كشفت حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن كثير من المفاهيم الخاطئة لدي الأمريكيين عن العرب والمسلمين..! فقد كتبت السيدة مارسيا ستيرمان المسئولة في الحزب الجمهوري في ولاية نيو مكسيكو مقالا في صحيفة محلية أوضحت فيه الأسباب التي تجعلها جمهورية تؤيد المرشح جون ماكين ضد الديمقراطي باراك أوباما. ووجهت في هذا المقال اتهاما لأوباما بأنه "مسلم اشتراكي".. وأضافت "إن المسلمين هم أعداؤنا" لذلك لا ينبغي التصويت لهذا الرئيس المسلم..! ولم تكن السيدة مارسيا وحدها التي تعلن العداء السافر للإسلام وتعتبره عدوا للغرب إذ إن عبارة "أوباما مسلم" انتشرت كثيرا في عدد من الولاياتالمتحدةالأمريكية وتعتبر من أهم أسلحة ماكين ضد أوباما إلي الحد الذي دفع أيضا عددا من الشباب أعضاء الحزب الجمهوري إلي ارتداء قمصانا عليها شعار الهلال والنجمة إلي جانب الشعار النازي وهو الصليب المعقوف في إشارة إلي أن الإسلام لا يختلف عن النازية..! ولقد كان الرئيس جورج بوش هو أول من أعلنها صراحة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حين قال إنها ستكون حربا صليبية ثم عاد وتراجع بأن ذلك كان خطأ غير مقصود..! وأياً ما يكن الاعتذار أو التبريرات فنحن فعلا أمام حالة من العداء الغربي غير المفهوم وغير المبرر. فإذا كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد ألصقت بالعرب والمسلمين فإننا كنا أول من ندد بها واعتبرناها إرهابا وقلنا إن من قاموا بهذا العمل لا يمكن أن يكونوا مسلمين بل "قتلة".. وشارك في التنديد بهذه العمليات كل الدول العربية والإسلامية بلا استثناء وتساوي في ذلك الدول الصديقة لأمريكا والمعادية لها. ورغم أن أحدا حتي الآن لا يعتقد في الرواية الأمريكية بأن عناصر القاعدة كانوا وراء هذه التفجيرات إلا أن العرب مع ذلك فتحوا خطا ساخنا مع الولاياتالمتحدة لملاحقة "القاعدة" في كل مكان وسلموهم كل ما يعرفون من معلومات عن هذا التنظيم إيمانا منهم بأن هذا العمل الإرهابي أضر بمصالح العرب والمسلمين ودفع بهم إلي مواجهة غير متكافئة وجعل منهم هدفا سهلا لتحقيق الأهداف الأمريكية. وفي هذا نقول إنه حتي لو لم تحدث أحداث الحادي عشر من سبتمبر فإن الولاياتالمتحدة كانت قد وضعت استراتيجيتها علي اعتبار أن الإسلام هو الخطر القادم بعد سقوط الشيوعية وكان عليها أن توجد حالة من العداء مع عدو ما حتي تظل أمريكا دائما في حالة استنفار وحتي تتلافي حالة الترهل التي كان يمكن أن تصاب بها وتقضي عليها كما حدث مع امبراطوريات أخري سابقة. وقامت أجهزة الاستخبارات والأمن الأمريكيةوالغربية بتزويد وسائل الإعلام بمعلومات مضللة عن خطورة "القاعدة" والمنظمات الإسلامية المتطرفة وتحدثت عن إفشال العديد من العمليات الإرهابية لهذه المنظمات وألصقت بها مسئولية أي عمل عنف يتم في أي مكان في العالم، ومن جانبها قامت وسائل الإعلام بتضخيم الخطر وجعلت الرأي العام الغربي والأمريكي في حالة توجس وخوف من العرب والمسلمين، وهو ما دفع السيدة مارسيا القيادية في الحزب الجمهوري إلي اعتبار المسلمين هم أعداء الولاياتالمتحدة. وإذا كانوا هم يعتقدون في ذلك فهل نحن فعلا أعداء للغرب وهل نحن في حالة حرب معهم..! إن بعض خطباء المساجد يرددون دائما دعاء في صلاة الجمعة بالدعوة إلي هلاك الكفار والقضاء عليهم، وهم في الحقيقة يكررون هذا الدعاء دون التعمق في المعني والهدف والتأثير، ويردد الناس وراءهم بطريقة آلية تلقائية أوتوماتيكية كلمة "آمين" دون أيضا تعمق وتأمل في المعني والأبعاد، ولكن الحقيقة هي أن كل هؤلاء لا يعرفون معاني العداء ولا يضمرون للأديان الأخري شرا ولا هم أيضا يقرون العنف أو الأعمال المسلحة. ولا يوجد ما يسمي بالعداء الديني من جانب المسلمين تجاه الغرب وإنما هناك حالة من عدم الرضا تجاه المواقف السياسية الغربيةوالأمريكية بشكل خاص ويتم التعبير عن هذه الحالة علنا ودون خلط بالدين أو بالعقيدة..! وإذا كان هناك من يجب أن يعتبر الآخر عدوا فإننا الذين من حقنا أن نغضب وأن نتشكك في نوايا الغرب تجاهنا، فنحن لم نجد منهم إلا كل التجاهل وكل الظلم سواء في عهود الاحتلال واستنزاف خيراتنا أو بعد ذلك في تزويد ودعم إسرائيل بالسلاح لاحتلال أراضينا وقتل المدنيين والأبرياء..! إننا نأسف لما كتبته هذه القيادية الجمهورية الأمريكية ولكن عزاءنا في ذلك هو أن الأمريكيين هم أجهل شعوب العالم بما يدور علي الجانب الآخر.. فهم الأكثر انغماسا في المحلية والرئيس الأمريكي نفسه أخطأ مرات عديدة في أسماء دول عريقة وصديقة لأمريكا والتمسوا له العذر في ذلك لأنه قبل أن يكون رئيسا فهو أمريكياً..! [email protected]