مؤتمر "حوار الأديان" الذي عُقد في الفترة ما بين ،12 13 من نوفمبر الحالي في مقر الأممالمتحدةبنيويورك جاء بمبادرة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاهل السعودية وكان بمثابة امتداد لمؤتمر حول العلاقة بين الأديان نظمه عاهل السعودية بالاشتراك مع نظيره الإسباني خوان كارلوس وعُقد في يوليو الماضي في مدريد. ولعل الملمح الرئيسي الذي أثار الانتقاد في مؤتمر "حوار الأديان" كان حول دعوة "شيمون بيريز" و"تسيبي ليفني" من قِبل "بان كي مون" سكرتير عام الأممالمتحدة للمشاركة في المؤتمر وهو ما استغله ساسة إسرائيل لتحويله من حوار حول الأديان إلي حديث حول السياسة تطرق معها "بيريز" إلي الحديث عن مبادرة السعودية تحديداً وليس المبادرة العربية وإمكانية أن تكون منطلقاً لتفاهم بين الأطراف. ولكن وحتي وإن أبْدَّت إسرائيل قبولاً بمبادرة السعودية بوصفها لا تتضمن حق العودة فإنها ورغم ذلك لجأت إلي المراوغة وتحدثت عن أن المبادرة السعودية تظل غير كافية لإحلال السلام! لقد بعد "بيريز" كثيرا عن منطلقات السلام التي أراد طرحها في المؤتمر وغاب عنه أنه يظل مستحيلاً الحديث عن الوئام بين الأديان دون حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي حيث إن استمرار الصراع من شأنه أن يزرع بذور الفرقة والانقسام وبالتالي لابد من إيجاد سلام مبني علي القيم العميقة التي تشمل قيم العدالة واحترام القانون الدولي وحق الشعوب في العيش بكرامة وهو منطلق لا تؤمن به إسرائيل أصلاً لأنها تريد السلام والأمن والأرض والمياه وكل شيء دون أي مقابل ولهذا كانت مشاركة رئيس الكيان الصهيوني في بحث أمور الدين أمراً مثيراً للسخرية. حوار علي المحك ونتساءل: كيف بمن يحتل الأرض ويهوِّد القدس ويجبر الناس علي إخلاء منازلهم ان يتم الوثوق به؟ فبالتزامن مع انعقاد المؤتمر المذكور كشفت صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية عن مخطط كبير تقوم به إسرائيل سيتم بموجبه بناء مئات الوحدات السكنية في إطار تكثيف الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدس الذي يمضي علي قدم وساق منذ بضعة أشهر بعد موافقة ايهود باراك وبمعني آخر فإن اسرائيل تفرض حقائق جديدة علي الأرض من خلال تعميم الاستيطان في كل مكان بدعوي مجابهة النمو الطبيعي للسكان فهل يمكن الحوار مع استمرار قهر الفلسطينيين؟ هل يمكن وضع صدقية الحوار علي المحك في ظل الاحتلال وانتهاك حقوق الفلسطينيين بصورة منهجية ومنها حق عودة اللاجئين إلي أرضهم؟! حوار الأديان مع من؟ إن ما جري في نيويورك أشبه ما يكون بتطبيع مجاني مع محتل غاصب يمارس العربدة اليومية في القتل والهدم والتدمير والاقصاء والمصادرة ويقوم بخروقات يومية لقرار مجلس الأمن 1701 عندما تنتهك طائراته الاجواء اللبنانية. ويرد التساؤل: حوار الأديان مع من؟ مع من طمس حقوق المسلمين والمسيحيين في القدس وأبقي علي الدين اليهودي وحده؟ لقد ألغت اسرائيل علي أرض الواقع الدينين الإسلامي والمسيحي فعلام توجيه الدعوة إلي رئيس الكيان الصهيوني تحت ذريعة التحاور معه حول الأديان؟ عن أي دين يتحدثون اللهم إلا إذا اعتبروا الديانة اليهودية هي الديانة التي تجب كل الديانات الأخري؟! دعوة تاريخية تطلعت إسرائيل إلي أن تتم دعوتها إلي مؤتمر الأديان ولهذا اعتبرتها دعوة تاريخية، فهذه هي المرة الأولي التي تشارك في مؤتمر جاء بمبادرة من السعودية التي سبق لها وأن عقدت مؤتمراً في "مدريد" في يوليو الماضي، ومؤتمراً في "مكة" في مارس الماضي بيد أنَّ إسرائيل لم تدع إليهما وهذه المرة تمت الدعوة ومن ثم نظرت للمؤتمر علي أنه للتطبيع وليس للتقريب بين الأديان وانبري بيريز يتعامل معه من خلال تحقيق أهداف سياسية من ورائه. مؤتمر لا يسفر عن شيء ولا يخفي أنه قد تعددت المؤتمرات حول حوار الأديان ولم تسفر عن شيء بل علي العكس وجدنا من يجترئ علي الإسلام ويسيء إلي النبي صلي الله عليه وسلم، ووجدنا الأمريكي الذي يمزق المصحف في "جوانتانامو" والذي يقذف به في المرحاض في سجن "أبو غريب"، فالمؤتمرات لم تسفر عن شيء علي الإطلاق. وهنا نقول أما كان من الممكن عقد مؤتمر لدول العالم الإسلامي أولاً بحيث يتم الاتفاق علي الأجندة التي يتبناها المسلمون والتي يمكن لها بعد ذلك أن تطرح في مؤتمر يضم سائر الأديان؟