإذا انخفضت إلي 10% فهناك مشكلة أما إذا انخفض الاقتصاد الأمريكي بنفس المعدل فليس لديه مشكلة لكن إذا وصل معدل نمو الاقتصاد الأمريكي صفر أو -0،5% نبدأ الشعور بالمشكلة.. والخطورة هنا ليس الانخفاض في معدلات النمو المتواضعة وإنما طول الفترة التي سيعيشها الاقتصاد الأمريكي في هذا الانخفاض.. وفي تقديري أن هذه الفترة لن تزيد علي سنة نتيجة لترابط الاقتصادات العالمية وكذلك ردود الأفعال السريعة من قبل الحكومات والتي ظهرت خلال الفترة الماضية وهو ما سيقلل من تأثير تلك الأزمة علي الاقتصاد العالمي ويجب ألا تبالغ في التخوف من انخفاض معدلات النمو للاقتصادات المتقدمة.. وفي تقديري أن هذه الأزمة لن تستغرق أكثر من سنة أو 18 شهرا علي أكثر تقدير.