رغم الأزمة الطاحنة التي تجتاح وول ستريت وأسواق الائتمان الأمريكية قام وارين بوفيت أخيرا بتقلد دور البطل والمساهمة في إنقاذ اثنتين من أكبر الشركات الأمريكية عن طريق ضخ جزء من أمواله فيهما. الشركة الأولي كما تقول مجلة "الايكونوميست" شركة مالية هي بنك الاستثمار الشهير جولدمان ساكس الذي كان قد اوشك علي الموت بعدانهيار بنك ليمان براذرز.. أما الشركة الثانية فهي جنرال اليكتريك أكبر الشركات الصناعية في الولاياتالمتحدة وقد تجاهل بوفيت الذي يعيش في سبعينيات العمر كل ما يشاع عن صحة جنرال اليكتريك واستثمر فيها 3 مليارات دولار دفعة واحدة. وكما حدث مع جولدمان ساكس حصل بوفيت علي شروط جيدة لاستثماراته في جنرال اليكتريك حيث حصل علي حصة أسهم مفضلة تختلف بطبيعة الحال عن الأسهم العادية وتبلغ نسبة عائدها الموزع 10% إلي جانب وعد باستثمار 3 مليارات دولار أخري في جنرال اليكتريك إذا وافق مجلس إدارتها علي أن يكون سعر السهم 22.25 دولار أي أقل من السعر المعلن للسهم عندما أعلن بوفيت عن استثماراته في جنرال اليكتريك. ومعروف أن بوفيت يستثمر باسم شركته العملاقة بيركشاير هاثواي وأن صداقته مع هانك بولسون وزير الخزانة الأمريكي تشجعه علي مواصلة استثماراته حيث يؤمن أنه مادام أن بولسون هو الذي يدير معركة الخروج بالاقتصاد الأمريكي من أزمته الراهنة فإنه سيظل قادرا علي أن يضيف إلي سمعته وثروته في آن واحد. والأمر المؤكد أن اقتران اسم بوفيت بالاستثمار في جنرال اليكتريك سيشجع الآخرين علي شراء إصدار الأسهم الجديدة الذي طرحتها الشركة لعامة الناس والبالغ حجمه 12 مليار دولار علي الرغم من أن الأسهم العادية أكثر عرضة للمخاطر بكثير من الأسهم المفضلة. فاستثمارات بوفيت تعد تصويتا بالثقة علي قوة جنرال اليكتريك وجودة سياسات رئيسها التنفيذي جيفري إيميلت الذي يقودها منذ نحو 7 سنوات. وتقول مجلة "الايكونوميست" إن ايميلت يتبع استراتيجية تستهدف الانتقال بجنرال اليكتريك من الأنشطة ذات هوامش الربح الصغيرة إلي الأنشطة ذات هوامش الربح العالية وهي استراتيجية لا يمكن تخطئتها ومع ذلك فإنها لم تكن استراتيجية جاذبة للمستثمرين ولذلك هبطت أسعار أسهم جنرال اليكتريك في البورصة وهبطت بالتالي قيمتها السوقية إلي نصف ما كانت عليه منذ عام واحد فقط وأصبحت لا تتجاوز 244 مليار دولار. والحقيقة أن معظم مشكلات جنرال اليكتريك في الفترة الأخيرة تأتي من ذراعها المالي جنرال اليكتريك كابيتال الذي يتعرض للانكماش.. ويعاني هذا الذراع المالي من مشكلات بسبب أزمة سوق الرهونات العقارية الأمريكية ومشكلات أخري في محفظة بطاقات الائتمان الكبيرة التي أصدرها إلي جانب مشكلات ممتلكاته التجارية.. ويخشي المستثمرون علي نشاط جنرال اليكتريك الصناعي المالي المخلط إذا ما فقدت الشركة درجة الملاءة الأولي (AAA) قد اعلنت أخيرا بسعادتها بما قام به بوفيت من استثمارات في جنرال اليكتريك وقالت إن هذا يدعم تمتع الشركة بدرجة الملاءة الأولي. وتجدر الإشارة إلي أن الأزمة المالية الأمريكية الراهنة لن تتيح لجنرال اليكتريك فرصة التخلص الآمن من ذراعها المالي جنرال اليكتريك كابيتال والأرجح أن هذا الذراع المالي سوف يعتمد علي السيولة التي يولدها النشاط الصناعي للشركة الأم.. ومما يذكر أن ايميلت كان قد نجح خلال الصيف المنقضي في إضافة ظهير قوي لشركته هو صندوق الاستثمار السيادي لأبو ظبي المعروف باسم "مبادلة" وذلك قبل أن يقرر بوفيت مجاملته والانضمام بثقله المعروف إلي قائمة المستثمرين في جنرال اليكتريك.